سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تشبيه إعلام الحكومة خلال الاستفتاء بإعلام النكسة .. والإعلان عن تحالف بين الوفد والتجمع والناصري خلال الانتخابات المقبلة .. ودراسة تفضح حقيقة علاقة الليبراليين الجدد بالحزب الحاكم والولايات المتحدة .. واتهام مساعدي الرئيس بحجب الحقيقة عنه
شهدت صحف القاهرة اليوم لما يكون اعتباره إغلاقا لملف " جردة الحساب " الخاصة بالاستفتاء على التعديل الدستوري ، حيث بات واضحا أن الجميع يبدأ الاستعداد لمرحلة ما بعد الاستفتاء ، والتي تشهد زخما كبيرا ، ما بين انتخابات رئاسية وبرلمانية ، حيث كررت صحيفة " الأهرام" دعوة الهدنة التي أطلقها أمس جلال دويدار في " الأخبار" أمس ، وفي المقابل نشرت صحيفة الوفد نص بيان التحالف الجديد بين أحزاب الوفد والتجمع والناصري لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ببرنامج وقائمة موحدة . ورغم ذلك ، فان صحف اليوم ، لم تخل من انتقادات للحكومة ، حيث اتهم البعض مساعدي الرئيس مبارك بأنهم ليس أمناء في نقل المعلومات له ، بينما واصل ضياء رشوان نشر الجزء الثاني من دراسته عن علاقة الولاياتالمتحدة بالقوى السياسية الرئيسية في مصر ، وتناول في هذا الجزء علاقة ما يسمى ب "الليبراليين الجدد " بواشنطن . وفي التفاصيل مزيد من المساجلات . نبدأ جولة اليوم من صحيفة " الوفد" المعارضة ، والتي نشرت في صدر صفحتها الأولى نص البيان الذي أصدره رؤساء أحزاب المعارضة الوفد والتجمع والناصري ، حول تحالفهم لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ببرنامج وقائمة موحدة . وقالت الوفد " قرر الدكتور نعمان جمعة والدكتور رفعت السعيد وضياء الدين داود رؤساء أحزاب الوفد والتجمع والناصري تشكيل لجنة من ممثلي الأحزاب الثلاثة لوضع برنامج انتخابي مشترك ولجنة مشتركة لبحث قواعد للتنسيق في معركة انتخابات مجلس الشعب القادمة. وطالب رؤساء الأحزاب بضرورة تحقيق إصلاحات قبل إجراء أي انتخاب مقبل. وتشمل هذه الإصلاحات إنهاء العمل بحالة الطوارئ فوراً وأن يتخلى رئيس الجمهورية عن عضويته بالحزب الحاكم ضماناً لتحقيق تكافؤ الفرص بين الأحزاب " . وأضافت " وطالب رؤساء الأحزاب الثلاثة بتشكيل حكومة محايدة تكون مسئولة عن إدارة شئون البلاد من الآن وحتى آخر ديسمبر القادم وأن يتولى مجلس القضاء إدارة العملية الانتخابية " . ويبدو أن الإعلان عن هذا التحالف ، قد تجاوب مع الدعوة التي أطلقها إبراهيم نافع في مقاله اليومي " حقائق" بالأهرام ، لإغلاق ملف الاستفتاء والاستعداد للمرحلة المقبلة . وقال " انتهي عصر الاستفتاء علي منصب رئيس الجمهورية, ودخلنا مرحلة جديدة, ومع هذا التغيير الكبير مازالت بعض الأحزاب والجماعات السياسية متوقفة عند حدود الماضي, وغير قادرة علي العبور إلي المستقبل, فهي ترفع الشعارات القديمة نفسها, علي الرغم من أننا قد أصبحنا أمام حالة مختلفة, تتطلب تغييرا في الأفكار والأهداف ". وأضاف " وإذا أردنا الإصلاح السياسي الشامل فإن الأمر