تباينت ردود الأفعال حول ما ورد في بيان وزارة الداخلية المصرية الذي اتهم عناصر أصولية فلسطينية بالتورط في أحداث دهب الأخيرة، إذ رأى قيادات إسلامية مصرية أنه قد جاء في إطار الضغوط الدولية التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية، لمحاصرة حكومة "حماس" ، بينما رجح خبراء أمنيون دقة المعلومات التي وردت في بيان وزارة الداخلية وأجعوا توقيت الإعلان عنه لظروف التحقيق واكتمال المعلومات . وقد أعربت مصادر إسلامية عن مخاوفها من أن يكون اتهام البيان للعناصر الفلسطينية بتدريب وتأهيل منفذي العملية في قطاع غزة بمثابة محاولة من مصر للتعبير عن مشاركتها في حصار حكومة "حماس"، مثلما فعلت الحكومة الأردنية التي اتهمت "حماس" صراحة بالتورط في تهريب أسلحة ومتفجرات تضر بأمن الأردن. وربطت بين بيان الداخلية واختتام عقد منتدى دافوس الاقتصادي في شرم الشيخ وامتداح مساعد وزير الخارجية الأمريكي روبرت زوليك للإصلاح الاقتصادي والسياسي في مصر، معتبرة أن هذا التوقيت يخدم الإدارة الأمريكية وإسرائيل في حملتيهما لحصار "حماس"، ومحاولة إجبارها على الاعتراف بإسرائيل والقبول بمرجعيات أوسلو. ورأت المصادر في تزامن بيان الداخلية مع حملة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء على الإخوان بأنه جاء لمجاملة واشنطن، التي كثيرًا ما أبدت قلقها للسلطات المصرية من تصاعد شعبية "حماس" في فلسطين و"الإخوان" في مصر، وهو ما فسرته الحكومة المصرية على أنه ضوء أخضر من واشنطن لضرب القوى الإسلامية ومنع صعودها، مقابل غض واشنطن لنظرها عن انتهاكات النظام فيما يخص قضية الإصلاح. من جانبه، شكك ممدوح إسماعيل محامي الجماعات الإسلامية في صحة المعلومات التي وردت في بيان وزارة الداخلية، مشيرًا إلى أنه ليس من المنطقي أن يترك منفذو العمليات في دهب، سيناء على مساحتها الواسعة وتضاريسها الضخمة التي تساعدهم على الاختفاء والتدريب بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية ويذهبوا إلى غزة والتي تعد من أكبر المناطق كثافة سكانية في العالم. وأكد أن هذا البيان يأتي في إطار الحملة التي تعرض لها حركة "حماس" بهدف التشويه والتضييق من جانب القوي الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، وفي سياق التصريحات والاتهامات الأردنية السابقة لحماس بتهريب أسلحة إلى داخل الأراضي الأردنية. وشدد على أهمية عدم الإعلان عن هذه الحقائق حتى ولو كانت صحيحة في هذا التوقيت الذي تتعرض له الحركة لحملة ظالمة. واتفق معه في الرأي منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية، الذي وصف بيان وزارة الداخلية بأنه بيان غريب لم يقدم أدلة واضحة على ما أشار إليه من معلومات فلم يعترف أي متهم في أحداث طابا وشرم الشيخ السابقتين بالتدريب على أراضي فلسطينية. وتساءل عن أهداف الحكومة من الإعلان عن هذه المعلومات في هذا التوقيت ولماذا لم تعلن عن تورط أطراف فلسطينية في التفجيرات السابقة. وشدد الزيات على أن هذا الإعلان يعزز من الضغوط التي تقوم بها الإدارة الأمريكية على حركة "حماس" كما يعزز من مخططات إسقاط الحكومة التي تشكلها الحركة. من جانبه، لا يستبعد الدكتور نبيل فؤاد الخبير الاستراتيجي ورئيس أكاديمية ناصر العسكرية السابق أن يكون قد تم بالفعل تدريب بعض العناصر المتورطة في هذه التفجيرات في غزة، خاصة وأن العمليات الاستشهادية أو الانتحارية غريبة على الساحة المصرية ولا توجد إلا في العراق وجنوب لبنان وفلسطين والأقرب لنا جغرافيا هي فلسطين. وأشار إلى أن هذا الاتهام لا يعني "حماس" أو غيرها من المنظمات الفلسطينية التي ترتبط مع مصر بعلاقات أزلية فهناك أفراد متشددين في الأراضي الفلسطينية، بعد أن أعلنت القاعدة مؤخرا عن تواجد لها على الأراضي المحتلة وادعت أنها فتحت لها مكان جديد في غزة. ورفض الربط بين هذا الإعلان وما سبقه من إعلان الحكومة الأردنية من تورط لحركة "حماس" في تهريب أسلحة على الأراضي الأردنية، مدللاً على ذلك بأن البيان لم يشير إلى "حماس" بخلاف التصريحات والاتهامات الأردنية التي تم توجيهها للحركة مباشرة. وأضاف أن الأجهزة الأمنية لم توجه اتهامات مثل هذه في تفجيرات طابا وشرم الشيخ لأنها لم يتوصل إلى معلومات صحيحة ولم تتمكن من القبض على المتورطين كما فعلت هذه المرة، موضحًا أن هذا الإعلان لن يؤثر على العلاقات المصرية الفلسطينية وأنه لا يدخل في إطار الحملة التي تهدف إلى تشويه صورة حركة "حماس". وقد وافقه الرأي اللواء فؤاد علام نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق الذي رفض ربط صدور هذا البيان بالاتهامات السابقة التي وجهتها الحكومة الأردنية ل "حماس"، مؤكدًا أن من يقومون بهذا الربط هم جماعة "الإخوان" المسلمون" الذين اتهمهم بالسعي إلى ضرب استقرار وأمن مصر. وأشار إلى أن البيان أكد على أن أحد الفلسطينيين قام باصطحاب عدد من المتورطين للتدريب على تركيب المفرقعات والمتفجرات، وهو ما رآه أمرًا غير مستبعد، لكنه يؤثر على العلاقات الفلسطينية المصرية. وعن توقيت الإعلان عن هذه المعلومات، قال علام إن هذا الوقت هو الذي حصلت فيه الداخلية على معلومات مؤكدة وهو ما لا يتيسر في المرات السابقة.
