تواصلت ردود الفعل المنددة باستمرار السلطات المصرية في بناء الجدار الفولاذي الذي تشيده على الحدود مع قطاع غزة، ففيما بدأت القوى السياسية المصرية تحركات لاستصدار حكم قضائي بوقف العمل بالجدار، نددت "جبهة علماء الأزهر" بالفتوى الصادرة عن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر خلال اجتماع يوم الخميس الماضي بشرعية الجدار، ووصفتها بأنها من "السبع الموبقات"، بينما أكدت حركة "حماس" التي تدير قاطع غزة، أنه كان من الأولى للمجمع أن يصدر فتوى بتحريم الحصار وليس الإفتاء بتشديده. وتظاهر نحو 600 فلسطيني أمس السبت أمام بوابة صلاح الدين على الحدود المصرية الفلسطينية مرددين الهتافات المنددة باستمرار مصر في بناء الجدار الفولاذي على الحدود مع القطاع من أجل سد الأنفاق التي تستخدم في تمرير المواد الغذائية والاحتياجات المعيشية لسكان القطاع المحاصرين. وأفادت مصادر أمنية مصرية أن معظم المتظاهرين من الشباب الفلسطيني الذين يعملون في التهريب عبر الأنفاق التي تم هدمها أثناء قيام الجانب المصري بأعمال الحفر لتثبيت الألواح الفولاذية في باطن الأرض، وأشار إلى أن قوات الأمن برفح قامت بتعزيزات أمنية على بوابة صلاح الدين لتأمين الحدود المصرية مع قطاع غزة. من جانبه، يعتزم الدكتور السفير إبراهيم يسرى مساعد وزير الخارجية المصري السابق ومستشار حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني" اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة غدا الاثنين، للمطالبة بوقف بناء الجدار العازل الذي تشيده مصر على حدودها مع قطاع غزة، والذي تقول الحكومة المصرية إن الهدف منه سد الأنفاق التي تستخدم في عمليات التهريب، بينما يقول منتقدون إنه سيؤدي إلى تكريس الحصار على الفلسطينيين بالقطاع. وفي الوقت الذي أثنى فيه على النشطاء الأجانب الذين نظموا مسيرة الحرية نحو غزة، واصفا إياهم ب"الشجعان"، حث يسري كافة القوى السياسية على الانضمام لدعواه والتدخل فيها، داعيا الراغبين للحضور أمام المستشار رئيس المحكمة في التاسعة صباح الاثنين للتوقيع على عريضة الدعوى التي يعتزم رفعها للمطالبة بوقف البناء في الجدار. وأضاف في تصريحات ل "المصريون" أن نحو 30 مصريا ما بين قادة أحزاب و أدباء وكتاب أجروا اتصالات معه حول رفع دعوى المطالبة بفتح معبر رفح والنظر في سلامة إجراءات السور العازل وأنه شرح المصاعب القانونية في هذه الدعوى إلا أن الاتجاه الغالب كان في صف رفعها أيا كانت المعوقات القانونية. وأشار إلى أنه قد رأى أن من واجبه أن يعمم الدعوة للمشاركة في هذه الدعوى للشباب الناهض، وأنه لا يزال يتلقى المزيد من الأسماء للانضمام إليها. وأكد أنه بإمكان غير القادرين على الحضور أمام المحكمة للتوقيع علي عريضة الدعوى أن يرسلوا توكيلا رسميا عاما لمحام من الشهر العقاري باسم إبراهيم يسري سيد حسين المحامي بالبريد السريع، أو مع أي شخص في الموعد المحدد له الساعة التاسعة صباح الاثنين بمجلس الدولة. وعلى صعيد فتوى مجمع البحوث الإسلامية بتشريع بناء الجدار، أدانت "جبهة علماء الأزهر" الفتوى "الشائهة"، متهمة المجمع وأعضاءه بأنهم ارتكبوا السبع الموبقات بحق غزة التي وصفتها الجبهة بأنها معلم من معالم الدين، يرفع الله بها أقواما، ويضع بها آخرين، وقالت إنه وبدلا من أن يلزموا الصمت وإن كان في غير صالحهم إلا أنه كان خيرا لهم مما وقعوا فيه من أمر هم يعلمون قيمته وأثره عند الله وفي ميزان الخَلْقِ والأخلاق. وذكّرت الجبهة بقرارات مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثاني بالقاهرة في 13 مايو 1965م الذي يرى أن "الدفاع عن فلسطين؛ والعمل على تحريرها فرض على كل مسلم، والقعود عنه إثم كبير"، واعتبرت فتوى المجمع بشرعية الجدار الفولاذي تأكيدا لسياسة "سايكس بيكو" الاستعمارية التي قامت بتقسيم أرض المسلمين. وحذر البيان مما سيترتب على ذلك من تشديد الحصار على غزة في جريمة، فيما قال إنه "يستدعي نزول مقت الله بالفاعلين والساكتين"، مشيرة إلى ما سيرتب عليه من قتل المحاصرين عن عمد، وأن "المُعين على القتل شريك القاتل، كما أن المعين على الغدر شريك الغادر"، واعتبرت أن إقامة الجدار يتطابق مع جريمة التولي يوم الزحف. بدورها، أعربت حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة عن استهجانها لفتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وتساءلت في بيانٍ أصدرته أمس: "أهذا الجدار لحماية الأمن القومي المصري من الاحتلال الصهيوني الذي يحتل الأراضي العربية؟! أم أنه جدار يحول دون وصول الحليب والدواء إلى الأطفال والمرضى المُحاصَرين في غزة منذ أربع سنوات؟!". وأضافت الحركة: "إننا نذكر علماءنا الأفاضل في الأزهر بأنَّ فلسطين أرض إسلامية محتلة، وأنَّ المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين يتعرَّض للتدنيس والتهويد والهدم"، مؤكدة أن الأحرى بمؤسسات الأزهر تجريم الحصار، وتحريم إغلاق المعابر، وتحريض الأمة وزعمائها على كسر الحصار بفتح معبر رفح أولاً؛ نجدةً للشعب الفلسطيني في غزة ونصرة له في مواجهة الاحتلال، لا إصدار الفتاوى التي "تشرِّع" بناء جُدُرٍ فولاذيةٍ أو غيرها؛ ما يخنق الفلسطينيين المدافعين عن الأرض والعِرض والمقدسات.