صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    وصول عدد من الخيول المشتركة فى بطولة مصر الدولية للفروسية    سعر الذهب يواصل الصعود بحلول التعاملات المسائية    جبران يستقبل مُمثلي شركات صينية لتوثيق أوضاع عمالها    حزب الله: قصف شركة للصناعات العسكرية في ضواحي تل أبيب بصواريخ نوعية    القاهرة الإخبارية: اعتداءات بالجملة على المزارعين والأراضي الفلسطينية    قائمة بايرن ميونخ لمواجهة برشلونة في دوري أبطال أوروبا    حتى عام 2027.. مفاجأة بشأن تجديد عقد محمد صلاح مع ليفربول    حبس المتهمين في واقعة تزوير أعمال سحر ل مؤمن زكريا لمدة 3 سنوات    لا يوجد أدلة مقنعة.. حيثيات الحكم على المتهمين باختلاق سحر مؤمن زكريا    الطب الشرعي يفجر مفاجأة في اتهام موظف مدرسة إعدادي بالتح.رش بالطالبات    بسبب القصف الإسرائيلي.. نادين الراسي تغادر منزلها بالبيجاما    صور من كواليس مسلسل "وتر حساس" قبل عرضه على شاشة "ON"    خبير اقتصادى: وجود مصر فى مجموعة "بريكس" له مكاسب عديدة    وزير الصحة يشهد جلسة نقاشية حول التعليم كركيزة أساسية لتحقيق التنمية البشرية المستدامة    بعد تحريك أسعار البنزين.. هل أتوبيسات المدارس الخاصة تتجه للزيادة؟    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    الدفاعات الجوية الأوكرانية تسقط 42 مسيرة روسية خلال الليلة الماضية    طرق طبيعية للوقاية من الجلطات.. آمنة وغير مكلفة    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    رسالة غريبة تظهر للمستخدمين عند البحث عن اسم يحيى السنوار على «فيسبوك».. ما السر؟    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    رئيس القومي للطفولة والأمومة: 60%؜ من المصريات يتعرضن للختان    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    وزير الزراعة يبحث مع «إيفاد» نتائج البعثة الإشرافية لمشروع الاستثمارات الزراعية    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    لقاءات تثقيفية وورش فنية متنوعة للأطفال بثقافة الإسماعيلية    حركة حماس: ما تشهده جباليا وبيت لاهيا انتهاك صارخ لكل القوانين    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    لهؤلاء الطلاب بالأزهر.. إعفاء من المصروفات الدراسية وبنود الخدمات - مستند    طلقت زوجتي بعد خيانتها لي مع صديقي فهل ينفع أرجعها؟.. وعضو الأزهر للفتوى تجيب- فيديو    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    "العمل" تشرح خدماتها في التشغيل والتدريب المهني بدمياط    ألمانيا تسجل أول حالة إصابة بفيروس جدري القرود    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس لجنة الحكام يحسم الجدل.. هل هدف أوباما بمرمى الزمالك في السوبر كان صحيحيًا؟    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    منافس الأهلي - كريسبو: شباك العين تتلقى العديد من الأهداف لهذا السبب    بث مباشر.. وزير التربية والتعليم يلقي بيانا أمام الجلسة العامة لمجلس النواب    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه بإرسال مواد إغاثية فورًا إلى غزة ولبنان    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    إسرائيل تعلن القبض على أعضاء شبكة تجسس تعمل لصالح إيران    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    محمد رجب يتعاقد على فيلم جديد من إنتاج السبكي    البيت الأبيض: ندعو جميع الأطراف للتعاون فى توزيع المساعدات الإنسانية بغزة    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    إبراهيم عيسى يكشف سبب مطالبة الرئيس السيسي بمراجعة برنامج صندوق النقد    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توتير: التاريخ يصنعه المهمَّشون
نشر في المصريون يوم 09 - 01 - 2013

لماذا تويتر؟ لماذا يحظى هذا الموقع الاجتماعي الأنيق يوماً بعد يوم بمزيد من العشاق و"الأتباع"؟ ما الذي يجعله قبلة الجماهير وفضاء أشواقها؟ يُعد تويتر شكلاً من أشكال صحافة المواطن، أو الإعلام الجديد (الميديا الجديدة)، ووسيطاً من وسائط "التدوين متناهي الصغر" (microblogging). ويزداد الإقبال عليه لأسباب أبرزها تلبية حاجات الاتصال، والنزعة الإنسانية للبوح (disclosure)، فضلاً عن جمود الإعلام القديم (الميديا السائدة)، أو تكلس معظمه، وتبعيته لجهات رسمية .ارتبط الإعلام السائد بالرقابة والأحادية وضعف الأداء، بينما ارتبطت صحافة المواطن بالديموقراطية والتنوع والتشارك (sharing).
ثمة آليتان مثيرتان وشائعتان تواكبان النموذج القديم :الغربلة، وترتيب الأولويات .الغربلة أو حراسة البوابة ((gatekeeping تشير إلى قيام شخص أو قسم ما بمنع أو إجازة أو تحرير ما يبث أو ينشر (تُسمى أيضاً "مقص الرقيب"). أما ترتيب الأولويات ((agenda setting، فتعني قدرة الميديا (الإعلام، أو وسائط الاتصال الجماهيري) على جذب اهتمام الناس إلى قضايا أو شخصيات محددة، ودفع قضايا أو شخصيات أخرى إلى الظل. الجماهير التي تتعرض لقصف الرسائل المنهمرة من الفضائيات أو الصحف تقع غالباً ضحية هاتين الآليتين الجبارتين، فالنخب الواقفة على الأبواب، والمتحكمة في انتقاء المعلومات والأخبار، تضيّق مساحة التنوع، وتفرض رواية واحدة للأحداث.
