هاجم الفقيه القانوني الكبير والمفكر الإسلامي المستشار طارق البشري بشدة سلوك جماعة الإخوان المسلمين المتحرش بالسلطة القضائية ، واعتبر أن مشروع القانون الذي يناقش الآن في مجلس الشورى خطيئة سياسية كبرى في حق مصر وحق الثورة ، وصف البشرى مشروع القانون الذى تقدمت به الهيئة البرلمانية لحزب الوسط، ومطالبات قيادات جماعة الإخوان، بخفض سن تقاعد القضاة بأنه أكبر الخطايا التى يمكن أن يرتكبها النظام الحاكم والأحزاب المؤيدة له، فى حق الثورة الديمقراطية التى أراد الشعب إرساءها فى 25 يناير». وأضاف البشرى في حديث نشرته "الشروق" أن المبادئ الديمقراطية للثورة تقوم فى الأساس على أن الدولة لها سلطات ثلاث، مستقلة عن بعضها البعض، لا تتدخل إحداها فى عمل الأخرى، هى التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأن الواقع الآن يؤكد وجود محاولات من السلطتين التنفيذية والتشريعية للتدخل فى عمل السلطة القضائية، وفرض الوصاية عليها، ومحاولة النيل من استقلالها الذى اكتسبته على مدار عشرات السنوات. وتابع الفقيه القانونى: أن الدولة المصرية الحديثة قامت منذ نحو 150 عاما على عمادين أساسيين، هما القوات المسلحة والقضاء، ومثل استقرار هاتين المؤسستين وقدرتهما على الاستمرارية وتعبيرهما عن عموم المجتمع المصرى أهم ضمانات تماسك جهاز الدولة المصرية، ويجب على النظام الحالى أن يعى هذه المسألة ولا يحاول الانتقاص من صلابة المؤسستين. وشدد البشرى على أن الإقدام على خفض سن تقاعد القضاة يعتبر فى حد ذاته «جريمة ضد مبدأ استقلال القضاء، لأنه فى حقيقته قرار بعزل آلاف القضاة من مناصبهم، تماما مثل النص الذى وضع فى الدستور لتحديد عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وخفضهم إلى رئيس و10 أعضاء فقط، لإبعاد عدد من أعضائها». وأكد البشرى أنه وكما وصف من قبل هذا النص الدستورى بأنه موصوم ب«الانحراف» لأنه كان مقصودا به أشخاص بعينهم وافتقد قاعدة العمومية والتجريد، فإن مشروع قانون خفض سن التقاعد يكون أيضا موصوما بالانحراف التشريعى من قبل أن يصدر للأسباب ذاتها. وحول ما يتردد من أن خفض سن تقاعد القضاة يهدف إلى تصحيح الإجراءات التى كان يتخذها الرئيس المخلوع حسنى مبارك بمد سن تقاعد القضاة كنوع من المجاملة أو المحاباة لبعض رؤساء الهيئات القضائية، أوضح البشرى أنه لا يلمس فى الوقائع الحالية أى رغبة صادقة نابعة من نوايا حسنة لتصحيح الأوضاع، بل يلمس «محاولة للسيطرة على القضاء ودفعه فى الاتجاه الذى يسير فيه النظام فقط». وردا على الاتهامات التى توجه للقضاء والقضاة بالتبعية لنظام مبارك وعدم الجدية فى محاكمة رموز النظام السابق، شدد البشرى على أن كل القوى التى أدارت البلاد بعد الثورة سقطت فى خطأ جسيم، بأن عجزت عن إقامة محاكمات سياسية لرموز النظام السابق، تعاقبهم على الجرائم التى ارتكبوها فى حق الشعب المصرى، وحاولت القوى السياسية الآن التغطية على هذا الفشل بتحميل القضاء فوق طاقته، ومطالبته بأن يحكم سياسيا فى قضايا جنائية. واستطرد البشرى: «ليس من سلطة ولا صلاحية القضاة أن يحكموا بالتوجهات السياسية أو فى الجرائم السياسية، ولذلك فالقوى السياسية تحملهم أمورا خارجة عن قدراتهم وسلطاتهم القانونية، للتغطية على فشلهم فى محاسبة رموز النظام السابق سياسيا» مبديا استنكاره الشديد للحملة الإعلامية والسياسية التى توجه للقضاء حاليا.