المستشار زغلول البلشى: لا يوجد عندنا وقت لتصفية الحسابات السادات استجاب لجميع طلبات القضاة بمجرد التلميح ب"جمعية عمومية" قرار تعيين النائب العام صحيح ولا أحد يملك عزله أقول للمطالبين بتطهير القضاء: القضاء ليس مدنسًا.. ويحتاج إلى تطوير المستشار زغلول البلشى مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائى من أبرز رموز قضاة تيار الاستقلال، عرف عنه انحيازه للحق، دون خوف من لوم قريب أو عتاب صديق، يباشر مهامًا جسيمة ويحمل عبئًا ثقيلاً، بحكم وضعه الوظيفى الآن كمدير لإدارة للتفتيش القضائى، وهى أشد الإدارات خطورة وحساسية، لأنها تمثل الجهاز الرقابى الوحيد على رجال القضاء. المستشار البلشى الأمين العام السابق للجنة العليا للانتخابات من الشخصيات التى أثارت جدلاً بسبب ما أثير حوله من أن وجوده كرئيس للتفتيش القضائى الهدف منه تصفية حسابات مع بعض القضاة غير المنتمين لتيار الاستقلال، كما أنه كان من أبرز المعارضين للإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى، ومن أبرز المعارضين لإقالة النائب العام الحالي. "المصريون" التقته لتحاوره وتكشف كل ما أثير حول الأزمات الأخيرة التى تعرض لها القضاة، وأزمة النائب العام، والفساد فى مؤسسة العدالة ومفاجآت أخرى، وإلى نص الحوار: هناك مخاوف من وقوع مذبحة قضائية جديدة أو نوايا لتصفية الحسابات مع من كانوا يعارضون تيار الاستقلال.. ما تعليقك؟ لا يوجد قاضٍ يعرف ما يسمى بتصفية الحسابات، ولم نكن يوما دعاة لتصفية الحسابات أو التنكيل بمن حاربوا استقلال القضاء، ولن نأتى لمحاربة القضاة السابقين أو الانتقام، إنما الهدف هو استقلال القضاة والمساواة بين الجميع، ولن نسمح بالتنكيل بأى قاض أو محاسبته على أعماله السابقة ضد زملائه القضاة، والباب مفتوح أمام الجميع للعمل فقط، وليس لتصفية الحسابات أو البحث فى الضمائر والدفاتر القديمة، لأن الماضى انتهى ونريد فتح صفحات جديدة وتطوير القضاء، فلن نضيع الوقت فى الانتقام وتصفية الحسابات، كما أننى قمت باختيار رؤساء للمحاكم من خارج تيار الاستقلال، ولكن هناك من يفتعلون الأزمات بمجرد التخمين والتوقعات دون عرض الرأى والحقائق بتجرد وموضوعية وبرامج "الرغى والرغى الآخر"، دون تحرى الدقة فيما يقولون. يقال إن المستشار أحمد مكى وزير العدل مكن قضاة تيار الاستقلال من السيطرة على مفاصل الوزارة والمناصب القضائية الرفيعة. - المستشار أحمد مكى هو وزير العدل، وأى وزير يختار معاونيه ممن يقاربوه فكريا حتى يستطيع أن يؤدى دوره فى الوزارة على أكمل وجه ولكى يساعدوه.. لكن تم استبعاد جميع قضاة تيار الاستقلال من الوزارة فى العصور السابقة على الرغم من كفاءتهم المعروفة، فأعيد بعضهم لعمل نوع من التوازن. ما رأيك فى تصرفات رئيس نادى القضاة المستشار أحمد الزند وتصريحاته المثيرة للجدل وكثرة الدعوات لعقد جمعيات عمومية؟ ما يحدث من نادى القضاة وكثرة عقد جمعيات عمومية، أفقدتها قيمتها وأضاعت هيبة القضاة أنفسهم، فلا يصح أن يعقد القضاة جمعياتهم العمومية من أجل الإعلان عن توجه سياسى أو الاعتراض والتنديد بقرار ما، والهجوم على فصيل سياسي، فالقاضى يجب أن يتجلى عن آرائه السياسية ويترفع عن إظهار توجهاته للرأى العام كى لا يفقد هيبته وإجلاله، وأرى أن دعوة نادى قضاة مصر بين الحين والآخر أعضاءه لجمعية عمومية أضاع معناها ومفهومها، وقلل من قيمتها، فأنا أذكر عندما ألمح المستشار وجدى عبدالصمد فى عهد السادات إلى أنه سيعقد جمعية عمومية طارئة، حدثت ربكة كبيرة ل"السادات"، حتى إنه اتصل به لكى يعرف ما الذى يريده، وأرسل إليه واستجاب لجميع طلبات القضاة، حتى لا تعقد الجمعية العمومية، وهذا ما يدل على قوتها وقيمتها، فبمجرد الدعوة لعقد الجمعية استجاب الرئيس لطلبات القضاة، إذن ما يحدث من أزمات بالمؤسسة القضائية وتأجيجها من قبل أشخاص بعينهم ليس له علاقة باستقلال القضاء، و"ده شغل نوادي". والقاضى لا يجب أن يتدخل فى أمور خارج عمله، لأن عمله هو القضايا والبحث فيها وأداء دوره لخدمة العدالة لا لتوجيه السباب والدخول فى معارك لا حاجة لها ويبقى ما يفعله كل شخص شأنه الخاص ونحن - كما قلت - لم نأت للانتقام من أحد أو تصفية حسابات. وما رأيك فى دعوات تعليق العمل بالمحاكم؟ تعليق العمل بالمحاكم، ومحاصرة مكتب النائب العام، كلها تصرفات ضد استقلال القضاء وتنال من هيبته وتهدر ثقة المواطنين فيه، يعنى ينفع قاضى على منصة الحكم يعتصم أو يعلق العمل أو يضرب عن العمل؟ كما أننى ضد تعليق العمل، حفاظاً على حقوق المتقاضين، وإن كان أعضاء النيابة أنفسهم لم يتحملوا تأخر الفصل، فكيف يعطلون مصالح الناس، ويجبرونهم على ما لم يقبلوه؟ وهناك قضايا تستغرق سنتين وأكثر لاستيفاء شكلها، لذلك فإن تعليق العمل يزيد من تلك الفترة، وإذا كان هذا حال القضاء، فإلى من يذهب أصحاب الحقوق ليحصلوا على حقوقهم؟ كما أقول لهم: من يريد تعليق العمل فليتخلَّ عن راتبه. لكنك وباقى رموز تيار الاستقلال نظمتم وقفة احتجاجية عام 2005؟ عندما أردنا التعبير عن رأينا عام 2005 نظمنا وقفة احتجاجية صامته بالأوشحة بكل إجلال واحترام عبرت عن هيبة القضاة واعتراضهم، كما أننا فى إحدى المرات أردنا التعبير عن اعتراضنا داخل نادى القضاة، فأشار لنا أحد القضاة الأجلاء بإحضار قلم رصاص وقمنا بتكسير الأقلام فى إشارة مهمة ومعبرة عن اعتراض موقر يحفظ للقاضى هيبته، كما أننا حينما اعتصمنا فى نادى القضاة عام 2005، كنا نحضر جلساتنا ثم نعود للاعتصام، فالتظاهر والإضراب عن العمل أسلوب لا يليق برجل القضاء. وكان للمستشار عادل راتب، رئيس محكمة استئناف بنى سويف، موقف يستحق الثناء، عندما أجمع قضاة المحكمة فى جمعيتهم العمومية على تعليق العمل اعتراضاً على الإعلان الدستورى، فقال لهم: أنا معكم، وأخرج ورقة كتب عليها تنازله عن راتبه، قائلاً: "أنا مش ها أكل عيالى حرام"، الأمر الذى جعل قضاة المحكمة يقومون بالتراجع عن قرار تعليق العمل، وأصبحت "استئناف بنى سويف" هى الوحيدة على مستوى الجمهورية التى لم تعلق عملها. وكيف ترى حصار مكتب النائب العام وعدوله عن الاستقالة؟ حصار مكتب النائب العام المستشار طلعت عبد الله كان السبب فى تقديمه استقالته للمجلس الأعلى للقضاء، فهو أجبر على تقديم تلك الاستقالة وتراجع عنها عندما هدأت الأمور، كما أن الذين حاصروا مكتب النائب العام وطالبوه بالاستقالة يوجد أضعافهم لم يطالبوه بالاستقالة ولم يشتركوا فى الحصار، كما أن إقالته هى تصحيح خطأ بخطأ أكبر، والدعوات التى تطالب بإقالته من شأنها الاعتداء على استقلال القضاء، ولا يملك أحد فى مصر الآن عزل النائب العام، فهو غير قابل للعزل ونحن وجهنا رسالة للرئيس، حينما أصدر الإعلان الدستورى