هدد أصحاب مصانع الطوب الرملي والعاملون فيها، بتصعيد موقفهم الغاضب من ارتفاع أسعار المازوت القائمة عليه صناعة الطوب حال استمرار تجاهل المسئولين لأزمتهم وما وصفوه ب"التلاعب بأرزاقهم" في ظل الأوضاع السيئة التي تمر بها البلاد، بخاصة في مجال عملهم الذي لا يملكون غيره للعيش. وأكد بعضهم أنه لن يكون هناك سبيل للرزق إذا توقفت مصانعهم عن العمل سوى الاتجاه إلى السرقة والبلطجة، وذلك بعد توقف غالبية مصانع الطوب الرملي على مستوى الجمهورية بعد زيادة أسعار المازوت والسولار خلال الفترة السابقة، ودخول غالبية العمال في إضرابات واعتصامات وقطع الطرق والسكك الحديدية اعتراضًا على توقف المصانع. من جانبهم، استنكر أصحاب المصانع الزيادة في أسعار المازوت والسولار وصعوبة الحصول عليه إلا من خلال السوق السوداء، بينما يشهد السوق التجاري للطوب حالة من الركود التام بسبب ارتفاع أسعار المازوت وتوقف المدن الجديدة عن الإنشاء وهجرة غالبية رجال الأعمال لمهنة المعمار. وأوضح محمود شعبان، صاحب مصنع طوب "المدينةالمنورة" في البدرشين، أن الحكومة تأخذ قرارات متضاربة تمنع استقرار سعر المازوت، مؤكدًا أن العاملين في المجال لا يعرفون حتى الآن السعر الثابت له. وأضاف أن الأقوال تضاربت بشأن الزيادة في أسعار طن المازوت، حتى أنها وصلت إلى 100%،70%،65%، وأن تجار السوق السوداء يتلاعبون بالأسعار، مؤكدًا أنه وبأي حال من الأحوال لا يستطيع السوق تقبل الزيادة الجديدة بسبب الركود الموجود في الفترة الحالية في السوق التجاري، حيث توقف الإنتاج على نحو كبير في المصنع وتم تسريح غالبية العمال بسب قلة الإنتاج وعدم تقبل السوق للزيادة الجديدة على أسعار الطوب الرملي. وأكد شعبان أن مصنعه لم يتبق أمامه سوى 48 ساعة حتى يتم غلقه بشكل كلي وتسريح العمالة الموجودة التي لن تجد عملاً آخر سوى صناعة الطوب الرملي. وقال:"غالبية العمال الموجودين في المصنع لا يجيدون القراءة والكتابة ويعيلون أسرهم التي لها متطلباتها اليومية"، مشيرًا إلى أن العمال المتضررين قطعوا طريق "مصر – أسيوط" وطريق الفيوم والسكة الحديد في الأسبوع السابق بسب توقف غالبية المصانع عن الإنتاج والعمل، وأن إغلاق مصانع الطوب سيؤدي إلى كوارث تضر بمصلحة البلاد، حيث يعمل في مصانع الطوب ما يزيد على 3 ملايين عامل سيتم تسريحهم ما سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة. وحذر شعبان من أنه "إذا تفاقمت الأزمة ولم يتدخل المسئولون لحلها في القريب العاجل سيكون هناك ثورة جياع". كما طالب شعبان المسئولين في وزارة البترول بوضع أسعار ثابتة للمازوت يراعون فيها الركود التام الذي يشهده السوق بسبب توقف الإنشاءات في المدن الجديدة وهجرة غالبية رجال العمال، مؤكدًا أن التجار يتلاعبون بأسعار طن المازوت بسبب تضارب قرارات الحكومة بشأن الزيادة على الأسعار حتى وصل الطن من 1000جنيه إلى 1650 جنيهًا، موضحًا أن الزيادة وصلت إلى 65 %، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار الطوب الذي رفضه السوق التجاري. في السياق ذاته، أكد محمد عطية، صاحب مصنع طوب آخر، أن السوق غير قادر على تحمل الزيادة في أسعار المواد بسب حالة الركود الموجودة ووقف إنشاء المدن الجديدة التي كانت تتعامل مع غالبية مصانع الطوب. وقال: "غالبية السيارات التي تقوم بنقل الطوب من المصنع متوقفة الآن بسبب زيادة أسعار المازوت والغاز التي تقوم عليهما صناعة الطوب، حيث وصل سعر 100 طوبة من200 جنيه إلى 255 جنيهًا، ما أدى إلى رفض السوق للأسعار الجديدة وترتب عليه قلة الإنتاج في معظم المصانع وتسريح العمالة". وأوضح