لا أدرى لماذا تقترن فى ذهنى كلمة (بسكويت) بكلمة (تويت)، لعل مارسخ هذا المفهوم لدى هو أن الكلمتين مرتبطتان بالسهل الممتنع.. فالبسكويت: لين، طرى، يسهل مضغه وبلعه، والتويتات: عبارات قصيرة مركزة لا تتطلب سوى ضغطة زر ناعمة حتى تصل بسهولة فائقة إلى ملايين المتابعين للإنترنت.. جبهة الإنقاذ جبهة تويتية بسكويتية طرية، ليس لها وجود فى الشارع تمارس العمل السياسى عبر التويتات والفضائيات أو من خلال الأحاديث الصاخبة لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية، يقضون ليلهم ونهارهم يثرثرون فى الفضائيات ويكيلون السباب للرئيس وللإخوان المسلمين ويلعنون اليوم الذى أتى بهم إلى سدة الحكم ويركبون موجة الأحداث الملتهبة فى الشارع المصرى، محاولين بث روح اليأس فى نفوس المصريين وإيهامهم بأن الرئيس الذى استلم مقاليد الحكم منذ ستة شهور فقط، قد فشل فى إدارة البلاد، بل ووصل الحال ببعض من ينتمون إلى الجبهة إلى التآمر على الرئيس، بل وتحريض بعض الشباب المتحمس بالتوجه إلى الاتحادية للانقلاب عليه وتعيين مجلس رئاسى مدنى بدلا منه مع يقينهم الكامل بأن الرئيس قد ورث تركة ثقيلة من النظام السابق مثقلة بأعباء الديون الخارجية والمحلية.. ومؤخرًا أشاعت جبهة الإفلاس عفوًا جبهة الإنقاذ أن مصر مقبلة على الإفلاس والانهيار الاقتصادى المحتوم.. فهل هذه هى الديمقراطية التى يتغنون بها ويصدعون بها أدمغتنا!! هل الديمقراطية تعنى تقسيم الشعب إلى فئات متناحرة متصارعة والتغاضى إن لم يكن التحريض على حرق مقار الأحزاب والإخوان.. وسبحان الله كلما ازداد هجهومهم وتحريضهم ضراوة وشراسة على الرئيس وحكومته كلما ازدادت شعبيته!! وكأنما يخرج لهم الشعب لسانه ويرسل لهم رسالة قوية: إننا لن ننخدع بكلامكم المعسول أو بتحريضكم المفضوح وإن أردتم أن يكون لكم تواجد فى الشارع فلتلتحموا معنا وتشاركونا همومنا ومشاكلنا.. آلامنا وأحزاننا، فلتنزلوا من أبراجكم العاجية وقصوركم الفاخرة وتعاينوا على الطبيعة ما يعانيه سكان القبور والعشوائيات من شظف العيش وقسوة الحياة.. كفاكم ثرثرة عبر برامج التوك شو ذات الأجندات المفضوحة.. نريد أفعالاً على الأرض.. رؤى جديدة وأفكارًا مبتكرة وبرامج تنموية بديلة قابلة للتنفيذ تحرجون بها الحزب الحاكم القائم على السلطة وتجبرونه على بذل المزيد من الجهود وإقامة المشاريع التنموية الضخمة.. نريد منكم يا جبهة الإنقاذ دورا رقابيا بناء يضع لبنة فى صرح الوطن الجديد.. نريد منكم تقويمًا للرئيس وإسداء النصح إليه، لا سبه وقذفه بالباطل أو التآمر والانقلاب عليه ونشر الإشاعات المكذوبة حوله من خلال فضائيات الفلول أو باستعداء الخارج عليه!! هل يرضيكم بالله أن يدلى كبيركم المناضل التويتى البسكويتى الدكتور محمد البرادعى بحديث لمجلة دير شبيجل الأالمانية والذى أثار فيه اشمئزاز المصريين جميعًا بكل فصائلهم وانتماءاتهم السياسية يزعم فيه أن الدستور الجديد لا يعترف بالهولوكوست!! هولوكوست