يجب ألا يقتصر علي حزب واحد, حتى لو كان هو الحزب الوطني صاحب الأغلبية في مجلسي الشعب والشوري والمحليات, وهو الذي قدم في مؤتمراته السابقة مجموعة من الأفكار الجديدة في وقت عجزت فيه معظم الأحزاب السياسية عن ضخ دماء جديدة, وليس معقولا أن تبقي كما هي علي مدي سنوات دون تغيير ملموس ". واعتبر نافع " أن هذه الأحزاب مطالبة أيضا بترتيب نفسها من الداخل, حتي تتكامل منظومة العمل السياسي, كما يجب ألا تنتظر الأحزاب تغييرات من خارجها, فالمنافسة في أي انتخابات مقبلة, سواء أكانت رئاسية أم انتخابات مجلسي الشعب والشورى أو المحليات, تتطلب وجودا حقيقيا علي المسرح السياسي, وليس الغضب والهجوم علي أهم تعديل جري في نصف القرن الأخير ". وفي المقابل ، لم تخل صحف اليوم من انتقادات للتجاوزات التي شهدها الاستفتاء على التعديل الدستوري ، حيث قال سيد على في " الأهرام" ، إن " الذي غاب عن الحرس القديم ، أن كثيرين تعاملوا مع الاستفتاء علي أنه بروفة لانتخابات الرئاسة المقبلة, وما بين الإصرار علي القديم ورفض المعارضة وشوق الناس للتغيير, بدا الأداء المهني الإعلامي في إدارة الاستفتاء مهينا مستخفا بعقول الناس, وعمق الشكوك أكثر في جدية ما يطرحه أصحاب الفكر الجديد, وجاء بنتائج عكسية تسحب من رصيد المؤيدين لحساب المعارضين ليس عن اقتناع, ولكن رفضا للممارسات القديمة " . وأوضح على أنه " بنظرة علي الأداء التليفزيوني نكتشف أنه عاد بتقنيات الصورة إلي عصر الصوت, حيث حشد عددا ضخما من البرامج التي تعتمد علي حوارات الكراسي ، كان الصوت عاليا متعاليا منفعلا منحازا ، وهو ما أعادنا سنوات للخلف لإعلام التعبئة الذي يهدم ولا يبني, يفرق ولا يجمع, يعمق السلبية وعدم المشاركة, وبدلا من أن تنقل خطوة انتخاب الرئيس مصر خطوات للأمام, أعادتنا هذه الممارسات سنوات للخلف ، حتى ظن البعض أن جوبلز لم يرحل منذ عقود, وأن نجوم النكسة لا يزالون يقبعون في ماسبيرو, ويكفي أن يستمر مذيع واحد علي الشاشة عشر ساعات وهو مرتبك ويكرر ما يقول, ومذيع آخر نسي مهمته في إدارة الحوار متحدثا نيابة عن ضيوفه مستهزئا مصطلحات تنفي حياديته ، مستهزئا بوجهة النظر الأخرى " . واعتبر سيد على أن " المشكلة المزمنة أن القائمين علي أمر التليفزيون لا يزالون مؤمنين بأنهم اللاعب الوحيد في الساحة, ويتجاهلون إن قناة تليفزيونية خليجية يديرها محترفون وضعت دولة صغيرة علي خريطة الإعلام الدولي باقتدار شاء البعض أو رفض ". ومن جانبه ، حاول سليمان جودة أن يقدم إجابة عن الفجوة المتسعة ما بين مؤسسات النظام ، بما فيها مؤسسة الرئاسة ، وبين الشارع ، قائلا " أحد الذين اقتربوا من الرئيس مبارك، وعملوا معه، لفترة طويلة، قال لي ذات يوم، إن الرئيس قادر، إذا وجد نفسه أمام عدة بدائل، أن يختار منها البديل الصحيح.. فالمهم أن يكون من بين البدائل المطروحة، علي مائدة الرئاسة بديل صائب، يرضي عنه الناس، ويستجيب لطموحات الشعب، فتلتقطه عين الرئيس، من أول لحظة ". وأضاف "والإنسان حين يتأمل ما يقال ثم