اندلعت الحرب الإعلامية الرياضية الشاملة بين مصر والجزائر وهي حرب ضروس حول فيها الأشقاء الإعلاميين الرياضيين وربما غيرهم بالجزائر الشقيق، نظرائهم في الجانب المصري من أشقاء أعداء إلى أعداء أعداء وأعلنوها حرباً شاملة وقودها العار والنار.. ولم يكن العبدلله أبداً يظن أن الهزيمة من منتخب مصر في غمرة البحث عن بطاقة العم بلاتر، قد يشعل هذه الحرب وعلى نحو تتحول فيه الصحافة الرياضية الجزائرية إلى (صحاف) جديد تعلن البيانات العسكرية عن قتلى وجرحى في معركة استعادة الكرامة وإلحاق الخزي والعار بالأعداء المصريين الذين لم يسبق لهم أن أمسكوا بندقية ولا وقفوا في خندق ولا حاربوا عدواً ولا انتصروا في قتال.. وقبل موقعة الجزائر التاريخية في القاهرة، كان العبدلله جاهل في التاريخ ولا يعلم إلا ما تيسر وما ترسخ عبر عشرات السنين من كلمات العروبة والقومية والأخوة والشقاقة (من الشقيق) وهي الكلمات التي أكلها التعصب والعمى والجهل.. والحقيقة أنه ومنذ اللحظة الأولى بعد قرعة أم المعارك وتواجد منتخبي مصر والجزائر معا في المجموعة الثالثة لتصفيات المونديال، راحت الصحف الجزائرية تنقل عشرات الآلاف من الأخبار والمزاعم والاتهامات وكأن التأهل لكأس العالم سيتوقف عليه مصير أمة وشعب الجزائر إلى قيام الساعة.. فلم أكن أدري أبدا أن التعصب من هؤلاء الجماهير الجزائرية (كلهم وليس بعضهم)، ومن الإعلام الرياضي الجزائري (كله وليس بعضه) يصل إلى هذا الحد.. لقد انهزمنا 3-1 في الجزائر من سكات، لأنها رياضة في نهاية المطاف، وفقد أحد المصريين عينه فداءً للعروبة ولم يتكلم أحد لأننا شعب يؤمن بالقضاء والقدر، أما الأشقاء في الجزائر فقد (اتعور) منهم لاعب جزائري شقيق بخربوش من طوبة طائشة فحولوها إلى مشاهد دموية وصوروا المصريين بأنهم مصاصي دماء ونزل اللاعب المغروز في رأسه 130 غرزة وهو يربط دماغه بشاشة في المباراة في مشاهد ساخرة ومسخرة لشئ واحد هو التأهل ويحيى العروبة.. وما آلم العبدالله شخصياً هو خروج اللاعب الجزائري الأصل رفيق صايفي كابتن الفريق العربي الجزائري الشقيق وهو يصرخ ويحتج بعد الوصول للقاهرة على مقابلة المصريين بالطوب والحجارة.. وما آلمني ليس الطوبة المعطوبة بقدر ما آلمني أن صايفي كان يصرخ مع دخول الشتاء باللغة الفرنسية العامية الفصيحة الطليقة البليغة على نحو أشعر العبدلله أنه باستثناء بنجور جاهل جاهل.. جاهل لحد يستحق معه لقب مصاص الجهل والدماء.. جريدة "الشروق" التي حج إليها شوبير وعامر كانت منذ الدقيقة الأولى رأس الحربة في تصوير الشعب المصري بالخيانة والعمالة وهي التي عمدت إلى التنكيل بلاعبي مصر وبحسن شحاته وقادت الجمهور الأخضر سابقا، الأسود حاليا، المتعصب على المنتديات لتنقل أعمالهم الفنية التي يحقرون فيها – دون طوبة ولا يحزنون – كل لاعبي مصر، وظلت الشرشوحة الإعلامية تكتب شهور طويلة وتكرس معتقدات معيبة وكلام لا يخرج إلا من أشخاص فاقدي الوعي مع سبق الإصرار والترصد.. ولم يستفق الإعلام المصري وخاصة الفضائي المهتم بمصالح اقطابه إلا متأخراً للهجمة الشروقية الغادرة التي تتهم مصر وجماهيرها بالخيانة والعمالة وتخلط الرياضة بالسياسة والاقتصاد بالعلوم والحساب وتهيئ الجماهير الجزائرية وهي من النوع القابل للإشعال الذاتي، لحرب التحرير المقدسة ضد المصريين في أم المعارك الكروية التي جعلت العقلاء من المصريين يكرهون بلاتر ويكرهون المونديال، ويكرهون كرة القدم.. فأي تأهل وأي مونديال الذي يتراشق فيه الأشقاء سابقاً بكل كلمات القذع والقذف والاتهام بالعمالة وإشاعة الرذيلة وانتهاك الحرمات!!.. وباعتقادي فإن الرد الوحيد على هذه المهاترات والمغالطات القادمة من بلد المليون ونصف شهيد هو شئ واحد أن يوفقنا الله للتأهل، فهم الذين جن جنونهم بعد الهزيمة بهدفين باستاد القاهرة وهم الذين سيطير عقلهم لو طارت بطاقة لا يستحقونها للمونديال.. أما الجمهور المصري (المتحضر) فمعظمه إلا (المتخضرين) منهم على الأقل، يعلم أنها رياضة ويكفي أن أبطال إفريقيا يستحقون بجدارة التأهل لجنوب أفريقيا.. ولو لم نتأهل (هنزعل) خمس دقائق ثم بعدها سنفيق ونستفيق وانتهى الموضوع دون أن نحطم أو نكسر أو نشعل النيران، لأن مصر ببساطة بلد تحتضن شعب لا يعرف التعصب وموطن جمهور ليس أعمى البصر والبصيرة!! www.superkoora.com