تتباين ردود الأفعال في بورسعيد حول رسائل التهدئة التي بعث بها الرئيس المصري محمد مرسي إلى المدينة الإستراتيجية، التي دخلت منذ أقل من أسبوعين في عصيان مدني. فردا على الحكم القضائي يوم 26 يناير الماضي بإحالة أوراق 21 متهمًا في قضية استاد بورسعيد، تفجرت أعمال عنف في المدينة؛ أودت بحياة أكثر من أربعين من سكانها؛ ما اشعل غضبا شعبيا مازال مستمرا. وسعيا لاحتواء هذا الغضب، بحسب مراقبين، أقر مجلس الشوري (المكلف مؤقتا بالتشريع) قانونا بإعادة تشغيل المنطقة الحرة في بورسعيد، وتخصيص 400 مليون جنيه (60 مليون دولار) من عوائد قناة السويس سنويا لتنمية محافظات القناة الثلاث، وهى بورسعيد والإسماعيلية والسويس، بجانب تخصيص قضاة للتحقيق في حوادث القتل التي شهدتها بورسعيد والسويس، على أن تُعلن نتائجها للرأي العام، فضلا عن إعلان الرئيس المصري اعتزامه زيارة المدينة (على المدخل الشمالي لقناة السويس) "دون أن يحدد موعدا". وعن قرار إعادة تشغيل المنطقة الحرة، رأى على مصطفى محمود، صاحب محل ملابس بشارع طولون التجاري، أن "القرار جيد وكنا ننتظره، لكن الأحداث التي تمر بها المدينة تؤثر سلبا على حركة التجارة التي تحتاج هدوء واستقرار". ومنطقة التجارة الحرة أنشأها الرئيس الراحل أنور السادات عام 1976، بقرار جمهوري، لتنشيط المدينة الساحلية اقتصاديا. غير أن الرئيس السابق حسنى مبارك ألغى القرار في سبتمبر/أيلول عام 1999، عقب ما زعمه البعض عن تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل أحد أهالي المدينة. ومتفقا مع محمود، قال محمد رمضان، وهو بائع متجول: إن "عودة المنطقة الحرة حلم تحقق.. لكن في ظروف غير مواتية.. نريد أن تستقر المدينة ويتم القصاص للشهداء؛ ليرتاح الجميع وتعود الحياة إلى طبيعتها". بدوره، قال عيسى السندوبي، وهو تاجر: "شكرا للرئيس مرسي على هذا القرار، لكن أين الزوار الذى يتسوقون من المدينة ؟!.. فلا تجارة في غياب الأمن". ولعودة المنطقة الحرة "على أسس سليمة"، رأى إبراهيم الدسوقي، وهو تاجر ومستورد، أنه "لا بد من التخلص من الفساد والمحسوبية في توزيع الحصص الاستيرادية كما كان يفعل الحزب الوطني (الحاكم سابقا والذي تم حله عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011)". ودعا الدسوقي إلى "نقل تجارب (إمارة) دبى وتركيا وهونج كونج إلى مصر، وتحديث النظام التجاري في بورسعيد". في مقابل استحسان بعض أهالي بورسعيد لهذا القرار، وإن لم يروا ظروف تطبيقه مواتية، أعرب نشطاء رياضيين وعماليين وسياسيين عن رفضهم لقرار عودة المنطقة الحرة، وشككوا في النوايا خلف هذه القرارات. ومتوجها إلى الرئيس المصري، قال على سبايسي، وهو أحد قادة جماهير نادي المصري البورسعيدي لكرة القدم: "يا سيادة الرئيس لا نريد أموالا، نريد حق الشهداء.. يا سيادة الرئيس لن تدخل بورسعيد إلا بعد القصاص للشهداء". وبدوره، أعرب القيادي العمالي والبرلماني السابق البدرى فرغلي عن رفضه لزيارة مرسي للمدينة، قائلا: "فليأتي الرئيس (إلى بورسعيد) غازيا، لكنه لن يكون مرحبا به، فكيف يقابل مرسي من فرض عليهم حالة الطوارئ ؟!". أما نصر الزهرة سكرتير حزب الوفد المعارض، فرأى أن "عودة تشغيل المنطقة الحرة إلى صورتها الأولى تبدو غامضة؛ لأن القرار بإعادتها إلى أوضاع عام 1976 يعنى إلغاء تحديد الحصص الاستيرادية، وإلغاء كل ما تم حظره من سلع كانت تستورد برسوم المنطقة الحرة". كما أعرب أشرف العزبي، وهو محامي، عن شكوك في القرارات الحكومية بشأن أحداث بورسعيد. وقال العزبي إن "وزير العدل كلف قاض بالتحقيق في اقتحام محاولة سجن بورسعيد، ولم يكلفه بالتحقيق في سقوط شهداء وجرحى". كما أن "الرئيس حدد تعويضا 75 ألف جنيه مصري (11 ألف دولار) لكل شهيد، وهذا أقل مما حددته الدولة لشهداء (ثورة) يناير 2011 (15 ألف دولار). وختم المحامي البورسعيدي بالإعراب عن خشيته من "احتمال تفريغ القرار من مضمونه عبر ربط تنفيذه باستخراج صحيفة أحوال جنائية للشهيد؛ وهو ما لم يحدث مع شهداء يناير أو شهداء النادي الأهلي" ال72، الذي سقطوا في استاد بورسعيد خلال مباراة الأهلي والمصري فبراير الماضي.