مفادها أنك أخطأت مرة فلا تكرر هذا الخطأ، والمستشار طلعت عبد الله هو الوحيد الذى يستطيع أن يقرر مصيره بنفسه، وقرار تعيين النائب العام طلعت عبدالله صحيح، لكن المشكلة كانت فى طريقة إقالة عبدالمجيد محمود التى تمت بالمخالفة للقانون، لكن تعيين المستشار طلعت عبدالله تم بما يتفق مع صحيح القانون طبقا لنص المادة 119 من قانون السلطة القضائية، فضلاً عن أنه لا يوجد علاقة بين عزل النائب العام عبدالمجيد محمود وتعيين طلعت عبدالله خلفا له، فبعد أن تمت إقالة النائب العام - بالمخالفة للقانون - أصبح منصب النائب العام شاغرا.. فهل يُترك شاغرا أم يعين من يشغله؟ ما رأيك فى مطالبات البعض حول تطهير القضاء، باعتبار أن الفساد طال بعض رجاله؟ القضاء ليس به أى شىء يدنسه وطول عمره يطهر نفسه بنفسه بأسرع مما يتصور البعض ولا يمكن التستر على فاسد أو منحرف فى القضاء فى المنظومة القضائية وإنما القضاء يحتاج إلى تطوير وليس تطهيرا، وسنعمل على تحقيق مبدأ المساواة ومنح الحقوق لمن يستحقونها ووقف المحسوبية والمجاملات التى كانت تدار بها وزارة العدل وتيار الاستقلال جاء لصالح القضاة، وليس ضدهم ومن يتحدث فى ذلك يضيع الوقت ولا يريد العمل ضمن منظومة استقلال القضاء. العمل فى القضاء يحتاج لقدرات ومواهب خاصة، فلا يكفى التقدير فقط للالتحاق بتلك المهنة، وإنما يجب أن تتوافر فيه قدرات ومعايير يكشف عنها قضاة أكفاء سابقون ومتمرسون فى العمل القضائى، فقد يحصل خريج الحقوق مثلاًَ على تقدير امتياز ولا يصلح للعمل كقاضٍِ، كما أن هناك قضاة أتوا بتقدير مقبول من أكفأ القضاة فى مصر، فالمسألة ليست لها علاقة بالتقدير فقط. نسبة الفساد فى القضاء لا تذكر ويتم بتر الفاسد فورا، فالقضاء لا يوجد به فساد، أو تستر على الفاسدين مثل المؤسسات الأخرى، لأنه يطهر نفسه بنفسه وبسرعة لا يتوقعها أحد، ومن لديه شكوى ضد قاض معين يتقدم بها فورا، وسيتم التحقيق فيها، فضلاً عن أن هناك العديد من الشكاوى التى ليس لها أساس من الصحة، وكيدية ولابد أن يكون هناك دليل قاطع على ارتكاب قاض واقعة محددة. ماذا تقول فى استغلال بعض القضاة لنفوذهم وتورطهم فى مخالفات بسبب مصالح خاصة من خلال وظيفتهم؟ القاضى ينظم عمله القانون وممنوع على القاضى العمل فى المشاريع المادية وأى انحراف - كما قلت لك - سوف يواجه بقوة وحسم، وقد يصل الأمر إلى الإحالة لعدم الصلاحية، بل والتحويل إلى المحاكمة، وهو ما قلته بمعنى قطع رقبة المخطئ لتحقيق الأصل فى القانون وهو العدالة التى تتأذى من إدانة بريء ولا تتأذى من براءة ألف مجرم. قضية تعيين أبناء المستشارين غير المستوفين للشروط، واستبعاد أوائل الخريجين أصبحت تشغل الرأى العام، فماذا تقول فيها؟ لم يحدث أنه تم تعيين أحد من أبناء المستشارين دون وجه حق خاصة بعد الثورة، ولكن الأزمة الحقيقية أن هناك تفاوتا صارخا بين الجامعات فى تقديرات كليات الحقوق، وأرى أن العمل فى النيابة العامة والقضاء يحتاج قدرات خاصة وليس المعيار فيها تقدير الجامعة، وأقترح أن يتم التعيين فى القضاء من خلال مسابقة لخريجى كليات الحقوق كامتحان مماثل للثانوية العامة يتقدم لها جميع خريجى كليات الحقوق بدءًا من تقدير مقبول حتى امتياز. متى تصدر قرارًا بإحالة قاض إلى الصلاحية؟ إذا ارتكب ما يستوجب إحالته إلى الصلاحية، وذلك إذا انحرف عن أداء رسالته عمدًا.