عطية أن المصنع يعمل فيه ما يزيد على 600عامل تم تسريح غالبيتهم، وبإغلاقه سيتم تسريح الباقي. وقال عطية:" لا نتمنى ذلك، بل نحتاج إلى العمل والإنتاج والمساعدة في القضاء على البطالة، وإغلاق المصانع سيؤدي إلى كارثة مفزعة وزيادة في البطالة والتشرد والخروج على القانون". واتهم عطية وزير البترول الذي أنكر الزيادة في أسعار المازوت في أحد البرامج التليفزيونية ب"التلاعب" بأرزاق العمال الذين لا يملكون إلا قوت يومهم، موضحًا أن مراحل التوقف بدأت في المصنع على نحو تدرجي منذ أربعة أيام حتى الانتهاء من الطوب الأخضر الموجود فعلاً حتى لا تتلف على المصنع ويتسبب في خسارة أخرى غير زيادة أسعار المازوت. وأكد أن المصنع سيتوقف خلال ساعات على نحو كلي بعد الانتهاء من حرق الطوب الأخضر. كما ناشد عطية المسئولين بأن يشعروا بالعمال وألا يكونوا "اليد الآثمة" التي ألقت بالعمال في طريق التشتت والانهيار الأسري بسبب وقف المصانع، مؤكدًا أن صناعات وحرف أخرى تقوم على صناعة الطوب، وأن توقف مصانعه يعني توقف صناعات أخرى. ويرى خالد الحمزاوي، صاحب مصنع طوب بالجيزة، أن الزيادة الحالية لأسعار المازوت لم تأت في وقت مناسب بسبب الركود الكبير في السوق التجاري، مؤكدًا أن الزيادة الحالية للمازوت لها أثر سلبي كبير على أصحاب المصانع والعمال الموجودين حيث سيتم على أثرها غلق غالبية المصانع في الأيام القليلة المقبلة إن لم يتم حل مشكلة المازوت. على جانب آخر، حذر العمال من عواقب تصعيد الغضب إن لم تحل مشاكلهم، والتي أكدوا أنها ستكون بمثابة "انفجار ينذر بعواقب وخيمة"، معتبرين أن ثورة الجياع قد بدأت ملامحها تتشكل وتقترب بوضوح. وأعرب محمود نعمان عن غضبه الشديد من زيادة الأسعار قائلاً: "حسبي الله ونعم الوكيل في من يتلاعبون بأرزاقنا"، متسائلاً عن مدى دراية أصحاب القرار بما على العمال والعاملين في المجال على نحو عام من واجبات أسرية كبيرة. وأوضح:" نحن نعمل باليومية في هذه المصانع ولا نجيد عمل غير هذا، وأنا لدي أربع فتيات في مقتبل العمر أنفق على تعليمهن وتجهيزهن للزواج" وقال نعمان: "إذا تم إغلاق المصنع سوف أتجه للسرقة والبلطجة لأنه لن يكون هناك سبيلاً". أما نادي أبو جبر، عامل، فقد أعرب عن حزنه مؤكدًا أن المصنع هو بمثابة البيت الثاني للعمال فيه ولا يعرفون غيره. وأوضح أنه يعمل في هذا المجال منذ نعومة أظافره، وأنه رب أسرة مكونة من ثلاثة أطفال وزوجة لا يريد غير تربيتهم "بالحلال" ولا يريد أن يتجه إلى طرق أخرى غير مشروعة للحصول على الرزق، مشيرًا إلى أن أسرته لا تطهو طعام اللحم إلا مرة واحدة في الشهر حيث إنه يعمل باليومية وأن دخله محدود وأنه مؤمن بأن الأرزاق بيد الله داعيًا إياه أن يزيل الغمة والكرب عنا. وقال أحمد محمد، الذي يعمل في حرق الطوب، إنه لا يوافق على الاحتجاج بقطع الطريق لما سيترتب عليه من تعطل مصالح المواطنين، مؤكدًا أنهم يقطعون مسافات طويلة للقدوم إلى العمل في المصنع، وقال إن غالبية العمال من محافظة بني سويف، وليس لهم عمل غير الطوب الرملي، كما ناشد المسئولين بخفض أسعار المازوت حتى يعود العمل مرة أخرى إلى المصنع ويعاود العمال نشاطهم العملي لزيادة الإنتاج والحصول على الأجر المناسب. وأكد خلف حسن، عامل، أنه ليس لهم سبيل في حال غلق المصنع إلا القيام بأعمال سرقة ونهب واعتداء على المنشآت العامة والخاصة للحصول على المال حتى يستطيعوا تغطية متطلباتهم الأسرية والاجتماعية، معتبرًا أن الأمر لا يتطلب غير ذلك في حال تجاهل المسئولين لمشاكلهم. وقال: "نحن الطبقة الكادحة في هذا المجتمع التي تحملت ما لا يتحمله الجبال".