وجه الرئيس مبارك رئيس الحزب، بأن ينزل أعضاء الحزب الوطني إلي الشارع استعداداً للانتخابات القادمة. فماذا يقول المرشحون للناخبين إذا كان الحزب عازماً حقاً علي ضمان نزاهة الانتخابات؟ في مجال الفساد، ماذا يمكن للحزب أن يعمل وهو نفسه رأس الفساد. وماذا يقول في مجال الكفاءة وقد أثبت بغير شك أنه يستعين بأقل المصريين كفاءة حتي أثبتوا بلا شك أيضاً أنهم عباقرة في تدمير مصر بشكل منظم. والفساد وانعدام الكفاءة متلازمان وهي منظومة طفت علي قطاعات من المجتمع، فأصبح للفساد منبع ولكنه يسري في المجتمع فتنهار قيمه وتتراجع أخلاقياته أمام المال الحرام بلا رقابة أو حساب. وقد لاحظ المجتمع المصري أن ما يقوم به الحزب الوطني هو أعظم دعاية لكي يشعر أعضاؤه بعد ذلك بالخجل من مجرد لقاء الناس، ناهيك عن دعوتهم إلي دعمهم لاستمرار فسادهم وتجبرهم. هل يقول الحزب أنه أرهق المواطن في جميع قطاعات الحياة، وكذب عليه وأفقده مصداقيته، وهي أساس العلاقة بين الحكم والمواطن. وماذا يقول له في أن بقاءه في السلطة ثلث قرن قد جذر كل السلبيات وترك مصر جثة هامدة. وماذا يقول في نزيف العقول، ونزيف الدماء في الفتن الطائفية، وإهانة المواطن أمام ضرورات الحياة وصمت الحكومة عن تفسير أي تصرف مؤذ للشعب، وإفساد القضاء، وتزوير انتخابات مجلس الشعب، وتزوير الاستفتاء علي تعديلات الدستور التي فصلت لكي تنال من حريات الشعب وما بقي فيه من ضمانات. وماذا يقول كتبة الحزب في الصحف القومية الذين ينطلقون في حملات مسعورة للدفاع عن السياسات الضارة بالوطن. ألا يدفع الشعب الملايين لهذه الأبواق حتي يتلقي منهم الثقافة والعلم والرأي الصائب الذي يوجه أخطاء الحكومة لا أن يسمح بحمدها علي الدوام. وماذا يقول الكتبة في أن مؤهلاتهم ليست في قدراتهم الصحفية المعدومة، وأن علاقتهم بالأمن وقدرتهم علي التفاهة والسطحية وإلغاء شخصياتهم وعقولهم هي التي أهلتهم لهذه المناصب، وكلما ارتفعت قدرة الواحد منهم علي الخداع والنباح وادعاء الموضوعية والعقلانية كلما علا قدره في عطاء السلطان وقربه من ساحاته. ماذا يقول الحزب للمواطن المصري وقد رأي بلاده في مؤخرة بلاد المنطقة وهي المؤهلة لقيادتها؟ كيف يفسر الحزب علاقة سلطته بإسرائيل وأمريكا وانسحاق السلطة أمام إملاءات وتجاوزات واستخفاف منهما بمصر العظيمة التي نجح الحزب في تقزيمها، فانخرطت في معارك صغيرة دفاعاً عن واشنطن وإسرائيل. كيف يبرر الحزب مسئولية مصر في عهده عن كل ما أصاب العالم العربي من دمار واحتلال وتفتيت بعد أن تحولت مصر عن دورها التاريخي في حماية الأمة إلي العكس تماماً. وألا يشعر الحزب بأن نهب مصر قد أفني ثرواتها، وأن استمراره في الحكم سوف ينهي البقية منها؟ وهل يشعر الحزب أنه أصبح كل الدولة وكل الثروة وكل السلطة بحيث أصبح المصريون والقوي السياسية جميعاً علي الهامش وهم متطفلون علي أصحاب الحق الشرعي في نهب مصر والحديث باسمها. إنني أدعو للمرة الألف إلي أن يراجع الحزب نفسه ولن يغفر له الشعب ما عاناه في ظل حكمه، وإذا أراد أن يعرف رأي الشعب فيه، وهو يعرفه بالقطع فليجري انتخابات نزيهة بلا تزوير أو قهر أو بلطجية وتحت عين المجتمع الدولي. وإذا لم يكن يشعر بما عاناه الشعب طوال العقود الماضية، فلا يستحق أن يبقي يوماً واحداً، والأشرف له أن يقدم اعتذاراً لهذا الشعب لعله يضمن له مكاناً في أي من مداخل تاريخ هذا الوطن. إن التاريخ لن يغفر لفئة عقدت العزم وأقسمت يمين الولاء لله علي الإضرار بهذا الوطن الذي احتضنهم وهم يسيئون إليه، منحهم الصحة فأهدوا شعبه الأمراض والأوبئة، منحهم الأمن والأمان فجعلوا شعبه يعاني الخوف علي كل شيء من كل شيء، ومنحهم المال، فحول الحزب شعب مصر إلي فقر مدقع فرفع الحقراء وأذل العظماء، قلب موازين العدل والحساب، ونسوا أنهم كسبوا الدنيا قهراً عن أهلها، وأن لهم في الآخرة ما يستحقون من لقاء. وهل يغفر الله لمشايخ النظام استخفوا بكتاب الله واشتروا دنيا زائلة بآخرة باقية. وأخيراً أهيب بمشايخ النظام أن يعلنوا توبة نصوحاً إلي الله الذي شبت أظافرهم علي لقائه علي صفحات القرآن وغداً يلقونه أليس الصبح بقريب!؟ وفي نفس الوقت أدعو أصحاب الضمائر إلي حماية وعي هذا الشعب من الرجل الذي يتعرض له حتي يبني الشعب غده بيده بعد أن خزله من ظن أنهم علي نفسه آمناء.