عادت ظاهرة تحرير توكيلات شعبية إلى عدد من الشخصيات العامة بإدارة شؤون البلاد كأحد وسائل الاحتجاج ضد النظام الحاكم، حيث انتشرت مؤخرا في المدن التي تشهد عنف احتجاجي كمحافظة بورسعيد الإستراتيجية. وقام عدد من المعارضين في محافظة بورسعيد، الواقعة على المدخل الشمال لقناة السويس، الأسبوع الماضي، بعمل توكيلات رسمية لوزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، لتفويضه بإدارة شؤون البلاد. و في المقابل هدد أنصار الداعية الإسلامي ووكيل مؤسسي حزب الراية (تحت التأسيس)، حازم أبو اسماعيل، بالقيام بعمل توكيلات له ولكل من محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، وخيرت الشاطر، نائب المرشد، حال استمرار عمل المعارضين توكيلات للسيسي؛ منعا لعودة الجيش لحكم البلاد. واليوم الثلاثاء حرر محامي في محافظة الدقهلية، شمال مصر، توكيلا لمحمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، لتفويضه بإدارة شؤون البلاد؛ مبررا ذلك بأن البلاد تحتاج إلى "قيادة حكيمة وقادرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب". ولم تصدر المؤسسة العسكرية أي تصريح حول موقفها من تلك التوكيلات. وأرجع مصدر عسكري ل "الأناضول" السبب في ذلك إلي أن التوكيلات ليس لها سند قانوني، كما أن المؤسسة لا ترغب في الزج بنفسها في العملية السياسية. وتعليقا على ذلك اعتبر محمد نجيب، أستاذ علم النفس السياسي بجامعة حلوان، أن تلك التوكيلات هي "السبيل السلمي الذي اختاره الشعب، بعدما فقط الأمل في النظام القائم، ويحاول من خلالها الرد على عدم إنصات النظام لمطالب الشعب، وكذلك للفوضى والعنف المنتشرة بالبلاد". وأوضح نجيب في تصريحات لمراسلة "الأناضول" أن تلك التوكيلات "تؤكد أن هيبة الدولة أصبحت في أضعف حالاتها، وتدق ناقوس الخطر بأن هناك فرصة أخيرة أمام النظام القائم". كما اعتبرها محاولة من محرريها للتأكيد على أن "الشعب موجود في ظل المناخ الاستقطابي الموجود على الساحة بين القوى السياسية". وفي تقدير نجيب فإن التوكيلات "تصرف ناضج من الشعب، يرفض من خلاله أعمال العنف وقطع الطرق والحرائق التي تنشر من المتطرفين، لذلك بحث عن وسيلة مشروعة". وأقدم واقعة معروفة في تاريخ مصر لجمع توكيلات شعبية لإحدى الشخصيات العامة لإدارة شؤون البلاد أو التحدث باسمهم كانت عقب الحرب العالمية الثانيةعندما قدم الآلاف من المصريين توكيلات لوفد من الشخصيات المصرية بقيادة سعد زغلول- الذي أسس حزب الوفد في وقت لاحق- للتحدث باسم الشعب أمام مؤتمر "الصلح" في باريس حول مطلب استقلال البلاد عن الاحتلال البريطاني. وثاني أشهر الوقائع في هذا الصدد كانت جمع مليون توكيل من الشعب لمحمد البرادعي، رئيس حزب الدستور حاليا، في عام 2009، بتفويضه بالتحدث باسم الشعب في المطالب الخاصة بتعديل الدستور والإصلاح السياسي، وذلك قبل عامين من اندلاع ثورة 25 يناير. وتم جمع آلاف التوكيلات للبرادعي أيضا في عام 2012 لمناشدته التراجع عن قراره الخاص بعدم الترشح للرئاسة، إلا أن الأخير تمسك بقراره عدم خوض الانتخابات التي أسفرت عن فوز محمد مرسي في يونيو2012.