قررت محكمة جنايات أمن الدولة العليا أمس، تأجيل نظر قضية خلية "حزب الله" إلى 26 ديسمبر القادم، بعد أن حدثت انفراجة في الأزمة الحادة بين النقابة العامة للمحامين وهيئة المحكمة، إثر استجابة المحكمة لطلب رئيس لجنة الحريات وعضو مجلس النقابة عبد السلام رزق بشطب العبارات التي تم تسجيلها في محضر جلسة 29 أكتوبر الماضي، والتي اعتبرها مساسا بشرفه المهني والأخلاقي. وكانت هيئة المحكمة برئاسة المستشار جمعة اتهمت رزق في محضر الجلسة المشار إليها بأنه أحدث هرجا في قاعة المحكمة وأنه يعرقل سير نظر القضية، وقام رئيس المحكمة بقذف "كارنيه" المحاماة الخاص به. وأكد رزق في جلسة أمس التي لم تستغرق سوى ربع ساعة فقط، أنه لم يحضر للمحكمة للتهريج أو لعرقلة نظر القضية، وإنما جاء بصفته عضوا بمجلس النقابة ورئيس لجنة الحريات بها وفقا للقانون الذي يمنحه حق الحضور بدلا من زملائه من هيئة الدفاع الأصلية الموكلة من المتهمين. وطالب بضرورة أن تصحح هيئة المحكمة "خطأها" الذي ارتكبته في الجلسة الماضية كشرط أساسي لإنهاء الأزمة التي تسببت فيه، على حد قوله، وأثناء حديثه لهيئة المحكمة توقف رزق ليتساءل: هل أنا أطلت في الكلام، فرد المستشار جمعة قائلا: "لا أبدا.. أنت عاوز توقعني في الغلط تانى". بدورهم، اعتبر أعضاء مجلس نقابة المحامين الذين حضروا الجلسة برئاسة حسين الجمال أمين عام النقابة، بالإضافة للدكتور محمد سليم العوا ومحاميّ جماعة "الإخوان المسلمين" الذين حضروا برئاسة محمد طوسون وجميع أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين استجابة المحكمة لمطالب عضو مجلس النقابة ورئيس لجنة الحريات بشطب العبارات المسيئة له من محضر الجلسة الماضية بمثابة اعتذار كاف عن الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة. وأبدى رزق في تصريحات ل "المصريون" قبوله "اعتذار" المستشار جمعة، قائلا إن موافقته على مطالبه يعتبر اعتذارا مقبولا ومرضيا له، إلا أنه أكد أن إنهاء مقاطعة الدائرة التي يرأسها يتطلب قرارا جديدا من مجلس نقابة المحامين، وأن المجلس سيجتمع لمناقشة الموقف واتخاذ القرار الذي يراه مناسبا. وكانت قاعة المحكمة شهدت مشادات ومشاحنات بين المحامين المنتدبين من المحكمة وهيئة الدفاع الأصلية، وقد استعار المحامون الذين تواجدوا بأعداد كبيرة في القاعة مصطلحات سياسية لبنانية حين وصفوا المحامين المنتدبين بأنهم "محامو الموالاة" والمحامين الموكلين من المتهمين ب "محاميّ المعارضة"، خاصة وأن القضية تتعلق ب "حزب الله" اللبناني ويحضر جلساتها المحامي وعضو مجلس النواب اللبناني إميل رحمة للترافع عن عضو الحزب سامي شهاب، المتهم في القضية. وكان رئيس المحكمة أعلن في بداية الجلسة تلقي المحكمة موافقة المستشار ممدوح مرعي وزير العدل وحمدي خليفة نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب على حضور "رحمة" عن المتهم الثاني محمد يوسف منصور الملقب بسامي شهاب. وشهدت قاعة المحكمة هتافات صاخبة من المتهمين في القفص، للتأكيد على رفضهم