كثيراً ما يسمع المرء عن ولادات مبكرة على أثرها يستلزم وضع المولود بالحضانات لعدة أيام؛ قد تطول بحسب الحالة الصحية الطفل. وغالباً ما تفوق فواتير الحضانات قدرات بعض المواطنين المصريين، لكن المشكلة الأكبر تكمن في قلة عدد الحضانات المتوافرة في مستشفيات مصر، فتضطر الأسرة التي تتفاجأ بحاجة مولودها للحضانة، إلى الدوران على كافة أماكن تواجد الحضانات بالمستشفيات الحكومية والخاصة داخل محافظة الأسرة وخارجها، وبصعوبة بالغة يعثر رب الأسرة على حضانة لطفله. فمصر يصل عدد المواليد بها إلى مليون و900 ألف طفل سنوياً في الوقت الذي لا يتوافر بها حكومياً سوى 2500 حضانة فقط موزعة على مستوى الجمهورية رغم أن سعر الحضانة الواحدة يتراوح بين 25 و80 ألف جنيه، الأمر الذي جعل لجنة الصحة بمجلس الشعب تعترف بأن10% من الأطفال ناقصي النمو يموتون لعدم وجود أماكن لهم في الحضانات التي ترعي الأطفال المبتسرين بالمستشفيات. أما تكلفة قضاء المولود في الحضانة في اليوم الواحد بالمستشفيات الخاصة فتتراوح بين 500 جنيه وألف جنيه، وفي المستشفيات الحكومية ذات قائمة الانتظار الممتلئة دائماً تتكلف 150 جنيهاً في اليوم، هذا فضلاً عن تكاليف العلاج. من هنا وفي ظل هذه المشكلة التي ترهق الأسر المصرية مادياً ونفسياً وبدنياً، وفي ضوء الخطورة على حياة المواليد في ظل ندرة الحضانات وبعد أماكنها، وعدم قدرة بعض الأسر على دفع تكاليف الحضانة؛ يأتي سؤال ليفرض نفسه على الذهن؛ وهو لماذا لا تنشئ كل محافظة مستشفى للأطفال تكون مخصصة لتقديم خدمة الحضانات فقط، مجاناً لغير القادرين، وبأجر معقول للقادرين، أو بأجر رمزي لكلاهما. أعرف إحدى محافظات مصر تم فيها رصف وتجميل أحد شوارعها الداخلية مرتين في عامين، وقد تم اقتلاع أشجار الزينة الرائعة منها بعد يومين فقط من غرسها، ليهدم الطريق الجديد، ويعاد رصفه مرة أخرى، وكانت التكلفة الإجمالية للرصف السيئ لهذا الشارع الذي لا يتجاوز طوله 800 متر: عشرين مليون جنيه مصري، أربعة ملايين في المرة الأولى، وستة عشر مليون في المرة الثانية. مبلغ كان يمكن تخصيصه لبناء مثل هذه المستشفى، فيكون الأجر ممتداً في صحيفة المسئولين بدلاً من أن تسجل فيها أشياء أخرى. وبالعموم فإن خطوات هذا المشروع والذي يمكن لكل محافظ أن يطبقه في محافظته ليرضي به ربه، ويفتخر به مع نفسه بعد تقاعده، أن تأخذ الصورة التالية: 1) تشكيل لجنة طبية وهندسية لوضع دراسة جدوى لمشروع بناء مستشفى ضخم للأطفال المبتسرين بالمحافظة، وبأكبر سعة سريرية ممكنة. 2) أن يحشد المحافظ كل فئات محافظته للمساهمة في إتمام هذا المشروع. 3) تشكيل لجنة من أبناء المحافظة الثقات لمراقبة التبرعات العينية والمادية وذلك لمزيد من الشفافية، وهذه نقطة تولد لدى المساهمين الثقة في جدية المشروع. 4) أن يخصص المحافظ قطعة أرض ذات مساحة كبيرة بأحد أطراف المدينة المركزية بالمحافظة، وذلك من أجل إقامة المستشفى عليها. 5) البحث في ميزانية المحافظة وما يمكن اقتطاعه منها للمساهمة في بناء وتجهيز المستشفى. 6) التوكل على الله والبدء في بناء الصرح الطبي ووضع جدول زمني للانتهاء من المشروع في أقصر فترة ممكنة، وذلك حتى يكون المشروع تحت نظر المحافظ الذي بدأ به. 7) إسناد المشروع لشخصيات طبية ذات كفاءة عالية، ووضع ضوابط المراقبة والجدية الإدارية. تكلمنا في هذا المشروع بصورة لا مركزية، يصنع المحافظ فيها سياسة المشروع ويشرف على تنفيذه، بحيث تتكاتف الجهود الرسمية مع الجهود الأهلية لإنشاء صرح طبي تحتاجه كل محافظة. لكن يمكن أيضاً أن يتم تضمين هذا الهدف في سياسات الرعاية الصحية للدولة، بحيث يتم تطبيق هذا المشروع بصورة مركزية ضمن مشروعات وزارة الصحة المصرية. أو على أقل تقدير أن تعتمد الدولة لكل محافظة مبلغاً من المال تتولى المحافظة من خلاله إنشاء تلك المستشفى. ويمكن أيضاً لكل رجل أعمال مصري لديه روح الوطنية أن يتكفل بإنشاء مستشفي الأطفال المبتسرين في إحدى المحافظات، وبالتالي يمكن لرجال الأعمال خاصة المليارديرات منهم أن يغطوا كافة محافظات مصر. وفي كلٍ خير؛ المهم أن تكون كل محافظة بها مستشفى ضخم للأطفال المبتسرين يمكنه استيعاب أكبر عدد ممكن من المواليد المحتاجين للحضانات، وبأجر رمزي يرحم الأسر المصرية من أثقال فواتير حضانات المستشفيات الخاصة. [email protected]