ما تزال بعض قوى المعارضة تصر على مواصلة سياسة الابتزاز لتحقيق مصالحها بكافة الوسائل والأساليب أيا كانت على حساب مصلحة الوطن حاضره ومستقبله . ففى سبيل تحقيق مكاسب سياسية لها،والنيل من رئيس الجمهورية والتيار الإسلامي لجأت هذه القوى لاستخدام العنف سواءً بصورة مباشرة أوغير مباشرة عن طريق الدعم السياسي والإعلامي له، ومحاولة توظيفه واستغلاله بصورة انتهازية لفرض شروطها على رئاسة الجمهورية . ولم تتورع تلك القوى عن المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وهى دعوى لا معنى لها إلا نشر الفوضى ودخول البلد في نفق مظلم لأننا حتى لو تجاوزنا شرعية الرئيس التي منحها له الشعب لمدة أربع سنوات كاملة ، وسلمنا بإجراء انتخابات جديدة فهل تتحمل الدولة الأعباء المالية لإجراء هذه الانتخابات ،وهم الذين لا يملون من الحديث عن الأزمة الاقتصادية ،وإفلاس مصر ؟!! ثم وبمنطقهم هم هل ظروف البلد التي لا تتحمل – من وجهة نظرهم - انتخابات برلمانية تتحمل الانتخابات الرئاسية ؟!!! وماذا لو جاءت الانتخابات برئيس لا يرضون عنه ماذا يكون موقفهم ؟ وماذا لوجاء رئيس وسلم به الجميع ثم اعترض البعض على بعض سياساته وقراراته وخرجوا يطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة، فهل نستجيب لهم بناءً على السابقة الأولى أم ننكر عليهم هذا الحق هذه المرة ولماذا وتحت أى مبرر؟!!! واستمرارا لمسلسل الابتزاز بدأوا في إثارة ضجة حول انتخابات رئاسة جامعة الأزهر بالحديث عن محاولة أخونة جامعة الأزهر بعد أن انحسر الحديث عن محاولة السيطرة على مشيخة الأزهر، وعزل شيخه واتهام الإخوان بالوقوف وراء المظاهرات التي أعقبت تسمم طلبة الأزهر بل وصل الإجرام بالبعض من أصحاب الخيال المريض إلى اتهام الإخوان بالوقوف وراء تسمم الطلبة لتحقيق أهدافهم التي تراوحت في نظرهم مابين عزل شيخ الأزهر ومحاولة تطويعه ، والضغط عليه لتمرير قانون الصكوك والحقيقة أن تعامل القوى التي تصف نفسها بالمدنية مع مشكلة طلبة الأزهر تكشف حقيقة هذه القوى التي تتنكر لمبادئها المعلنة، وتدوس عليها بالأقدام إذا تعارضت مع مصالحها في النيل من النظام الحالى . إن ما حدث مع طلبة الأزهر كان يمثل وجبة شهية وفرصة ذهبية لقوى المعارضة والفضائيات والإعلام بصفة عامة للمتاجرة بآلام ما يقرب من 600 طالب تعرضوا للتسمم، والنيل من مؤسسة الرئاسة وتحميلها المسؤولية ،ولكن الغريب أن التعامل مع هذه المشكلة جاء على عكس المتوقع فانطلقت حملة ضد الإخوان وضد اتحاد الطلبة "الإخوانى" تتهمهم بالوقوف وراء مظاهرات الطلبة لعزل شيخ الأزهر،والسيطرة عليه، وتبارت الأقلام في الدفاع عن شيخ الأزهر،ونفى أي مسؤولية له عن تسمم الطلبة، والمفارقة أن الدفاع عن شيخ الأزهر قد جنب د مرسى الهجوم وتحميله مسئولية ما حدث لطلبة الأزهر لأن الهجوم على مرسى في هذه الحادثة لابد أن يمر عبر شيخ الأزهر أولا . ولنا أن نتصور السيناريو المتوقع لو وقع حادث التسمم بهذا الحجم في أي جامعة أخرى، وما كانت ستتخذه المعارضة ووسائل الإعلام من مواقف ومن تحميل المسؤولية للجميع ابتداء من رئيس الجامعة مرورا بوزير التعليم العالي ،وانتهاء برئيس الجمهورية . ولكن لأن المعارضة تعتقد أن شيخ الأزهر على غير وفاق مع الإخوان، وأنه يقف ضد ما يسمونه بأخونة الأزهر فضلاً عن أن اتحاد طلبة الأزهر من الإخوان فقد انطلقوا في حملة مركزة ضد الإخوان باسم الدفاع عن الأزهر ضد محاولة الإخوان السيطرة عليه فانطلقت المسيرات والوقفات وغيرها من الفعاليات التي يتفنون في البحث عن أي مناسبة للقيام بها فإن لم يجدوا افتعلوا أي شيء المهم ألا تتوقف هذه الفعاليات، وأن تتواصل بصفة مستمرة