للمحامين المنتدبين مبدين تمسكهم بهيئة الدفاع الأصلية، واتهموا بعض المحامين المنتدبين بأنهم إسرائيليون وأنه الأجدر بهم أن يكونوا أعضاء بنقابة المحامين الإسرائيلية، تعليقا على قول أحد المحامين المنتدبين أمام المحكمة إن إسرائيل "ليست عدوا وإن مصر في سلام معها"، وردد المتهمون هتافات ضد المحامين المنتدبين: "اطلعوا برة.. مش عايزينكم". إلى ذلك، أكد عبد المنعم عبد المقصود منسق هيئة الدفاع والمحامي سيد فتحي أن قرار المقاطعة ضد دائرة المستشار جمعة مستمر رغم اعتذارها عن الخطأ الذي وقعت فيه الجلسة الماضية خاصة وأن السبب الأساسي للمشكلة لم ينته، حيث مازال الدفع بعدم اختصاص المحكمة في نظر القضية قائما وينبغي أن يتم الفصل في هذا الدفع. وقال المحامى سيد فتحي إن هيئة المحكمة برئاسة المستشار جمعة أصبحت طرفا وينبغي عليها أن تتنحى عن نظر القضية بعد أن أصبحت خصما، خاصة وأن هيئة الدفاع والمتهمين أصبحوا يستشعرون القلق تجاهها. من جانبه، أكد الدكتور محمد سليم العوا المحامي عن سامي شهاب في مستهل مرافعته تقدير دفاع المتهمين لهيئة المحكمة التي تنظر القضية والقضاء المصري بأكمله وعدم وجود أية خصومة بينهم وبين المحكمة، وذلك عقب إعلان دفاع المتهمين في الجلسة السابقة انسحابه من القضية عقب رفض المحكمة الفصل في الدفع الخاص بعدم اختصاصها محليا بنظر القضية بدعوى أن الاتهامات المسندة للمتهمين جرت وقائعها خارج محافظة القاهرة، الأمر الذي يحتم محاكمتهم في محكمة الجنايات بمحافظة الإسماعيلية. وحدثت مشادة كلامية في الجلسة الماضية بين عبد السلام رزق عضو مجلس نقابة المحامين والمحكمة لرفضها إثبات حضوره عن زملائه المنسحبين. وأشار العوا إلى أن ما حدث في الجلستين الماضيتين هو مجرد سوء تفاهم، لافتا إلى أن هيئة الدفاع عن المتهمين عدلت عن قرارها بالانسحاب إحساسا منها بالمسئولية تجاه المتهمين والقضية وضرورة رأب الصدع الذي وقع بين المحكمة وهيئة الدفاع تقديرا منهم للمحكمة والقضاء ككل. ويحاكم في القضية 26 متهما بينهم لبنانيين اثنين و5 فلسطينيين وسوداني و18 مصريا و تم القبض على 22 منهم فيما لا يزال أربعة آخرون هاربين كما أمرت النيابة بسرعة ضبطهم وإحضارهم وحبسهم على ذمة القضية. ونسبت نيابة امن الدولة العليا إلى المتهمين قيامهم بالتخابر مع من يعملون لمصلحة منظمة مقرها خارج البلاد وهى "حزب الله" للقيام بأعمال إرهابية داخل مصر وتحديدا ضد السفن والبوارج العابرة بقناة السويس والسائحين الأجانب والمنشآت السياحية المصرية، وتصنيع وحيازة كميات كبيرة من العبوات المفرقعة والمتفجرات لاستخدامها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام، وتنفيذ أعمال إرهابية من شانها زعزعة الاقتصاد والأمن القومي. واتهمت النيابة المتهمين كذلك بحفر وتجهيز أنفاق تحت الأرض بمنطقة الحدود الشرقية للبلاد للاتصال برعايا دولة أجنبية وهي قطاع غزة بالأراضي الفلسطينية وبالمقيمين بها واستخدامها في إخراج وإدخال الأشخاص والبضائع ومن بينها أسلحة ومتفجرات إلى مصر.