بينما كان الشعب المصرى الذى عانى كثيرًا من تدهور أوضاعه الاقتصادية بعد حرب أكتوبر 73 ينتظر قرارات حكومية تخفف عنه هذه المعاناة، وتحقق له وعد الرئيس بتحقيق الرخاء الاقتصادى الذى ردده فى الكثير من خطاباته، وإمكانية أن يحلم كل شاب بتملك فيلا صغيرة وسيارة كما كان يردد، إذا بنائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية الدكتور عبد المنعم القيسونى يعلن فى بيان له أمام مجلس الشعب فى مثل هذا اليوم عام 1977 مجموعة من القرارات الاقتصادية الصادمة ومنها رفع الدعم عن مجموعة من السلع الأساسية، وذلك برفع أسعار الخبز 50% والسكر25% والشاى 35% وكذلك الأرز والزيت والبنزين و25 سلعة أخرى من السلع التى لا يستطيع الفقراء العيش بدونها، لذا كانت الصدمة شديدة، وفى صبيحة اليوم التالى صدرت الصحف الثلاث تحمل تفاصيل القرارات الاقتصادية الأخيرة، لتبدأ نذر العاصفة تتجمع ثم ما تلبث أن تفجرت. خرجت المظاهرات الحاشدة العفوية بدون تنسيق أو تخطيط مسبق فى عدد من التجمعات العمالية الكبيرة، فى منطقة حلوان بالقاهرة فى شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، والمصانع الحربية بحلون، وفى مصانع الغزل والنسيج فى شبرا الخيمة، وعمال شركة الترسانة البحرية فى منطقة المكس بالإسكندرية، حيث بدأ العمال فى تجمعات صاخبة تعلن رفضها للقرارات الاقتصادية وتخرج إلى الشوارع فى مظاهرات حاشدة تهتف ضد الجوع والفقر وبسقوط الحكومة والنظام رافعة شعارات تلقائية منها: يا ساكنين القصور .. الفقرا عايشين فى قبور يا حاكمنا فى عابدين .. فين الحق وفين الدين سيد مرعى يا سيد بيه .. كيلو اللحمة بقى بجنيه عبد الناصر ياما قال .. خللوا بالكم م العمال هو بيلبس آخر موضة .. وإحنا تاكلنا السوق السودا هو بيلبس آخر موضة .. واحنا بنسكن عشرة ف أوضة بالطول بالعرض .. حنجيب ممدوح الأرض آه يا حكومة هز الوسط .. كيلو اللحمة بقي بالقسط هما بياكلوا حمام وفراخ .. واحنا الجوع دوخنا وداخ هو بيبني في استراحات .. وإحنا نعاني آهات وآهات لا إله إلا الله .. السادات عدو الله وفي اليوم التالي اشتعل بركان الغضب .. العمال والطلبة والموظفون والعامة حتى السيدات، اندلعت المظاهرات وردد الناس هتافات الغضب ضد ممدوح سالم رئيس الوزراء، وضد سيد مرعي رئيس مجلس الشعب، ثم خرج طلاب الجامعات فى المظاهرات، التى تحولت إلى أعمال عنف ضد المصالح الحكومية وأقسام الشرطة، واستراحات الرئاسة بطول مصر، ووصل الهجوم إلى بيت محافظ الدقهلية بالمنصورة حيث تم نهب أثاثه وحرقه، ومن أسوان إلى الإسكندرية تحطمت المحلات التجارية والمنشآت العامة والسيارات، وسقط العشرات القتلى والمصابون (79 قتيلًا و214 جريحًا) واستمرت حتى وقت متأخر من الليل، مع عنف شديد من قوات الأمن، وتم القبض على مئات المتظاهرين. وأمر السادات بنزول الجيش إلى الشارع لقمع المظاهرات، وأعلنت حالة الطوارئ، وتقرر حظر التجول فى كل مصر من السادسة مساءً إلى السادسة صباحًا. ثم تم الإعلان عن إلغاء القرارات الاقتصادية، فى نشرة أخبار الثانية والنصف.