ما يجري علي أرض الواقع في مصر يتبين له علي الفور أن هناك فجوة هائلة، بين الشيئين، وتكاد تتصور أن الذي يقول، ينتمي إلي بلد، وأن الذي يفعل ينتمي إلي بلد آخر ". وربما يكون أقرب الأمثلة إلي ذلك هو ما حدث مع المادة 76.. وأرجو ممن يريد أن يقارن وممن يريد أن يري أن يأتي بصحف 27 يناير الماضي، وما بعده بأيام عقب إعلان الرئيس مبادرته بتعديل المادة إياها ثم يقارن بينها وبين الصحف الصادرة هذه الأيام وسوف يكتشف من النظرة الأولي أن هناك شيئا ما قد حدث وأن الأمل الذي كان قد انعقد علي المبادرة قد تبدد تماما أو كاد.. وأن ما أعلنه الرئيس وقتها شيء لا علاقة له بما انتهي إليه الأمر " . وانتهى سليمان جودة متسائلا " فما المعني؟.. المعني أن الذين عرضوا ويعرضون علي الرئيس، ليسوا في أغلبهم أمناء!! " . نترك سليمان جودة وتساؤلاته ، لعله يجد من يعطيه الجواب الشافي لها ، وننتقل إلى صحيفة " المصري اليوم " المستقلة " ، والجزء الثاني من الدراسة التي ينشرها الدكتور ضياء رشوان ، حول " حقيقة الوجود الأمريكي في مصر " ، وكنا قد استعرضنا في جولة سابقة الجزء الأول من الدراسة ، والذي خصصه رشوان لجماعة الأخوان المسلمين ، وفي هذا الجزء يتحدث عن علاقة الولاياتالمتحدة بجماعة " الليبراليون الجدد " في مصر بالولاياتالمتحدة . واعتبر رشوان أنه " وعلى خلاف الليبراليين المصريين القدامى والذين يعد حزب الوفد وجمعية النداء الجديد أبرز رموزهم التنظيمية فضلاً عن بعض الرموز الفردية المعروفة فإن الليبراليين الجدد بفئتيهم يختصون بسمات ثلاث رئيسية: الأولى: أن مصدر إلهامهم الفكري لليبرالية هو النموذج الأمريكي وليس الأوروبي الغربي أو المصري السابق على ثورة 1952 كما حال الليبراليين القدامى. ويوضح التأمل الأول للإنتاج الفكري لهؤلاء الليبراليين الجدد أن مصدر انجذابهم الرئيسي للنموذج الأمريكي ليس ما يحمله من قيم ليبرالية تتعلق بالمساواة والحرية بقدر ما يمثله من قوة ومكانة على الصعيد الدولي وما يرتبط بهما من تقدم وازدهار على الصعيد الداخلي. وأضاف " ويختلف الليبراليون الجدد جذرياً عن القدامى في مصر في رؤيتهم لإسرائيل والصراع العربي الفلسطيني معها حيث ينزع معظمهم إلى الدعوة لإنهاء هذا الصراع بأي وسيلة والعمل على تحسين العلاقات المصرية والعربية مع الدولة العبرية فيما شاعت تسميته التطبيع. ويصدر هؤلاء في موقفهم هذا الذي يقف ضده بحسم الليبراليون القدامى عن الرؤية نفسها التي جذبتهم للنموذج الأمريكي أي اعتبار القوة والمكانة التي يرون أن إسرائيل تحظى بها داخلياً وخارجياً خصوصاً في علاقتها بالولاياتالمتحدةالأمريكية التي يرون أن هناك ضرورة لتوثيق العلاقات الاستراتيجية المصرية والعربية معها وهو ما يرون أن العلاقات الوثيقة مع تل أبيب هي البوابة الأهم لتحقيقه. وأوضح رشوان أن " السمة الثلاثة لليبراليين الجدد ، هي ارتباطهم العملي الوثيق بالولاياتالمتحدة خصوصاً والغرب عموماً حيث ينخرطون عبر مختلف أعمالهم ومهنهم في شبكات واسعة للمصالح