لا شك أن السلعة الأكثر رواجًا في مصر هي الاستفزاز ولو أننا والله نستطيع أن نكيله ونزنه لأصبحنا أغنى الأمم. على سبيل المثال فقد أعلن السيد وزير السياحة الأسبوع الماضي أنه قد تقرر مد تصاريح الكباريهات لمدة ثلاث سنوات، وبكل فخر حيث إن النظام السابق الذي كان لا يحب لمصر الخير ولا يريد النهضة لشعبها كان يمدد تصارح تلك المواخير لسنتين فقط !! ولم يصدر لهذا الخبر أي نفي حتى الآن!! تخيل مدى الاستفزاز!! الرئيس الإسلامي لم يكتف فقط بمحاربة سنة اللحية مع إنه ملتحي!! بإيقاف الضباط الملتحين الذين بلغني أن قرار عزلهم بات بالدرج وينتظر توقيع المرشد، بل أيضًا يقوم بالترخيص لدور الفسق!! تكبير!! وقبل أن تظهر لجان التبرير من معدومي الدين والرجولة لتقول إن الرئيس ليس مسئولًا! دعوني أذكركم بالمادة 141 من الدستور الإسلامي الذي وضعته الأغلبية الإسلامية في لجنة إسلامية "يتولى الرئيس سلطاته من خلال وزرائه..." أي أن الرئيس وإن كان لم يتخذ القرار بنفسه إلا أن مسئوليته المباشرة عن أفعال الحكومة بموجب النص تجعله في مقام من وقع القرار، تخيل أن هذه هي الجماعة التي زايدت علينا لعقود بشعار الإسلام هو الحل، وتخيل أن هذه هي رؤيتهم للإسلام!! تخيل أنه لم يصدر نكير واحد لهذا الانحطاط من الجماعة ولا من جماهير المبرراتية المحترفين المأجورين الذين يعملون معها ويتقاضون منها أجورًا شهرية!! ماذا أقول؟ وفيهم كل العبر كما يقولون؟ وأنظر إلى شيطانية القرار فلم يكتف طائر النهضة باتخاذ هذا القرار بل قام بلا أدنى خجل بعملية مزامنة بحيث تنتهي الرخصة مع ميعاد الانتخابات القادمة!! ولعل الرئيس سيرتدي وقتها عمة المؤمن مرة أخرى ويكلمنا عن الشريعة ولم لا، أو ربما ستنزل الراقصات وفتيات الكباريه في حملة منظمة لدعم مشروع النهضة ويكون الشعار انتخب الميزان "رقاصة في كل كفة"!! تخيل أنهم بالصفاقة الكافية بعد كل هذا أن يتكلموا عمن لم تختلط أيدهم بعرق الغواني ويقولون هذا يتلقى تمويلًا وهذا يتلقى دعمًا، وبينما هم على وشك فتح الخمور في صالات الكباريهات للسكارى العرب والمصريين يتكلمون عمن شرب عصير مع هذا أو جلس في نادٍ أو فندقٍ مع ذاك، تخيل أن الجماعة التي قامت برعاية حفل شارك فيه الراقصات بالفعل ثم هاهم يرخصون للمواخير لثلاث سنوات كاملة لديها ذلك القدر من البجاحة المفرطة لتتكلم عن جبهة الخراب وجبهة الكباب!! وأي خراب أكبر مما تفعلون أيها الكذبة؟ هل هناك أكبر من الترخيص لدور الفسق؟ وهل تعادل كل زجاجات المولوتوف أثر زجاجة خمر يريقها سكير أو ليلة حمراء تقضى في ملهى برعاية جماعة المفترض أنها إسلامية؟ والظاهر والله أعلم أن أبخرة الخمر قد عمت عقول القوم فعلًا، انظر لتلك الهيئة التي تنتسب كذبًا للشريعة ... يا أنصار الشريعة... ما رأيكم دام فضلكم في رئيس يمنع السنة ويقترض بالربا ويرخص لدور الفسق غير مظاهرة الحربيين "بوتين ونجاد"؟ صمت القبور، ولا عجب فهناك مرحلة يكون الحديث بعدها عما هو خطأ في الرؤية وحيدة عن المنهج أو حتى ضلال نوع من التغفيل، في تلك المرحلة يجب أن نبدأ في الكلام بلغة الصفقات والعرض والطلب، فأحد القائمين على تلك الهيئة عرض عليه في خلال العامين الماضيين فقط 5 مناصب، فقد أخلوا له دائرة مجلس الشعب ودعموه فيها ليخسرها "بفضيحة" أمام طفل، ثم عين في الجمعية التأسيسية الأولى، ثم عرض عليه منصب وزاري ثم الثانية ثم رشح للشورى خمسة في عين العدو!! فلا تكلمني بعد ذلك عن رؤية أو رغبة أو حتى حب وميل!! اللهم إلا إذا كنت قادمًا من عالم ديزني حيث تلعب الغزلان مع مشايخ النهضة.. لذلك عندما يستفزك هذا الشيخ برسالة عبر الفيس بوك تقترح خطبة عن الصدق بينما رئيسه وولي أمره يرخص لدور الفسق ومواخير الخنا فلا تتعجب، والآخر.. والآخر. هذا الذي كفر كل العاملين بالتلفاز ومنطقة ماسبيرو وسمك النيل كمان حين عرض مسلسل أوان الورد! لو أنه يذكر وكان وزير الإعلام وقتها صفوت الشريف، ليستبدل بوزير النهضة صلاح عبد المقصود ولم يتوقف عرض المسلسلات التي تشيع أفكار خبيثة ولا مناظر قذرة فماذا حدث؟ أما عن شخص صلاح عبد المقصود في مقابلة شخص صفوت الشريف فلو أردت أن تعرف الفارق حقًا "ابقى تعالى وأنا أقولك". تخيل هذا الشيخ لديه هذا القدر من الاستفزاز المفرط ليتكلم عن عمالة البعض لأمن الدولة بينما أخوه "ابن أمه وأبوه" كان مساعدًا لوزير الداخلية... ليس محمد إبراهيم.. ولا منصور العيسوي ولكنه وزير التعذيب كما كان يلقب ذلك الذي قامت عليه الثورة حبيب العادلي!! هذا الشيخ يريد أن يقنعنا أن أخاه وصل لمنصب مساعد وزير الداخلية!! في وزارة حبيب العدلي بينما هو كان معارضًا مخلصًا!! يقول الحق لا يخشى أحدًا!! تخيل هذا الاستفزاز عندما يخرج هذا الش..يخ أيضًا ليتكلم عن زيارة نائب رئيس الدعوة السلفية لأمريكا "التي زارها بالمناسبة كل المشايخ تقريبًا بلا استثناء" وكيف أن هذا دليل على عمالته للمخابرات الأمريكية بينما رئيسه يرخص للكباريهات وهو ساكت!! تخيل تابعه الذي افتضح كذبه أكثر من مرة ذلك الذي لا يملك أي مؤهل علمي ولا شرعي يخول له الحديث أو إفتاء نفسه حتى ولكنه زمن الأقزام تخيل هذا التابع الآن وهو ما زال يتكلم عن معارضي الرئيس الخونة الذين يستحقون القتل، تخيل الاستفزاز!! تخيل هذا الاستفزاز!! تخيل الجبهة الجهادية القرعاء التي ما إن يحك أحدهم رأسه حتى يقول موتوروها إنه حك رأسه وكان ضباط أمن الدولة يحكون رؤوسهم إذا هو عميل لأمن الدولة تخيل هؤلاء التكفيريين الموتورين وهم يرون ولي أمرهم يرخص للكباريهات بينما رؤوسهم في الطين وصمتهم يصم الآذان، تخيل هذا الاستفزاز! تخيل أنصار الأسد الذي خرج ليكفر من يخالفون سيده المرشد بالتبرؤ من منهجهم في الآخرة وسكت عن ترخيص وليه للكباريهات، وهو ما يثير سؤال حقًا حول لون تلك "الراية" التي يرفعون... تخيل! تخيل أنك في ضوء كل هذا الاستفزاز ما زال مفترضا منك أن تكتب مقالة هادئة..