بهدف إرباك المشهد السياسي وإشاعة جو من عدم الاستقرار وهناك ملاحظتان في موضوع الأزهر :. الملاحظة الأولى : أن المظاهرات التي أعقبت تسمم الطلبة أمر طبيعي في ظل الحريات التي نحياها في مصر بعد الثورة، والتي تصل في كثير من الأحيان إلى حد الانفلات فتظاهر الطلبة وغضبهم له ما يبرره ويمكن تفهمه - بالرغم من التحفظ على بعض الممارسات التي صاحبت المظاهرات - وهم يجدون ما يقرب من 600 من زملائهم يصابون بالتسمم، وينقلون إلى المستشفيات وبصفة عامة فقد رفع الطلبة مطالبهم المشروعة التي تمثلت بصورة أساسية في إقالة رئيس الجامعة بينما طالب البعض الآخر، وهم الأقلية باستقالة شيخ الأزهر، وقد تحرك الأزهر سريعا واستجاب المجلس الأعلى للأزهر للمطالب المشروعة للطلبة ،وعلى رأسها إقالة رئيس الجامعة ووضع قواعد لانتخاب رئيس الجامعة . وقد استقبل الطلبة هذه القرارات بكل ترحاب وانفضت الجموع، وعاد الطلبة لدراستهم، وهو ما يوضح بجلاء أن المؤامرات التي عششت في رءوس البعض لا مكان لها على أرض الواقع وإلا لما أنهى الطلبة مظاهراتهم وتمسكوا باستقالة شيخ الأزهر إذا كان هو الهدف الرئيسي للمظاهرات التي قادها الإخوان حسب زعمهم . الملاحظة الثانية : أن بعض الذين خرجوا في مسيرات ووقفات ورفعوا اللافتات وطافوا بالفضائيات ودبجوا المقالات التي تهيم حبا وعشقا في الأزهر وشيخه هم من العلمانيين واليساريين الليبراليين وبعض أهل الفن الذين لهم مواقف سلبية معروفة ومسجلة من الأزهر الذي يتغنون باسمه الآن ويدعون الدفاع عنه ضد الأخونة . لقد أولى الدستور المصري الذين يطلقون عليه دستور الإخوان اهتماماً كبيرا بالأزهر حيث نصت المادة الرابعة منه على استقلاله بشئونه، وعلى أخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية،وجعلت شيخ الأزهر مستقلاً غير قابل للعزل ويختار من بين أعضاء هيئة كبار العلماء . فهذا الدستور حصن منصب شيخ الأزهر فجعله غير قابل للعزل، وهو ما يدحض كل حديثهم عن محاولة عزل شيخ الأزهر،كما سلب الدستور سلطة اختيار شيخ الأزهر من رئيس الجمهورية،وهذا الدستور هو الذي جعل اختيار المفتى من جانب هيئة كبار العلماء، وليس من سلطة رئيس الجمهورية كما كان في السابق . وبعض الإخوة الذين يذرفون الدمع السخين على الأزهر الآن هم الذين اعترضوا على هذه المادة في الدستور فيما يتعلق بأخذ رأى كبار العلماء، واعتبروها أخذاً بنظام ولاية الفقيه، وتكريساً للدولة الدينية بالرغم من أن رأى الأزهر استشاري، وغير ملزم ويتعلق فقط بالأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية . ويشاء الله أن ينكشف مدعوا المدنية سريعا ومع أول تطبيق عملي لهذه المادة فقد ثار جدل أثناء مناقشة قانون الصكوك في مجلس الشورى حول عرضه على هيئة كبار العلماء، وقد رأى حزب الحرية والعدالة أن الدستور لا يلزم المجلس بعرض القانون على الهيئة ، وقد انتهى المجلس إلى عدم عرض القانون على الهيئة، وإرساله إلى الرئيس للتصديق عليه،والذي رأى عرضه على هيئة العلماء، والتي ناقشت القانون بالفعل، وطالبت بإدخال تعديلات عليه . المهم في هذا الموضوع أن الإخوة مدعى المدنية الذين هاجموا هذا النص تنكروا كالعادة ومن باب الكيد والمناكفة السياسية لمبادئهم وبدلا من أن يقفوا مؤيدين لموقف حزب الحرية والعدالة إذا كانوا فعلا متسقين مع أنفسهم ومبادئهم وجدناهم يوجهون الانتقاد لموقف الحزب بعدم عرض القانون على الأزهر،وهو ما أدى الى انتقاد نجاد البرعى المحامى والناشط الحقوقى لموقفهم معلنا تعجبه ممن يدعون أنهم مع مدنية الدولة ثم يضغطون حتى تعرض القوانين على هيئة دينية رغم أن الدستورلا ينص على ذلك قائلا "ربنا ينتقم