تكون مراكزها عادة أمريكية سواء اتخذت شكل شركات اقتصادية وتجارية أو مراكز بحثية أو جامعات أو غير ذلك من أشكال وهو الأمر الذي لا يوجد له نظير بين الليبراليين القدامى الذين تتركز معظم مصالحهم العملية والمهنية داخل البلاد ". ولفت رشوان أنه " بينما زادت المتناقضات بين الإدارة الأمريكية والدولة المصرية بعد احتلال العراق حول قضية الإصلاح السياسي وقضايا خارجية أخرى ونشطت مختلف قوى المعارضة في مواجهتها السياسية الحكومية ومعارضتها السياسات الأمريكية في المنطقة العربية فقد تميز سلوك الليبراليين الجدد بعدة خصائص: الأولى: أن معظمهم تخلى عن حذره المعتاد تجاه العمل السياسي المباشر وتوجهوا إلى ممارسته جماعات وأفراداً نحو الحزب الوطني الحاكم خصوصاً لجنة السياسات التي يرأسها السيد جمال مبارك نجل الرئيس. وبدا واضحا أن اختيار الحزب الحاكم ممارسة العمل السياسي المباشر من جانب الليبراليين الجدد وإن تستر بشعارات الإصلاح من الداخل كان لأنه الطريق الأكثر سرعة وأمانا لتحقيق هدف مزدوج من ناحية حصول هؤلاء على المواقع الرسمية والنفوذ الذي يعتقدون دوما أنهم أجدر به من غيرهم ومن ناحية أخرى استغلال الدولة وأجهزتها من أجل نشر نسختهم الأمريكية الليبرالية على أوسع نطاق ممكن. واعتبر رشوان " أن اختيار الدولة لتحقيق الهدف الثاني يبدو متناقضاً مع دعاة فكرة ترمي إلى تقليص سلطان الدولة وتشجيع المجتمع المدني والسياسي المستقل عنها إلا أن معظم الليبراليين الجدد لم يكتفوا بهذا فقط بل عزفوا بصورة واضحة عن أي انخراط في أي أنشطة سياسية أو مدنية خارج الحزب الحاكم وهو ما يمثل خاصيتهم الثانية الرئيسية. وتمادى عدد كبير من الليبراليين الجدد في التصاقهم بل ذوبانهم في الدولة خلال الفترة التالية لاقتراح الرئيس مبارك تعديل المادة 76 من الدستور حيث تحوله إلى نسخة أخرى معدلة قليلا للدولة وحزبها في ترويجهم ما قامت به من تعديل أثار لغطا واسعا في البلاد. وأشار رشوان إلى أنه " بدت الخاصية الثالثة لليبراليين الجدد واضحة في نمط تعاملهم مع القوى الوطنية المعارضة المصرية حيث حرصوا دوما ليس فقط على عدم الاتصال بأي منها بما في ذلك القوى الليبرالية القديمة بل راحوا ينددون بكل القوى انطلاقا من الحجج نفسها السابقة الإشارة إليها. وفي هذا السياق تفرغ قطاع كبير من هؤلاء الليبراليين لمساندة الدولة في معركتها الرئيسية مع جماعة الإخوان المسلمين وليس لمناقشة مطالبها مع قوى المعارضة الأخرى بمزيد من الحريات وبدت الصحف والمقالات والندوات الصادرة عنهم كأنها جزء عضوي من الحملة الحكومية على الجماعة لكن بصياغات مختلفة. وهكذا ففي لحظات الحسم تلفتت واشنطن في بر مصر لتبحث عمن تصورت أنهم الحلفاء الأقرب لها فوجدتهم جميعا تقريباً وقد انخرطوا في صفوف الدولة وحزبها فعادت إلى أرض الواقع مرة أخرى لتستأنف حواراتها وعلاقاتها الاستراتيجية مع الطرف الأكثر أهمية وقدما وحرصا على تلك الحوارات والعلاقات أي الدولة وهو ما سيكون موضوع المقال القادم " .