أعلم جيداً مدي الحزن الشديد الذي أصاب جموع المسيحيين في مصر نتيجة للمذبحة البشرية البشعة التي شهدتها مدينة نجع حمادي مؤخراً وأسفرت عن مقتل سبعة من المسلمين والمسيحيين.. الجميع استنكر هذا الحادث الإجرامي وطالب بسرعة محاكمة الجناة وتوقيع العقاب الرادع عليهم. لا ينكر أحد أن كافة الجهات المسئولة قامت بدورها علي أكمل وجه.. وزارة الداخلية بذلت جهوداً وفيرة للقبض علي الجناة والسيطرة علي الأمن لمنع أية أحداث جديدة.. النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود تابع التحقيقات بنفسه وأحال الجناة للمحاكمة قبل مرور عشرة أيام من وقوع الجريمة.. مجلس الوزراء استنكر الحادث.. شيخ الأزهر سافر بنفسه لتقديم واجب العزاء لأسر الضحايا أدلي بتصريحات مهمة طالب خلالها بسرعة معاقبة الجناة.. بعض نواب الشعب توجهوا إلي موقع الحادث لتقصي الحقائق.. وفود كثيرة من مختلف النقابات المهنية سافرت إلي نجع حمادي لتقديم واجب العزاء لأسر الضحايا وزيارة المصابين بالمستشفيات. ورغم الموقف الشعبي والرسمي المحترم إلا أن بعض منظمات المجتمع المدني بالخارج وعلي رأسها أقباط المهجر شنت هجوماً شديداً علي الإسلام والمسلمين في مصر. وهذا غير مقبول بالمرة ولا يؤدي إلا لزيادة الاحتقان وكثرة الصدامات بين المسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء الجمهورية وليس في مدينة نجع حمادي فقط. في الأسبوع الماضي توجهت إلي مدينة نجع حمادي علي رأس وفد من نقابة الصحفيين ضم العديد من الزملاء الصحفيين المسلمين والمسيحيين من كافة الصحف القومية والحزبية والخاصة لتقديم واجب العزاء لأسر الضحايا وزيارة المصابين بالمستشفيات. أنا شخصياً سعدت كثيراً عندما شاهدت الحياة تسير بصورة طبيعية في مدينة نجع حمادي بعد ثلاثة أيام فقط من وقوع الحادث.. سعدت كثيراً عندما شاهدت المسلمين في سرادقات عزاء الإخوة المسيحيين.. سعدت أكثر عندما شاهدت الإخوة المسيحيين في سرادق عزاء المسلم الوحيد الذي قتل في الحادث وهذا أمر ليس بغريب أو جديد علي أبناء الشعب المصري الأصيل الذي يرفض التطرف والعنف. علي مدي ساعتين التقينا بالأنبا كيرلس أسقف مدينة نجع حمادي بمقر المطرانية.. قدمنا له واجب العزاء نيابة عن مجلس نقابة الصحفيين والجمعية العمومية للنقابة.. استنكرنا الحادث الإجرامي البشع الذي راح ضحيته مجموعة من الأبرياء ليلة احتفالهم يعيدهم علي أيدي ثلاثة من المجرمين المسجلين خطر.. حوار طويل دار بين أعضاء وفد النقابة والأنبا كيرلس أجاب خلاله عن كافة الأسئلة وعلامات الاستفهام التي تدور في الأذهان. شعرت بسعادة بالغة عندما ذكر لنا الأنبا كيرلس أن المسلمين في مدينة نجع حمادي أصيبوا بالحزن الشديد علي ضحايا الحادث وأنهم استنكروا تلك الجريمة البشعة وقلت له: إن ذلك أمر طبيعي ومؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إلي عمق العلاقات الطيبة التي تربط المسلمين والمسيحيين ليس في نجع حمادي وحدها ولكن في جميع أنحاء الجمهورية. ورغم اعتراف الأنبا كيرلس بمشاعر المسلمين الطيبة تجاه إخوانهم المسيحيين إلا أن كلماته كانت قاسية في حق أجهزة الأمن خاصة عندما ذكر أنها تعاملت بوحشية شديدة مع مظاهرات المسيحيين ألقت القبض علي عدد كبير منهم وألقت عليهم القنابل المسيلة للدموع. وأطلقت عليهم الرصاص المطاطي.. قلت له: إن رجال الشرطة بينهم مسلمين ومسيحيين وإن هدفهم هو السيطرة علي الموقف والحفاظ علي الأمن لمنع وقوع أية أحداث جديدة علاوة علي أنهم تعاملوا بنفس الأسلوب مع المتظاهرين من المسلمين. ورغم قسوة الأنبا كيرلس علي أجهزة الأمن في نجع حمادي واتهامها بالإهمال والتقاعس والتعامل مع المتظاهرين بوحشية إلا أن كلماته عن القضاء المصري كانت صادمة لي ولزملائي أعضاء الوفد.. فسيادته ذكر لنا أنه يتوقع أن يحصل الجناة علي البراءة في القضية أسوة بما حدث مع الجناة في قضية الكُشْح بسوهاج وغيرها من القضايا الأخري.. سبب صدمتي أن هذا الكلام لا يجب أن يصدر من رجل دين كبير مثل الأنبا كيرلس لأنه يعلم جيداً أن القضاء المصري نزيه وعادل ومستقل علاوة علي أن مثل هذه الكلمات قد تؤدي إلي زيادة الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين.. كان طبيعياً أن اعترض علي ما جاء علي لسان الأنبا كيرلس وأكدت له أن رجال القضاء في مصر من المسلمين والمسيحيين ولا يجب أن نشكك في نزاهتهم ولا يجب أن نتوقع الأحكام قبل صدورها بل يجب علينا أن ننتظر كلمة القضاء المصري العادل. لقد شاهدت بنفسي الحزن الشديد الذي خيم علي زميلاتي وزملائي أعضاء وفد النقابة أثناء زيارتنا لأسر الضحايا.. شاهدت دموع زميلتي حنان فكري الصحفية بجريدة "وطني" أثناء خروجها من شقة أمين الشرطة المسلم الذي قتل في الحادث بعد تقديم واجب العزاء لزوجته.. شاهدت دموع زميلاتي المسلمات لحظة خروجهن من تقديم واجب العزاء لأمهات وزوجات القتلي المسيحيين. وفي النهاية يمكن القول إن جريمة نجع حمادي جنائية وليست دينية وهذا ما كشفت عنه نتائج تحقيقات النيابة العامة.. أتمني ألايستغل هذا الحادث في الهجوم علي الإسلام والمسلمين لأن ذلك أمر غير مقبول ولا يؤدي إلا لزيادة الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين. آخر كلام: * نواب المخدرات.. نواب الكيف.. نواب القروض.. نواب التجنيد.. نواب سميحة.. نواب الشتائم.. نواب القمار.. أسماء أطلقت علي أعضاء مجلس الشعب في السنوات الماضية.. فعلاً اللي يعيش يشوف!!!! * الصحافة المصرية فقدت ثلاثة من أبنائها في الأيام الماضية.. فقدنا الكاتبة الصحفية ابتسام الهواري.. فقدنا الزميل حسن البنا.. فقدنا الزميل بسيوني الصبيحي الصحفي الشاب بمجلة "آخر ساعة" في حادث أليم.. رحم الله الزملاء ولذويهم ولنا جميعاً الصبروالسلوان. [email protected]