لم تعد كلمة "مليشيات" بالضرورة مرادفا للتنظيمات المسلحة والمجهزة بالعدد والعتاد هذه الأيام ، وبخاصة في مصر بعد تولي الرئيس محمد مرسي وبدء انكشاف قدرة القوى الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ، والجماعة الإسلامية على حشد أعداد هائلة من المتظاهرين من شتى أنحاء الجمهورية للضغط والتأييد والتأمين بالسبل كافة ومن بينها البدء بالعنف أو رده أضعافا مضاعفة دون الظهور بأسلحة عرفت بها "المليشيات" في أنحاء العالم ، فأسلحة مليشيات عصر الثورة متعددة ومتنوعة ولا تصيب أهدافها بالدماء فقط . فقد عرفت"الإخوان" "النظام الخاص" في العام 1940، وكان الهدف من تأسيسه كما أعلن هو مواجهة الاحتلال الإنجليزي في مصر عن طريق تهيئة أفراد يتم اختيارهم بعناية شديدة وتدريبهم عسكريا على القيام بمهمات خاصة وشاقة ، لكن يبدو أن الأمر لم يستمر كذلك وأصبح النظام الخاص للجماعة يحارب داخليا وينفذ مهمات خاصة دفعت مؤسسها حسن البنا إلى التندم على التأسيس له كما أشار القيادي المنشق عنها ثروت الخرباوي في أحد مؤلفاته . فقد نفذ النظام الخاص للجماعة العديد من عمليات الاغتيال الانتقامية والدفاعية ، حيث اغتال القاضي أحمد الخازندار في عام 1948 ، والنقراشي باشا رئيس الحكومة في العام نفسه . وقد أكد الخرباوي في كتابه الأخير عودة النظام الخاص سرا في العام 1993 ، فقد شهد العام 2006 أول مظاهره حين قام ثلاثة عدد كبير من طلاب "الاتحاد الحر" بجامعة الأزهر والمنتمين للجماعة باستعراض مهاراتهم القتالية بحرم الجامعة ، حيث قدموا عرضا بأزياء شبه عسكرية احتجاجا علي فصل خمسة من طلاب الاتحاد لمدة شهر . ولكن مهدي عاكف المرشد العام للجماعة وقتها نفى انتماء الطلاب لما سمي ب "مليشيات الإخوان" واستعراض قوتهم للتهديد على خلفية فصل عدد من زملائهم وبعض الأمور التي كانت تتعلق بعلاقتهم بأمن الجامعة ، وأن ما قاموا به لا يعدو عن كونه "اسكتشات" مسرحية تمثيلية عن المقاومة الإسلامية بفلسطين ، واتهم الصحافة والإعلام بالمبالغة والمغالطة والتحريض ضد الجماعة. وتوقع الإخواني المنشق ثروت الخرباوي أن تلجأ الجماعة إلى استخدام مليشياتها ضد معارضيها ، كاشفا عن وجود 100 ألف شاب إخواني تم تدريبهم عسكريًّا على فنون القتال والاشتباكات والأسلحة في معسكرات تابعة للجماعة وتنظيمها السري الخاص، مؤكدا أن عملية فض اعتصام الاتحادية تم علي يد المليشيات الخاصة للإخوان. كما أكدت المصادر أن عملية محاصرة المحكمة الدستورية العليا تم علي يد التنظيم الخاص للجماعة وذلك بهدف منع المحكمة من إصدار حكم ببطلان مجلس الشوري والجمعية التأسيسية للدستور. كما ظهرت مليشيات الأخوان المدربة علي كافة فنون القتال والهجوم والدفاع في أحداث المقطم الأخيرة والتي نجحت فيها عناصر الأخوان من صد أكثر من 20 ألف متظاهر ومنعهم من اقتحام المقر العام لجماعة الأخوان المسلمين. ولا ينكر أحد مكانة وخطورة "المليشيات الإلكترونية" لجماعة الأخوان المسلمين والتي تتكون من فرق منظمة وعناصر مدربة علي أحدث وسائل التقدم التكنولوجي ومهمتها شن هجوم الضاري "الكترونيا" علي جميع الخصوم المعارضين لجماعة الأخوان المسلمين وتشويه سمعتهم، وكان لهذه المليشيات دور بارز في المعركة الانتخابية الرئاسية بين أحمد شفيق ومحمد مرسي. مليشيات حازمون ظهرت عقب ثورة 25 يناير وخاصة أثناء المعركة الانتخابية لرئاسة الجمهورية بعد استبعاد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل من قائمة المرشحين بسبب حصول والدته علي الجنسية الأمريكية فظهرت العديد من الحركات الإسلامية المنظمة والتي تشبه التنظيم الخاص للإخوان وطالبت بضرورة إجبار الدولة علي قبول ترشيح أبو إسماعيل وأطلقت علي نفسها عدة مسميات منها "حازمون" وصامدون" و"لازم حازم" وقامت هذه الحركة بمحاصرة اللجنة العليا للانتخابات ما يقرب من أسبوع ومنعوا القضاة من دخول مقر اللجنة في أول ظهور عسكري لها. كما ظهرت ميليشيات حازمون في ميدان التحرير بعد استبعاده من انتخابات الرئاسة وتنظيم المليونيات للدفاع عنه ، ووصل الأمر إلى العنف المنظم، الذي ظهرت أكبر ملامحه في الدعوة إلى اعتصام محمد محمود 2011 للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة وإنهاء الحكم العسكري . كما ظهرت عناصر حازمون في موقعة مدينة الإنتاج الإعلامي ومحاصرة المدينة لأكثر من أسبوع اعتراضا علي أداء الإعلام، كما كان لهم دور بارز في عملية اقتحام مقر حزب الوفد ومحاصرة بعض مقرات الأحزاب السياسية وصحف المعارضة في مصر، فضلا عن تهديدهم باقتحام بعض أقسام الشرطة.