نفت حركة فتح، التنظيم الرئيسي في منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، ما ورد على لسان قيادات أمنية إسرائيلية في وثيقة سربها موقع "ويكيليكس،" حول طلب الحركة التي يتزعمها رئيس السلطة محمود عباس من تل أبيب شن هجوم عام 2007 على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة الخاضع لسيطرة الأخيرة. وأصدرت فتح بيانًا جاء فيه أنّ ادعاءات مدير جهاز الأمن العام الإسرائيلي يوفال ديسكن التي وردت في ويكيليكس "باطلة جملة وتفصيلاً"، وأن أيًا من أعضائها "لم يطلب من سلطات الاحتلال الإسرائيلية مثل هذا الطلب؛ لأنه بكل بساطة يتنافى مع مبادئ الحركة والقيم الوطنية الحاكمة لعمل ومهام مناضليها". وشدّدت الحركة على عدم وجود أسرار في مواقفها، وأنها "لا يمكن بأي حال من الأحوال طلب النصرة من الاحتلال الإسرائيلي على طرف فلسطيني مهما كانت الظروف والنتائج"، معتبرة ما جاء في الوثيقة تزويرًا لمواقف الحركة الحقيقية، و"مؤامرة مكشوفة من أجهزة الاستخبارات والأمن الإسرائيلية لزيادة الخلاف في الواقع الفلسطيني". واعتبر بيان فتح أنّ الحركة مستهدفة من إسرائيل بسبب "موقفها من الاستيطان، ورفض قيادتها وقيادة منظمة التحرير العودة للمفاوضات بدون توقفه تمامًا". وكانت الوثيقة قد تطرقت إلى الوضع في الأراضي الفلسطينية بعد أيام من سيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة، وطردها لعناصر حركة فتح وأجهزة الأمن منه، وهي عبارة عن برقية بعثها السفير الأمريكي في تل أبيب، ريتشارد جونس، إلى الخارجية الأمريكية بعد لقائه مع ديسكين. وتُشير البرقية إلى أنّ ديسكين سخر من حركة فتح، ومن منظماتها في غزة، واعتبرها "مفككة"، وعارض تسليحها، ووصف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بأنّه ضعيف وغير قادر على الإمساك بزمام الأمور، بينما يندفع الجميع لمساعدته لأنهم يخشون البديل. ومن ثم، ينقل السفير الأمريكي عن ديسكين قوله: "لقد وصلت حركة فتح إلى الصفر، وهي تطالبنا بمهاجمة حماس، هذا تطور جديد، لم نشهده من قبل، إنهم يائسون". بالمقابل، حرصت قيادات حركة حماس تناول هذه المعلومات لمهاجمة فتح، وفي هذا السياق، أكد القيادي في الحركة، صلاح البردويل، أنّ ما كشفته وثائق ويكيليكس، "يعد سابقة خطيرة في تاريخ الشعوب"، لافتًا إلى أن "حماس ستعيد النظر في مجمل الحديث مع القيادات الأمنية في فتح، وستضع علامات استفهام وربما ستدعو لمحاكمتهم". وقال البردويل، في تصريح للمركز الفلسطيني للإعلام التابع لحماس: "نفي فتح للوثائق لا يعنينا كثيرًا، فهي أرادت لنفسها أن تكون سلطة وظيفية تخدم الاحتلال، وتأخذ منه الدعم اللوجيستي من أجل القضاء على المقاومة التي تقودها حماس منذ توقيع اتفاقية أوسلو". واستطرد: "كل ما يتعلق بالوثائق التي سربت كان لدينا إحساس بها، ومعلومات وتوقعات بأن تكون صحيحة ولكن حجمها ودقة التعاون الأمني سيجعلنا نعيد التفكير في الحوار مع قادة فتح الأمنيين، فالحديث يدور الآن عمن سنجلس معه!!". يُشار إلى أنّ حركة حماس سيطرت بالقوة على قطاع غزة عام 2007، بعد مواجهات عنيفة مع عناصر أجهزة الأمن ومجموعات مسلحة تابعة لحركة فتح، وأدّى ذلك إلى انشقاق في الصف الفلسطيني ما زالت تداعياته مستمرة، إذ فشلت جهود بناء مصالحة بين الطرفين منذ ذلك الحين.