الفلاحون يخشون تعفن القمح فى الحصول إن لم يجدوا الوقود اللازم للحصاد.. الإخوان: سبب الأزمة محطات الوقود الوهمية التى يديرها البلطجية سعر الوقود فى السوق السوداء أقل من سعره فى الأسواق الأمريكية ترى صحيفة "نيويورك تايمز" – الأمريكية – أن تزايد أزمة نقص الوقود، وتهديد واردات مصر من القمح أصبحا يشكلان الآن أخطر التهديدات على استقرار مصر "الهش"، ونقلت عن ياسر الشامى – المحلل فى مجموعة الأزمة الدولية – قوله: "إن كل ذلك بإمكانه جعل الأمور غاية فى السوء". وتتعجب الصحيفة الأمريكية من الدعم المصرى للوقود، قائلة إن الديزل الذى يباع الآن فى السوق السوداء المزدهرة بسعر أعلى مرتين من سعره الأصلى؛ إذ يقدر سعر الجالون فى السوق السوداء بنحو 2 دولار، أى أقل من السعر فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، مما يعكس دعم مصر الهائل له لتوفيره للمواطنين. وأرجعت السبب الحقيقى لتلك الأزمة أن مصر قد استنفدت – بالفعل – ما لديها من الاحتياطى الأجنبى الضرورى لاستيراد الوقود، فضلاً عن أن نقص الوقود قد بعث على التساؤل بشأن مدى قدرة مصر على الحفاظ على استيراد ما تحتاجه من القمح لدعم رغيف عيش الفقراء، كما أثار المخاوف فيما يتعلق بحدوث كارثة اقتصادية، فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لإخماد تظاهرات عنيفة لخصومها السياسيين، بحسب ما قاله اقتصاديون. وكشفت عن أن الفلاحين يعانون - بالفعل - من أزمة نقص الوقود اللازم لتشغيل ماكينات الرى؛ وبأنهم يخشون ألا يجدوا ما يحتاجون إليه من وقود لتشغيل جراراتهم الزراعية لحصد محصول القمح الشهر المقبل قبل أن يُصاب بالتعفن فى الحقول. وقالت إن مسئولين فى الأممالمتحدة كانوا قد حذروا من حدوث "كارثة"، ما لم تلتزم مصر بشروط الحصول على قرض صندوق النقد الدولى والذى يقدر بنحو 4.8 مليار دولار، والتى تشتمل على فرض الزيادات الضريبية، وخفض الدعم عن المواطنين. وتابعت أن هذا الإجراء من شأنه إقناع المقرضين بأن مصر جديرة بثقتهم بالقدر الكافى للحصول على المزيد من المليارات التى هى بحاجة إليها لسد عجز ميزانيتها من خلال القروض؛ إلا أن الخوف من ردود الفعل الشعبية فى الوقت الذى فيه الشارع المصرى – بالفعل – على وشك الغليان، والكلام للصحيفة الأمريكية، فإن حكومة الرئيس محمد مرسى تقاوم إلى الآن الحصول على قرص صندوق النقد، مُصرة على أن بمقدور مصر الانتظار. ونقلت عن ناصر الفراش – مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية، والمتحدث الرسمى للوزارة والمحسوب على حزب "الحرية والعدالة " – قوله: "أولئك الذين يقولون إن مصر عاجزة عن توفير احتياجاتها الداخلية من الوقود هم من يحاولون خلق المشاكل". وقالت إن "فراش" قد ألقى باللوم فيما يتعلق بأزمة الوقود على "إرث الفساد"، الذى خلفه نظام المخلوع، جنبًا إلى جنب زعمه بأن وسائل الإعلام الخاصة المعادية للإخوان هى من يروج ذلك. وقال إنهم ضد الثورة. وأشارت إلى أن مصر كانت قد عقدت محادثات دامت لعامين مع صندوق النقد الدولى بشأن حصولها على القرض، وأن الحكومة الحالية لا تزال تمتنع عن الالتزام بحزمة من الإصلاحات المؤلمة سياسيًا – على حد وصف الصحيفة - فى الوقت الذى يجعل فيه ارتفاع الأسعار، وارتفاع معدلات البطالة، تطبيق تلك الشروط يزداد صعوبة بمرور الأيام. وتابعت