الأستاذة العاقلة الرصينة أميمة السيد أرجو أن تشاركيني التفكير, حيث إنني أثق برأيك المعتدل. أنا أرملة منذ 22 عامًا, أبلغ من العمر 50 عامًا, أعمل مفتشة في إحدى الإدارات التعليمية بإحدى المحافظات, زوجي الله يرحمه كان رجلاً فاضلاً وكريمًا جدًا أنجبت منه ولدين, الصغير كان بالحضانة والكبير كان بالصف الثالث الابتدائي, وموت زوجي كان فاجعة لي واجهت صعابًا كثيرة حتى أربى أولادي, رفضت كل من تقدموا لي للزواج، حتى لا أعرض أولادي للعيش مع زوج أم يمكن أن يعاملهم بجفاء, وجهت كل طاقتي لعملي كمدرسة بالبداية ولأولادي, لم التفت إلى مباهج الدنيا ولا حلاوة الحياة, كبر أولادي وأكملوا تعليمهم الجامعي, وابني الكبير حصل على الدكتوراه وأصبح أستاذًا بإحدى الجامعات خارج مصر, متزوج ولديه طفلة جميلة أسعد كثيرًا حين رؤيتها والحمد لله, ابني الصغير يعمل مهندس بترول, وحاليًا خاطب ويستعد للزواج, مشكلتي أنني وبعد هذا العمر تقدم لي رجل أعمال فاضل يكبرني بنحو 7 سنوات, يقدرني كثيرًا ومتمسك بالزواج مني، وهو أيضًا أرمل، وليس لديه أبناء, ولا أخفى عليكِ سيدتي أنني تعلقت به وأتمنى أن أتزوجه, ولكني أعود لأرى وضعي كما ذكرته لك وعدد سنوات عمري, وعصبية ابني الصغير, حينما لمحت بموضوع شبيه ولم أشر لنفسي فيه, فأخشى أن أفتح ذلك الموضوع مع أولادي حتى لا أؤذى مشاعرهم أو تحدث بيننا خلافات أو أخسرهم, فتراجعت عن الموافقة, ولكن مع إصرار ذلك الرجل الذي دخل حياتي منذ فترة وأنا أحاول الابتعاد وهو يقترب ومع تمسكه بي لهذه الدرجة, أجد نفسي في حيرة من أمري, خاصةً حين طلب منى الزواج دون علمهم عندما علم بحيرتي, والآن ما رأيك أميمة هل أرفض وأنا على مضض؟ أم أتزوجه سرًا وبدون علم أولادي؟؟ عذرًا على الإطالة ولكني وددت أن تشاركيني رأيك ضروري, وتقبلي خالص حبي (الحل) سيدتي الغالية.. جزاكِ الله خير الجزاء على صبرك على ابتلاء فقد الزوج وأنت وأبناؤك في سن صغيرة وعلى إصرارك على تربية أبنائك خير تربية وتعليمهم أفضل تعليم إلى أن وصلتي بهم إلى بر الأمان. ومن قال سيدتي إن الإقبال على الحياة له عمر معين أو مرحلة عمرية؟؟ بالطبع لا, وأنتِ الآن في مرحلة ليست بالصغيرة، ولكنى أعتبرها مرحلة شابة طالما نعمة الصحة موجودة وأغلب النساء لا تظهر على ملامحهن علامات تقدم العمر، وأحيانًا يكن أكبر منكِ بكثير. ولكن لم تحاولين إخفاء موضوع زواجك عن أولادك, فيبدو أنكِ لم تطرحِ الموضوع عليهم, أو حتى تلمحي لهم عنه وأنكِ المقصودة. جربي أن تطرحيه عليهم, وإذا ظهر لكِ بداية بالترحيب؛ حاولي أن تقنعيهم بالمركز المتميز لذلك الرجل, وضحي لهم كم كانت تضحيتك من أجلهم وكنتي وقتها في ريعان الشباب والجمال, تحدثي معهم عن قرب وعلى أنهم أصدقاؤك وأخبريهم بنظرتك البعيدة، حينما يتزوج ابنك الصغير فستصبحين وحيدة بلا مؤنس خاصةً إذا وصلتِ لسن المعاش, حاولي إقناعهم بأنه رجل ميسور ولا يطمع في مال لديكم وهو فقط يحتاج إلى رفيقة لتكملا معًا ما تبقى من عمركما. وأعتقد سيدتي الفاضلة أن أولادك ناضجون الآن ويستطيعون تفهم الأمر, وإن كنت أرى أنهم إن وافقوا فلن يوافقوا بسهولة ولن يكون الوضع محببًا إليهم بشكل يسير, فهم يشعرون طوال عمرهم أنهم يمتلكون أمهم دون شريك أو منافس, وهذا أمر طبيعي فلا تقلقي, وحاولي أن تعرضي الأمر على من تثقي به من إخوتك أو إحدى صديقاتك ويكون لهم تأثير عليهم ويقتنعون بكلامه. ولكن.. وهنا المربط الأكبر للموضوع, إن حاولتي معهم وأصروا على الرفض, فأنصحك غاليتي أن تعتذري لذلك الرجل الفاضل عن الزواج منه, ثم تنسحبي من التفكير في أمر زواجك ولا تفكري أبدًًا في الزواج سرًا, فسرية الزواج حبيبتي تعرض الزوجة لمشاكل لا حصر لها, كما تعرضها للقيل والقال, وتخيلي موقفك لو أن أحد أبنائك علم بزواجك سرًا فماذا يكون وضعك وموقفك وقتها؟؟ فأنتِ غاليتى سيدة فاضلة لها مركزها الوظيفى ووضعها بين زملاء وطلبة لابد وأن يكون ذلك الوضع قدوة للآخرين, فلا تقللى من مكانتك وسط الجميع, كما أنكِ إن حسبتيها فالإنسان فى ذلك العمر يستعد للاستقرار النفسى وليس لمحاولات التخفى والاختباء خشية نظرة المجتمع أو الدخول فى مواجهات وتبريرات لا جدوى منها. فأتمنى أن يوافق أبناؤك, ولكن لا قدر الله فى حال رفضهم بإصرار فلا تخسريهم وتضيعى شقاء عمرك معهم وعليهم, فمن ظلت شبابها كله بدون زوج لتربى أبناءها فيسير عليها تماماً أن تظل كما هى ولا تفكر فى الزواج مطلقاً حتى تحافظ عليهم.. على الرغم أننى أخالفك فى أنكِ لم تتزوجى وهم صغار، فكان عليكِ أن تتزوجى من رجل صالح تأمنى على أبنائك وعلى نفسك معه، ووقتها كان الوضع سيصبح عادياً بالنسبة لهم, ولكنك آثرتِ أن تنأى بهم عن القلق من معاملة ظننتى أن تكون وقتها غير رحيمة وهذا أمر بالطبع كما ذكرت يحسب لكِ.. صدقينى سيدتى.. إن لم تجدى موافقة من أبنائك على زواجك، فسوف تجدين لديهم الكثير من الحب والبر منهم ومن أبنائهم فى المستقبل, فضلاً عن ثوابك وجزاؤك عند الله فى الدنيا وفى الآخرة، حيث ستتزاحمين مع رسول الله على دخول الجنة, فكما قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أن تأتي امرأة تبادرني فأقول لها: مالك ومن أنت؟ فتقول أنا امرأة قعدت على أيتام لي"، أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم ووافقه الذهبى. لإرسال مشكلتك والتواصل مع الأستاذة/أميمة السيد [email protected]