إيه ياعم الحاج.. هلوكوست إيه يابوب!! أى معارضة هذه التى تؤلب القوى الخارجية والصهيونية على مصر ورئيسها.. لقد أعجبتنى مقارنة تداولها النشطاء السياسيون عبر الإنترنت بين البرادعى وزويل، فكلاهما حصل على جائزة نوبل، لكن الأول جاء ليمارس نضاله السياسى عبر تويتر والثانى جاء ليبنى نهضة علمية فى مصر. يا سادة جبهة الإنقاذ المحترمون.. هل من المعقول أن يدعوكم الرئيس ليل نهار إلى الحوار الوطنى وأنتم ترفضون وتتمنعون مبررين موقفكم هذا بأنه لا يوجد جدول أعمال فارضين شروطكم قبل أن تجلسوا على طاولة الحوار.. أى حوار هذا!! وهل يكون ذلك حوارًا إذا تم فرض شروط مسبقة قبل إجرائه!! هل تريدون للوطن أن يستمر فى هذا الوضع المعلق غير المستقر والمنفر للمستثمرين أكثر من هذا!! هل تراهنون على خراب الوطن والصراعات بين أبناء الوطن الواحد!! إن من العار على جبهة الإنقاذ أن تنفخ فى الجبهة الداخلية لتزيدها اشتعالا فى هذه الأوقات الحرجة التى يمر بها الوطن، ومن الخزى ألا تقف كل القوى السياسية خلف الرئيس مرسى تسانده وتدعمه وتؤازره فى هذه الأوقات العصيبة حتى تجتاز مصر أزمتها بنجاح وترسو على بر الأمان. أمام جبهة الإنقاذ والمعارضة عمومًا فرصة ذهبية لكى تكسب رضا الشارع المصرى إذا أثبتت للمواطن المصرى أنها تعمل لصالحه، وهذا لن يكون إلا من خلال عدم التعالى على الشعب والابتعاد عن ترديد ما كان يردده مبارك وأعوانه من أن الشعب المصرى شعب أمى جاهل غير جاهز للديمقراطية وأنه يمكن شراء ذمته بالسكر والزيت.. الشعب المصرى حتى الأميين منه من أذكى شعوب الأرض قاطبة ويعرف جيدا حيل السياسة وألاعيبها ولا يمكن لأحد أن يزيف وعيه أو يغير إرادته بكيلو أرز أو زجاجة زيت!! الشعب المصرى يا جبهة الإنقاذ إن كنتم لا تعلمون طبيعته شعب لا يباع ولا يشترى، ونحن نعذركم فى عدم معرفتكم بشخصيته المتفردة والتى ذكرها المفكر جمال حمدان فى كتابه العبقرى "شخصية مصر"، ذلك لأن جل أوقاتكم تقضونها بين أحضان المنتجعات الأوروبية، حيث حياة الرفاهية والبذخ أو بين قصوركم الفاخرة الممتدة على مدى البصر.. بعض الفقراء من الشعب الذين لا تشعرون بجوعهم لأن بطونكم المتخمة بما لذ وطاب من أطايب الطعام لم تعرف الجوع يومًا قد يضطر للحصول على الزيت والسكر، لكن صدقونى أيها المناضلون عبر التويتات، لن يبيع هؤلاء الفقراء ضمائرهم أو يعطوا أصواتهم إلا لمن اقتنعوا به.. ولحزب المناضل التويتى محمد البرادعى حزب الدستور تجربة فى استقطاب الفقراء بالرشاوى الانتخابية، وما زال يحاول تكرار التجربة لكن محاولاته سوف تبوء بالفشل لسبب بسيط جدًا، وهو أن الحزب ليس له أرضية فى الشارع، ولأن الشعب المصرى لن يعطى صوته إلا لمن يشعر، بأنه يبذل الغالى والنفيس من أجله لا من يريد أن يحقق منافع ذاتية على أنقاضه وجراجه بنشر الإشاعات المغرضة أو محاولة القفز على السلطة بطرق غير ديمقراطية. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]