هاجمت "الجماعة الإسلامية" في مصر- التي أطلقت مبادرة لوقف العنف في مصر منذ عام 1997- الاستراتيجية التي ينتهجها تنظيم "القاعدة" في أعقاب تبنيه محاولة تفجير طائرة "ديترويت"، فيما قال إنه ردًا على التدخل الأمريكي في أحداث اليمن، وطالبته بضرورة إعادة النظر في إستراتجيته الحالية التي جعلته في صراع قائم مع أغلب حكومات دول العالم الإسلامي ودفعته إلى انتهاج بعض الأساليب القتالية غير الجائزة شرعًا. وأفتى عصام دربالة، عضو مجلس شورى "الجماعة"، بعدم جواز خطف وتفجير الطائرات المدنية، واضعًا هذا في إطار المخالفات الشرعية غير الجائزة، مؤكدًا "خلل" الرأي الشرعي الذي استندت إليه "القاعدة" في محاولة الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب تفجير الطائرة الأمريكية. واستند في الرأي إلى ما كان سيترتب على تفجير الطائرة من سقوط قتلى مدنيين بينهم شيوخ وأطفال، دماؤهم معصومة حتى في أوقات الحروب. بالإضافة إلى احتمال قتل من لا يصح قتله إذا ما ارتطمت الطائرة بهدف مدني، فضلاً عن أن ذلك يؤدي إلى تدمير ممتلكات لا يجوز إتلافها شرعًا. ورأى المُنظرّ الشرعي ل "الجماعة، وأحد المشرفين على مراجعاتها الفكرية، أن خطف الطائرات والتهديد بتفجيرها "ينطوي على غدر بالشركة المالكة للطائرة وبالركاب"، كما أنه لا يجوز شرعًا المساومة بركاب الطائرة، لأنه بمثابة معاقبة البريء من أجل إرغام المحتل أو الجاني على الاستجابة لمطالب الخاطف. والمحاولة التي تبنتها "القاعدة" تأتي بعد أكثر من ثماني سنوات على تفجيرات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت بشكل متزامن مبنيي مركزي التجارة العالمية في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، وهي التفجيرات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية السابقة لغزو أفغانستان وإسقاط نظام صدام حسين بالعراق واحتلاله. وانتقد دربالة إستراتيجية تنظيم "القاعدة" لتحقيق أهدافه سواء على مستوي العالم أو على مستوي بعض الدول مثل: العراق – اليمن – أفغانستان – السعودية – الولاياتالمتحدة، حيث يرى أنها استراتيجية تتسم بقدر كبير من الغموض وعدم التحديد، مطالبًا بإعادة النظر في تلك الإستراتجية التي جعلته في صراع قائم مع أغلب حكومات دول العالم الإسلامي ودفعته إلى انتهاج بعض الأساليب القتالية غير الجائزة شرعًا. ومن الأخطاء الاستراتيجية لتنظيم "القاعدة"، كما يؤكد دربالة ما يتعلق منها تجاه بالعراق، متسائلاً عما إذا كانت "القاعدة" تهدف إلى طرد الولاياتالمتحدة منه فحسب أم أنها تسعي لإقامة دولة إسلامية في العراق؟، وإذا كان الأمر كذلك فعلى أي جزء من الأراضي العراقية سيتم ذلك: الجنوب الشيعي أم الوسط السني أم الشمال الكردي؟، وهل سيتم ذلك بأيدي المنتمين لتنظيم القاعدة أم بأيدي العراقيين؟، وما هي فرص نجاح ذلك؟. وفي إطار انتقاداته إلى استراتيجية "القاعدة"، يطرح دربالة افتراضات من بينها أنها تهدف إلى إنهاء التفوق الأمريكي كقوة عظمى على مستوى العالم؟، ويتساءل: هل كتب على الحركات الإسلامية الجهادية أن تسهم في إسقاط القوي العظمي القائمة لحساب قوى عظمي أخرى لا تنتمي إلى عالمنا الإسلامي؟!! ولا يعفي دربالة الإدارة الأمريكية وسياستها من تحمل المسئولية، فبحسب منظوره، تعد السياسات الأمريكية الظالمة تجاه قضايا العالم الإسلامي في فلسطينوأفغانستان والعراق وغيرها السبب الرئيس المحرك لهذه المحاولات، وإن أكد أن مثل هذه السياسات الظالمة الخاطئة لا تجيز دفع الظلم بظلم أو الخطأ بخطأ مثله. وبعد شهور من الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من جامعة القاهرة في يونيو الماضي، يربط دربالة بين محاولة تفجير طائرة ديترويت و"تبخر" الآمال التي أنعشها الخطاب الإيجابي تجاه العالم الإسلامي، قائلا إنه "بدأ شعور عام ينمو بأن إستراتيجية أوباما تجاه العالم الإسلامي هي إستراتيجية كلامية أكثر منها فعلية.. وأن الظلم الأمريكي المتعلق بقضايا العالم الإسلامي سوف يستمر، لكن من خلال ارتداء قفاز حريري وهذا ما سيؤدي إلى ردود أفعالٍ غاضبة تجاه كل ما هو أمريكي".