أكد د. علي عمر كبير أمناء لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن أساس مهنة الطب ينبني على الأمانة، وأن تلك المهنة تعد من أرقى المهن وأخطرها وأنها تتعلق بأدق الأمور، حيث إن الطبيب يعمل فيما صنع الله أي أنه بوصفه العلاج إما أن ينفع أخاه في الإنسانية أو يلحق به الضرر. وقال خلال كلمته في ندوة الطب بين الشريعة والقانون التي نظمتها النقابة الخميس 25 إبريل الجاري، إن أمانة الطبيب تتمثل في حفظ سر المريض والتشخيص السليم وكتابة الدواء، مشيرا إلى أن الطبيب يطلع على أسرار المرضى وأن المريض يسلم نفسه لطبيبه ويطلعه على كل أسراره التي لا يطلعها على غيره، وذلك بموجب مهنته التي أرادها الله له. وأوضح أن حفظ السر من الأمانة التي أمر الله بها عباده في قوله تعالى: "لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم"، وهذا يترتب عليه أن الطبيب مؤتمن على سر المريض إلا أن هناك أسرارا يجب على الطبيب أن يفشيها، منها الإصابة بمرض وبائي لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتجنب ذلك المرض وحالات المرض المعدي للزوج أو الزوجة وذلك من باب المصالح والمفاسد. وشدد على ضرورة أن يصف الطبيب العلاج الناجع وأن يتوخى الطبيب مصلحة المريض من كل جانب نفسيا وجسديا وماديا، وقال: لا يجوز للطبيب أن يختص دواء معين بوصفه للمريض مقابل حصول الطبيب على ميزة معينة إذا وصفه، إذا وجد بديل له يؤدي دوره وأقل منه ثمنا. وأوضح أن من مظاهر أمانة الطبيب أن يصغي للمريض إصغاءً جيدًا، فالمريض يتعلق بالطبيب كالغريق الذي يتعلق بأي شىء لينقذه من الهلاك. وأضاف أن من رقي مهنة الطب وسموها تشبيه أهل العلم الفقهاء الذين يتصدرون للفتوى بالأطباء، وأن السائل يأتي للفقيه بمسألته كالمريض يذهب للطبيب بسقمه، كلاهما يحتاج العلاج الذي يشفيه ويحتاج إلى من يسمع إليه ويصغى إصغاء تاما حتى يستطيع وصف العلاج الصحيح. وأوضح أن هناك أحكاما فقهية يجب على الطبيب الإلمام بها، مثل الحالات التي يجوز فيها للمريض أن يفطر في رمضان والحالات التي يجوز فيها الإجهاض من عدمه، موضحا أنه لا يجوز الإجهاض بعد مرور 120 يوما على الجنين في رحم أمه والتي يكون قد نفخت فيه الروح، لأنه يكون قتل إلا أن تكون هناك مفاضلة فعلية بين حياة الجنين وحياة أمه، فالمصلحة تغلب حياة الأم لأن حياتها حياة حقيقية، وحياة الجنين حياة حكمية. وقال: إنه يفضل في حالات الإجهاض أن يصف الطبيب الحالة كما هى بدقة بالغة ويحيلها لأهل الفتوى في تعاون مشترك بين الطبيب والمفتي في تلك الأمور الحساسة. وأوضح أن عمليات التجميل التي تعمل على تغيير خلق الله حرام مطلقا أما التي تأتي من باب علاج المرض كالحرق أو الكسر فلا بأس منه، مؤكدا أن نقل الأعضاء والدم بأجر ممنوع على الإطلاق، وأوضح أن هناك ضوابط معينة لنقل الأعضاء وهى أن يحتاج المريض احتياجا شديدا لهذا النقل وأن يكون النقل مجانا وألا يصيب المنقول منه بضرر كبير، وألا يؤثر في اختلاط الأنساب ويشترط موافقة المنقول منه والمنقول له وعلمهما بضوابط عملية النقل. وقال: إنه يشترط في الميت الذي ينقل منه عضو أن يكون ميتا موتا حقيقيا وتاما والنقل إما أن يكون بوصية أو موافقة الأهل ولا يجوز نقل كل الأعضاء. وأكد أن إجماع أهل العلم أن ختان الإناث مكرمة لهن وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بعدم الجور فيه بقوله: "حفي ولا تنهكي" وأنه أنضج للوجه وأحظى للزوج وأن تقدير عملية الختان متروك للطبيب فبعض الفتيات لا يحتجن لها وأخريات لابد لهن منه وأنه لا يجوز للطبيب إنهاء حياة مريض مهما كانت الدوافع بداعي مقولة "الموت الرحيم"، فالطبيب ليس أرحم من الخالق سبحانه، وربما أن يكون هذا المرض تخفيفا عن المريض ولرفعة درجته. وقالت د. دينا شكري رئيس قسم الطب الشرعي بقصر العيني: إن قوانين ممارسة الطب بدأت منذ عباس حلمي الأول ووضعت قوانين ممارسة الطب بتدرج وجاء سعيد باشا الذي منع على الصيادلة وصف العلاج دون سند طبي، مشيرة إلى أن مهنة الطب تفتقد إلى عملية التوثيق والإحصاء، مشيرة إلى أن التوثيق في المجال الطبي يجب ألا يكون فيها عائد مادي كالشهادات الصحية التي تعطى للمواطن وأن الإهمال فيها قد يعرض المجتمع لمشكلات كبيرة، ويجب على الطبيب أن يكتب المعلومات المطلوبة في التقرير وتكون حسب احتياجات طالبها. وأوضحت أنه يجب في كتابة التقرير النهائي الذي يعطى للمريض عند خروجه من المستشفى أن يكون شاملا التشخيص والعلاجات التي حصل عليها والتوصيات التي يجب اتباعها بعد الخروج وأنه في الحالات الجنائية يجب عمل مسح لكل أجزاء الجسم حتى لا يضيع حق المريض في أخذ حقه من المعتدي عليه. وأوضحت أن هناك تقريرا أوليا يكتبه الطبيب الموجود في الطوارئ ويكتب فيه وصفا عاما والتقرير النهائي الذي يصف الحالة من أول دخول المستشفى حتى الخروج منها، ويجب أن يكون بلغة واضحة وسليمة، مشددة على ضرورة أن يتعلم الطبيب كيفية كتابة التقرير الطبي، وأنه عبارة عن مقدمة وجسم ونتيجة، وأن القاضي الذي يحكم بناء على تقرير الطبيب يهمه تدوين فترة العلاج هل هى أقل من 21 يوما أو أكثر، وأن هناك حالات تتميز بالمسئولية الطبية ويجب فيها فحص الطبيب فحصا جيدا، فيما يتعلق بخبطات الدماغ والتأكد من أنه لم يدخل في غيبوبة، وأنه يجب في فحص الحالات القادمة من السجون فحصا جيدا حتى يتأكد من عدم وجود آثار للتعذيب، فالطبيب يجب أن يرفع الظلم لا أن يشارك فيه . وقالت: إن الطبيب هو الذي يحدد إمكان عملية الختان من عدمه لأن التشريح الفسيولوجي يختلف من فتاة لأخرى ويشترط في الإجهاض الطبي الحفاظ على حياة الأم، ولابد من موافقة الزوج والزوجة وأن يكون في مستشفى. وأكدت أن القانون المصري يحظر على المصريين نقل الأعضاء لغير المصري إلا في حالات الزواج الذي مر عليه 3 سنوات أو نتج عنه إنجاب.