انتابتني حالة من الضحك الهيستيري عندما قرأت تصريحات منسوبة للدكتور نصر أبو زيد في إحدي الصحف المستقلة زعم فيها أنه لا يعرف الأسباب الحقيقية وراء قرار السلطات الكويتية بمنعه من دخول أراضيها.. بالطبع تصريحات غريبة وتثير الضحك لأن أبو زيد أول من يعلم أن قرار منعه من دخول الكويت يرجع إلي الحكم القضائي النهائي الصادر من محكمة النقض في 5 أغسطس 1995 بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال يونس لردته عن الإسلام بعد فتوي الأزهر الشريف. أعتقد أن الدكتور نصر أبو زيد يعلم تماماً أن قضية التفريق بينه وبين زوجته شغلت الرأي العام المصري والعربي فترة طويلة. وبالتالي فالجميع يعرفها جيداً.. وإذا كان الدكتور أبو زيد من حقه انتقاد قرار المنع من وجهة نظره في المقابل ليس من حقه الإدلاء بتصريحات غريبة تهدف إلي تضليل الرأي العام وتحويل الموضوع إلي قضية اضطهاد وخلافه. ويمكن القول إن قضية التفريق بين الدكتور نصر أبو زيد وزوجته بسبب ردته عن الإسلام والتي كانت وراء قرار السلطات الكويتية بمنعه من دخول أراضيها شغلت الرأي العام فترة طويلة.. بدأت القضية في 9 مارس عام 1993 عندما رفض مجلس جامعة القاهرة برئاسة الدكتور مأمون سلامة ترقية أبو زيد لدرجة أستاذ لضعف إنتاجه العلمي وهذا شيء طبيعي يحدث كثيراً في معظم الجامعات المصرية ولكن الشيء غير الطبيعي أن تنتقل المعركة من داخل أسوار الجامعة إلي وسائل الإعلام وتحدث ضجة إعلامية كبري وحملة إعلامية شرسة ضد الدكتور عبد الصبور شاهين رئيس اللجنة العلمية التي رفضت ترقية أبو زيد. كعادته انتهز التيار العلماني القضية فرصة للهجوم علي كل ما هو إسلامي.. واستخدموا نفس السلاح الذي يدعون مقاومته وهو الإرهاب الفكري في حملة عنيفة بدت أقرب إلي الحملة المنظمة التي يقودها معسكر متكامل توزعت عناصره علي طول الجبهة الإعلامية وعرضها في توقيت واحد انهالت علينا بوابل من المقالات ضد كل ما هو إسلامي. عندما أثارت الصحف قضية ترقية الدكتور نصر حامد أبو زيد اهتم بها الرأي العام فما كان من أحد المحامين المعروفين وهو المستشار محمد صميدة عبد الصمد "رحمه الله" إلا إقامة دعوي قضائية بالتفريق بين أبو زيد وزوجته بعد أن اطلع علي مؤلفاته وهاله ما فيها من كفر وارتداد عن الإسلام حسبما جاء في عريضة دعواه التي قدمها للمحكمة. كان طبيعياً أن تصدر المحكمة قراراً بإحالة مؤلفات الدكتور نصر أبو زيد إلي مجمع البحوث الإسلامية الذي أعد 3 تقارير عنها طالب فيها بحجبها عن القراء حفاظاً علي عقيدتهم وصوناً لدينهم وتجنباً لهم من قراءة التطاول علي الصحابة وأئمة المسلمين وكذلك حجبها عن الطلاب الذين يدرسونها وابعاد مؤلفها عن تلقين سمومه للطلاب بالجامعات والمعاهد العلمية. مجمع البحوث الإسلامية وصف مؤلفات نصر أبو زيد وهي: "نقد الخطاب الديني" و"مفهوم النص" و"الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجية الوسطية" بأنها من أشد الكتب عداوة للإسلام وأكثرها ضراوة علي القرآن. حكم التفريق بين الدكتور أبو زيد وزوجته صدر في 14 يونيو 1995 واستندت محكمة استئناف القاهرة في أسباب حكمها الذي جاء في 27 صفحة فولسكاب للآيات القرآنية التي تثبت ردة وكفر أبو زيد.. دفاع نصر أبو زيد طعن في الحكم أمام محكمة النقض التي أيدته بجلسة 5 أغسطس .1995 محكمة استئناف القاهرة التي أصدرت حكم التفريق أكدت في أسبابها أن الدكتور نصر أبو زايد كذب كتاب الله تعالي بإنكاره لبعض المخلوقات التي وردت بالآيات القرآنية ذات الدلالة القاطعة في إثبات خلق الله تعالي لها ووجودها كالعرش والملائكة والجن والشياطين ورد الآيات الكثيرة الواردة في شأنها وسخر من بعض الآيات القرآنية الكريمة وكذب الآيات الكريمة فيما تدل عليه بشأن الجنة والنار ومشاهد القيامة ويرميها بالاسطورية. المحكمة أكدت كذلك أن أبو زيد كذب الآيات القرآنية التي تنص علي أن القرآن كلام الله وأشارت إلي أن هذه الأقوال بإجماع علماء المسلمين وأئمتهم إذا أتاها المسلم وهو عالم بها يكون مرتدا عن دين الله فإذا كان داعية لها فإن بعض العلماء يسميه زنديقاً فيكون أشد سوءا من المرتد. وأكدت المحكمة أن أبو زيد ينكر العرش والكرسي وجنود الله الملائكة وهي مخلوقات نزلت الآيات القرآنية قاطعة الدلالة في إثباتها مخلوقات خلقها الله سبحانه وتعالي.. كما ينكر وجود الشياطين ويجعل وجودها وجوداً ذهنياً في مرحلة الأمة الإسلامية في بدايتها أي وجود في أذهان الناس والقرآن الكريم سايرهم في ذلك وكذلك السحر والحسد وأنه لا وجود للشياطين في الأعيان وكذا السحر والحسد والجن.. وبهذا الإنكار ينكر الآيات الكثيرة الواردة عن الشياطين وأن لها وجودا حقيقياً وأنها من مخلوقات الله سبحانه وتعالي والآيات قاطعة الدلالة في ذلك. المحكمة أكدت كذلك في أسباب حكمها أن الدكتور أبو زيد كذب الآيات القرآنية التي تنص علي أن القرآن كلام الله وادعي أنه نص إنساني بشري وفهم بشري للوحي ورد الآيات القرآنية القاطعة في عمومية رسالة الرسول "صلي الله عليه وسلم" للناس كافة.. وأضافت أن أبو زيد يري عدم الالتزام بأحكام الله الواردة في مجال التشريع والأحكام وانها ترتبط بفترة تاريخية قديمة ويطالب بأن يتجه العقل إلي إحلال مفاهيم معاصرة أكثر إنسانية وتقدماً وأنه اتجه في هجومه أيضاً إلي السنة النبوية الشريفة لينال منها قدر استطاعته فقام بردها. آخر كلام: زميلي محمد عبد القدوس عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات عقد مؤتمراً صحفياً للدكتور أبو زيد في مدخل النقابة رغم قرار المجلس في العام الماضي بمنع أبو زيد من الدخول.. اتمني من عبد القدوس الاطلاع علي مؤلفات أبو زيد وتقارير الأزهر عنها وحيثيات المحكمة في التفريق بينه وبين زوجته حتي يعرفه علي حقيقته.