في مشادة كلامية حادة كانت أقرب إلى تبادل التهديدات والاتهامات بينهما ، شهد مجلس الشعب الخميس الماضي ، تلويح كل من كمال الشاذلي وزير شئون مجلس الشعب وأمين تنظيم الحزب الوطني والدكتور محمد مرسى المتحدث الرسمي للمجموعة البرلمانية للإخوان ، بأن كلاهما بحوزته ملفات فساد تدين الأخر ، الأمر الذى فهمه البعض بأن الإخوان لديهم ملفات فساد ضد الحكومة وقيادات الحزب الوطني ، وفى المقابل الحكومة لديها أيضا ملفات مهمة وخطيرة تدين الإخوان ، فإذا ما تم عرض هذه الملفات لكل من ( الحكومة والاخوان ) على الرأي العام كما قال عدد من المراقبين ستكون قنبلة الموسم وستسقط كل الأقنعة أمام الرأي العام . كانت هذه الاتهامات والتهديدات التي أفصح عنها الطرفان ، بدأت عندما وقف النائب الاخوانى د.حمدى حسن مهاجما الحكومة واتهمها متسائلا: "هل تعديلاتها لقانون مباشرة الحقوق السياسية جاءت لتصلح أم لتفسد؟ " فما كان من وزير شئون مجلس الشعب إلا أن رد قائلا: " إن الحكومة تصحح الأوضاع، وتسهل إجراءات الانتخابات، وتضع ضوابط لمنع التزوير "، ولكن غيرنا هم المفسدون ، والنائب الذى يتحدث يعرفهم . المتحدث الرسمى بإسم الاخوان عندما رأى وسمع تلويح الشاذلى بهذه الكلمات والايحاءات ، على الفور رد عليه بتلويح أكثر تهديدا ، قائلا : " نحن نرفض ما قاله الوزير.. وقد يدفعنا إلي فتح ملفات كثيرة عن الفساد.. ونحن لا نريد "! وانفعل الشاذلي وسأل قائلا: "أية ملفات تريد .. ولماذا السكوت يا سيادة النائب.. إللي عنده شيء يقوله.. فليس عندنا مانخفيه. وإحنا كمان عندنا حاجات في الماضي والحاضر.. وربنا يسترها . المراقبون البرلمانيون الذين تابعوا الواقعة تساءلوا : إذا كان وزير فى الحكم يعرف الفاسدين والمفسدين فلماذا يسكت عن هذا الفساد ، ولماذا لم يكشف عنهم ويتقدم بالابلاغ عن جرائمهم وفسادهم للتحقيق فيها ومجازاة الفاسدين ، كذلك تساءل المراقبون ولماذا يسكت فى المقابل النائب والمتحدث الرسمى للاخوان عندما أوحى أن لديه ملفات كثيرة لا يريد فتحها . وقال المراقبون إن ماحدث يوم الخميس الماضي في مجلس الشعب يعتبر سقطة كبيرة من الوزير وعدد من نواب المعارضة، وأظهر الحكومة ونواب المعارضة كأنهما يتربصان ببعضهما البعض، وأن كل جانب يتحفظ علي "مستمسكات فساد " ضد الآخر، لكنهما لأسباب خفية، وإن كانت مفهومة يرفضان الكشف عنها.. اكتفاء بالتلويح بها عندما تنفلت الكلمات تحت القبة في محاولة متبادلة لوقف المهاترات، وإنهاء مسلسل الاتهامات ، وما أغرب تهديد النائب الذي جاء ليحتل مقعدا تحت القبة ليدافع عن حقوق الشعب ويكشف الفساد والمفسدين، فيعلن بكل شجاعة أن لديه ملفات فساد كثيرة، ورغم ذلك فإنه لا يريد فتحها ويتحفظ مراقبون على هذا الاسلوب بقولهم إن ذلك يمكن أن نتقبله في "خناقة" بين الأصدقاء،.. لكنه يستحيل قبوله من نواب موقرين ومن وزير شئون مجلس الشعب، يفترض فيهم أنهم يزنون كلماتهم، ويتحملون مسئولية النطق بها، وليس من حقهم علي الإطلاق أن يتباهوا علنا.. بالصوت والصورة بأن لدي كل جانب منهما ما يدين الجانب الآخر.. يذكر أن هذه الواقعة قد تكررت كثيرا وليست الاولى والاخيرة فى البرلمان ، والغريب أن الطرف الرئيس والثابت فيها كان كمال الشاذلى ، وكانت أخر هذه الوقائع المماثلة عندما قام أحد نواب المعارضة يلوح بأن رجال الاعمال فى الحزب الوطنى سوف يستخدمون لعبة رأس المال والرشاوى الانتخابية للفوز فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ، فما كان من الوزير الشاذلى أن رد عليه منفعلا وعلى ذات الطريقة ، ليؤكد أن لدية ملفات كثيرة موثقة ، لو قرر فتحها وإطلاع الرأى العام عليها ، لعرف من هم الذين ينجحون بسلاح الرشوة والمال في هذا السياق أكد عدد من خبراء البرلمان ، أن ذلك الأسلوب يكشف عن أصول اللعبة السياسية والبرلمانية في مصر ، وكيف أن مجلس الشعب بدلا من أن يكون جهازا رقابيا حقيقيا ، أصبح يمتلئ بملفات الفساد لا يريد النواب فتحها وإطلاع الرأي العام عليها ، وإنما يتم استخدامها كسلاح للابتزاز وقضاء المصالح الخاصة معروف أن هناك واقعة شهيرة لا تخرج كثيرا عن هذا الإطار ، وطالب العديد من النواب وفى مقدمتهم النائب طرف هذه الواقعة بالتحقيق فيها ، ولكن الدكتور سرور كعادته قام بالتهدئة ورفض طلب النائب المعارض بإجراء التحقيق اللازم كانت الواقعة المشار إليها قد حدثت بين نائب التجمع البدرى فر غلى وبين رئيس الوزراء السابق عاطف عبيد ، عندما اتهم الأول الثاني ، بأنه يتظاهر في العلن بالاستجوابات وطلبات الاحاطة أمام الراى العام ، بينما في الخفاء لا يبارح هذا النائب مكتبه أي مكتب رئيس الوزراء .