منكم". وبعد أن تحول الحديث إلى جامعة الأزهر، وأن مظاهرات الأزهر بل وتسمم الطلبة كان الهدف منه السيطرة عليها وأخونتها من خلال ترشيح أحد الإخوان لرئاسة جامعة الأزهر لجأوا بسرعة إلى استدعاء اسم د عبد الرحمن البر - كما حدث من قبل عندما أشاعوا أنه مرشح لتولى منصب المفتى في إطار أخونة دار الإفتاء - كمرشح الإخوان لرئاسة الجامعة خاصة أن الرجل من أبرز علماء الإخوان فضلا عن أنه عميد لإحدى كليات الأزهر وهذا ربما يكون شرطاً أو أحد الشروط لمن يرشح نفسه لرئاسة الجامعة . وقد سارع البعض إلى الهجوم على الإخوان ووجهوا إليهم الاتهام بمحاولتهم أخونة الأزهر والاستيلاء على معاقل الاعتدال والوسطية وهدم مؤسسات الدولة التاريخية . وهذا الهجوم يدخل في نفس سياسة الابتزاز التي تمارسها بعض القوى المعارضة في محاولة لتشويه صورة الإخوان ونشر " فوبيا الأخونة" فضلا عن محاولة إثناء المنتمين للإخوان وحزب الحرية والعدالة عن التقدم لشغل بعض الوظائف القيادية وحرمانهم من حقوقهم التي كفلها لهم الدستور مثلهم في ذلك مثل أي مواطن مصري . من الخطأ الشديد الخضوع لعملية الابتزاز التي تمارسها بعض قوى المعارضة ومحاولة فرض نوع من العزل على أعضاء جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة تحت مسمى الأخونة لقد تعرض الإخوان للعزل وحرمانهم من الوظائف في بعض المصالح ومنعهم من تقلد أي وظائف قيادية في بعض المصالح الأخرى في العهد السابق على يد جهاز أمن الدولة، واليوم يراد فرض عزل أشد سوءً من العزل الذي فرض في العهد السابق، والذي جاء من جانب نظام قمعي استبدادي ،أما الآن وبعد الثورة وفى جو الحريات فالمطلوب أن يفرض الإخوان العزل على أنفسهم والتخلي عن حقوقهم كمواطنين مصريين في الوقت الذي يسمح فيه للجميع بما فيهم أتباع النظام السابق بالتقدم لشغل الوظائف القيادية . لذلك كان من الخطأ ما صرح به أحد المتحدثين الإعلاميين باسم الإخوان بأن الجماعة لن ترشح أحداً من قياداتها خاصة د عبد الرحمن البر رئيسا لجامعة الأزهر، وقد سارع متحدث آخر لتصحيح الموقف وذكر أن مكتب الإرشاد لم يناقش ترشيح د . البر وأنه صاحب قرار الترشح من عدمه، وقد صرح البر أنه من الوارد ترشحه لرئاسة جامعة الأزهر، وأنه حين يتم فتح باب الترشح سيكون لكل حادث حديث، مؤكدا أنه لا يجوز لأحد أن يصادر حقه في الترشح، وكل من تنطبق عليه الشروط لا ينبغي أن يتم إقصاؤه. ولعل الموقف الذى أعلنه البر هو الموقف الذي يجب أن يحتذيه كل من يجد في نفسه الكفاءة وتنطبق عليه الشروط للتقدم للوظائف التي يعلن عنها، ولايجب على الأفراد ولا الحزب والجماعة الخضوع للابتزاز باسم الحكمة أو عدم استفزاز الآخرين أو أي ذريعة من الذرائع لمنع المنتمين إليها من ممارسة حقوقهم الدستورية فهؤلاء المعارضون لن يرضيهم أي شيء ولعل الضجة التى يثيرونها الآن حول ترشيح البر لرئاسة جامعة الأزهر – مع أن الرجل لم يعلن عن ترشيح نفسه فعليا - والحديث عن الأخونة والاستيلاء على الأزهر مع أن هذا المنصب بالانتخاب وليس بالتعيين من خلال مجمع انتخابي توضح حقيقة موقفهم ففي الوقت الذي تقدم بعض رؤساء الجامعات في الجامعات المصرية من أتباع النظام السابق والذين ثار الطلبة ضدهم وطالبوا بعزلهم لخوض الانتخابات على رئاسة جامعاتهم وفاز بعضهم بالرئاسة - وهذا حقهم - من خلال صناديق الانتخابات، وعلى رأسهم رئيس جامعة القاهرة ، نجد البعض يحاول إرهاب وابتزاز من يريد أن يرشح نفسه لرئاسة جامعة الأزهر من الإخوان وحرمانه من حقه الدستورى. *مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية – جامعة دمنهور أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]