أن مسئولين فى حكومة الرئيس الإخوانى، قالوا إنهم يفضلون الانتظار إلى أن يتم الانتهاء من إجراء الانتخابات البرلمانية، التى ربما تبرهن على الاتفاق الشعبى الواسع فيما يتعلق بالحاجة لإجراء تغييرات، إلا أن "نيويورك تايمز" ترى خلاف ذلك، فقرار المحكمة القاضى بتأجيل الانتخابات إلى نهاية فصل الخريف من شأنه أن يجعل مصر غير قادرة على الانتظار، بحسب اقتصاديين. ونقلت عن دبلوماسيين غربيين - لم يكشف عن هويتهم وفقًا للبروتوكول الدبلوماسى - قولهم إن الوضع حرج للغاية؛ لأنه يتسارع فى التدهور.. إن نقص الوقود يتسبب – بالفعل – فى المزيد من الركود. ونقلت عن راجى أسعد، أستاذ الاقتصاد، وعضو منتدى البحوث الاقتصادية، بأن دعم الطاقة يكلف الدولة ما يقرب من 30% من ميزانيتها، فواردات الدولة تفوق ما لديها من وقود، ولأول مرة العام الماضى اضطرت لاستيراد بعض الغاز الطبيعى المستخدم لتوليد الطاقة، وهو سبب انقطاع التيار الكهربى الأخير. وأشارت إلى أن مصر تستورد أيضًا 75% من احتياجاتها من القمح، وتخلط القمح المستورد عالى الجودة مع الموارد المحلية لتحسين دعمها لرغيف العيش. وأشارت إلى تردى الأوضاع المعيشية والاقتصادية فى مصر، إذ ساعد نقص الوقود فى ارتفاع أسعار السلع الغذائية. ولا يزال قطع التيار الكهربى مستمرا على المواطنين، حتى مع اقتراب فصل الصيف. كما أن الاشتباكات المسلحة بسبب الغاز قد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص، وجرح العشرات خلال الأسبوعين الماضيين. ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن الصخب الذى شاهده الشارع المصرى منذ الإطاحة بمبارك قبل عامين، قد دمر السياحة، والاستثمار الأجنبى، وعطل الاقتصاد. فقد انخفض احتياطى الحكومة من العملة الأجنبية إلى ما يقرب من 13 مليار دولار، بعدما كان يقدر بنحو 36 مليارا قبل عامين. وأوضحت أن ما يقرب من نصف احتياطى مصر من العملة الأجنبية هى فى أشكال غير سائلة، مثل الذهب، بحسب اقتصاديين، وإنه بينما تعود أكثر المليارات للشركات الأجنبية التى تدير حقول البترول المصرية، نتيجة لذلك، فإن التدفقات الخارجية للعملة للصعبة، وقيمة الجنيه المصرى قد انخفضت. وترى أن وقود الديزل هو جوهر الأزمة، ويرجع ذلك نسبيًا إلى قدرة مصر المحدودة جدًا على تحسن تلك الأزمة. الديزل ضرورى أيضًا لتحسين الاقتصاد. ليس فقط لحاجة الفلاحين له لتشغيل الآلات الزراعية المستخدمة فى الرى، والحصاد. وقالت إن فراش، أكد أن مصر لا تزال تستورد الوقود بنفس القدر الذى كانت تقوم به منذ ثلاث سنوات قبل اندلاع الثورة، وألقى باللوم على نظام التوزيع لترويجه للأزمة. كما ألقى باللوم على الشاحنات التى تقوم ببيع الديزل فى السوق السوداء قبل وصوله للمحطات، فالبلطجية هم من يقومون بتشغيل محطات الوقود الوهمية التى ليس لها مكان على الخريطة. وتابع "فراش": هل سمعتم عن الحمار الذى شرب الديزل ومات؟ مشيرًا إلى أن الفلاحين حريصون على ملء الحظائر بالوقود، "هناك ما يكفى من الوقود، إلا أن الناس يتصرفون كما لو أنهم لن يجدوا ما يكفيهم منه، فجزء كبير من المشكلة هو سلوك الأفراد". وقال إن حكومة مرسى وضعت نظام "البطاقات الذكية" لشاحنات الوقود، لمتابعة إمدادات الوقود، وللتأكد أن الشحنة بأكملها تصل إلى وجهتها، قائلا: "سيتم حل الأزمة فى غضون أسبوع أو أسبوعين".