عكس هذا المبدأ هو ما جعله ديل كارنينجى عنواناً لكتابه الأكثر شهرة "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس" ومن قبل ذلك وفوقه كان مسلك النبى صلى الله عليه وسلم تحقيقًا لقوله تعالى"ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم"، هذا المعنى القرآنى العظيم فهمه "ديل كارنينجى" الأعجمى ابن الأعاجم ولكن إخواننا وبنى جلدتنا من ساكنى المقطم وقاطنى الاتحادية قد شقلبوا المبدأ رأسًا على عقب وراحوا يضربون أكباد الإبل بحثًا عن الأعداء، دافعين بالتى هى أسوأ فإذا الذى بينهم وبينه صداقة كأنه عدو مبين. كل ذلك مرجعه إلى حالة الصلف والتعصب الأعمى لفكرة الولاء التنظيمى ومبدأ مصلحة الجماعة، واللى مش مصدق فليتتبع معى تصريحات كل من انشق عن الإخوان لخلافه مع بعض القرارات أو السياسات بدأ بمختار نوح والخرباوى وانتهاء بأبى الفتوح والهلباوى مرورًا بمحمد حبيب والزعفرانى، تتبعوا معى تصريحات الفئة المنشقة فى بادئ الأمر والتى جاءت مبطنة بإشارات التودد والتلطف وإظهار أن الخلاف لا يعدو أن يكون تبايناً فى وجهات النظر أدى إلى استحالة العشرة بالمعروف فكان التسريح بإحسان، ولكن عملاً ب"مبدأ بديع" الذى ينص على أنه "من انشق علينا خسفنا به الأرض ولا علينا" راحوا يمارسون معهم أسوأ أنواع الإقصاء ومحاولات الإعدام السياسى والمعنوى، فما أبعد المسافة بين مقولة الإمام الشهيد حسن البنا لبعض المنشقين عنه" نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه" وقوله "فليعمل كل منا بما يراه صحيحًا ومن يصل أولاً يأخذ بيد أخيه" وبين جهود الإخوان المضنية الدءوبة لإسقاط مختار نوح نقابيًا وعبد المنعم أبو الفتوح سياسيًا وغيرهما من المنشقين الذين عوملوا وكأنهم مردة مارقين حتى تحول كثير من هؤلاء من مجرد مخالفين لبعض التوجهات والآراء الإخوانية إلى رداحين يجوبون الفضائيات فلا يدعون للإخوان شاذة ولا فاذة إلا تتبعوها نقدًا وتجريحًا وتشنيعًا راجع فى هذا المعنى كتاب سر المعبد لثروت الخرباوى من الجلدة إلى الجلدة"، أما عن الجماعات والأحزاب الإسلامية منها وغير الإسلامية العاملة على الساحة فهم أقرب العدو بعد المنشقين وما قد يبدو للبعض من تحالف وتقارب فى المواقف بينهم وبين غيرهم من أبناء التيار الإسلامى فلا يعدو أن يكون ركوباً لظهر الإسلاميين لتحقيق مصلحة الجماعة ثم يتم التخلص منهم بعد ذلك كأى علبة كنز تفاح أو صودا ليمون، فقد حرص الإخوان منذ البداية على الإطاحة بحزبى النور والبناء والتنمية خارج أسوار التحالف الديمقراطى قبل الانتخابات البرلمانية الماضية بل خارج المعادلة السياسية كلها فهم حريصون دائمًا على أن يكونوا الوكيل الحصرى للوسطية الإسلامية التى لا يدرون عنها شيئاً، فلما أتت الصناديق بما لا تشتهى السفن اضطروا للتعامل والتعاون معهم من قبيل المثل القائل رب عدو ما من صداقته بد، ثم كانت شهوة الاستحواذ ومرض الغرور السياسى المتبادل بينهم وبين حلفائهم العلمانيين سببًا فى تفجير التحالف من داخله، ولكن يبدو أن حزب النور قد فاض به الكيل وكاد أن يطق من جنابه فلم يستطع السير حتى نهاية الطريق فى سياسة بلع الزلط فراح يحدفهم ببعض زلطهم، ولولا أن الجماعة الاسلامية وحزبها البناء والتنمية تتعامل مع الإخوان بمنطق ضبط النفس وتتبع سياسة الصبر على جار السوء لعله يرحل .....إلى آخره، متخذة من أيوب عليه السلام قدوة فى الصبر وتحمل الأذى أعلاء للمصلحة العليا للبلاد لكانت الآن عضوًا مؤسسًا بجبهة التدمير والخراب ومنظمات البلاك بلوك، أو أسست مع حزب النور جبهة "فش الغيظ وشفاء الغليل"، ولسوف تشهد الانتخابات القادمة حلقة جديدة من حلقات مسلسل تصفية الأصدقاء وتجبيه الأعداء، وكما قال طرفة ابن العبد : ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً...ويأتيك بالأخبار من لم تزود. [email protected]