ما الذي بوسع المواطن العادي أن يفعله ليفتح نوافذ جديدة في ظل تعتيم النموذج المهيمن؟ يتحدث بعض الخبراء عن قدرة المواطن على مقاومة الميديا السائدة عبر التعرض لمصادر المعلومات التي تتسق مع قيمه ومواقفه، والابتعاد عن الوسائط التي تصطدم مع تلك القيم والمواقف. قدرة المواطن على المقاومة تتجلى أيضا في إنتاج تفسير "معارض" للنصوص الإعلامية. لنفترض مثلاً أن رجلاً عربياً وابنته شاهدا مقطعاً من فيلم يظهر "البطل" يقبّل حبيبته. الرجل قد يفاجأ بالأمر، لكنه يتداركه بتفسير مغاير لمنتج الفيلم قائلاً لابنته: "هذا عيب". الأب هنا يتقمص دور قائد الرأي (opinion leader) أو المواطن النشط (active citizen) الذي ينخرط في عمل مقاوم للهيمنة. هذا التفسير المغاير يُظهر أنه لا يوجد معنى مطلق وكوني للنص حتى وإن كانت هناك إيديولوجية مهيمنة عليه. قد يتأثر مشاهد عربي مثلاً بفيلم من أفلام هاليوود متفاعلاً مع الأحداث و"الأبطال"، لكنه يرفض ويقاوم الدلالات العنفية، أو "غير الأخلاقية" التي انطوى عليها الفيلم. هذا الاختلاف في التلقي والفهم لا يعني عدم شعبية الفيلم عند هذا المشاهد، فالابتسامات والدموع ومشاعر الفرح والحزن، وازدهار العلاقات وذبولها- كل هذا المزيج الدرامي يشحذ الاهتمام ويغري بالمتابعة. لكنها متابعة تقود إلى استهلاك الصور لا المعاني بالضرورة، فالناس يستخدمون معايير ثقافية لتفسير الرسائل قد تتناقض مع ما يهدف إليه مصممو هذه الرسائل ومنتجوها.
بيد أن الجماهير لا تكتفي في نشاطها المقاوم بالاختيار والمقاطعة وإنتاج التفسيرات الخاصة، بل تسعى أيضاً إلى إبداع أشكال من الاتصال، تعبر من خلالها عن رأيها في الشأن العام، وهو ما صار يعرف بأسماء شتى، كالوسائط البديلة (alternative media)، أو الثورية المعارضة (radical media). يقول عالم الاجتماع الفرنسي ميشال كروزيه إنه مهما بلغت الضغوط التي تُمارس ضد المواطن، فإنه يظل قادراً على الإفلات منها عبر هامش الحرية الذي يصنعه بنفسه وفقاً لما يُسمى "إيكولوجية الفعل" التي تشير إلى أن أي فعل يفلت تدريجاً من يد الفاعل الأول، ليدخل في عملية تطور تغير مساره. الميديا الاجتماعية شكل من أشكال التمرد على الفاعل الأول، ووسيلة لالتماس التنوع في ظل الإصرار على تلوين المشهد الاجتماعي والسياسي بلون واحد. وهكذا انتشرت في طول العالم وعرضه وسائل مبتكرة للتعبير ألغت تحكم النخب في مصادر المعلومات. تشمل الميديا الجديدة المدونات الشخصية (blogs) ومواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب، وأشكال الاتصال المستقلة المُدارة من ناشطين أو منظمات غير حكومية، كمحطات الإذاعة والمجلات والمواقع الشبكية، فضلاً عن كاميرا الهاتف المحمول ورسائله النصية. لنتذكر أن تفجيرات لندن التي وقعت في 7 تموز (يوليو) 2005 صُوِّرت بكاميرا هاتف محمول. وكثير من الأحداث تلتقط صورَها عند حدوثها كاميراتُ المحمول أو الفيديو، وتعيد فضائيات واسعة الانتشار مثل CNN بثها ناسبة اللقطة إلى أولئك الهواة غير المحترفين الذين يبادرون إلى خوض المغامرات.
كان الإعلام البديل موجوداً قبل بزوغ الإنترنت بأشكال مختلفة، من النكتة السياسية إلى المنشورات والمطويات والشرائط المسموعة والمرئية. لكن الوسائط الاجتماعية (social media) نقلت الإنسان خطوات عملاقة في مسيرة البحث عن الحقائق المغيبة والمكبوتة، محدثة انقلاباً في طرائق الاتصال، ومغيّرة الحياة إلى الأبد. تمثل هذه الوسائط جزءاً مما وصفه الفيلسوف الألماني هبرماس "المجال العام" (Public Sphere)، وهو المجال الذي كانت تجسده في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مقاهي كان يلتقي فيها مواطنون أوروبيون ويناقشون فيها الشأن العام. ثم جاءت وسائل الاتصال الجماهيري (الميديا) فألغت تقريباً دور هذه المقاهي، حتى بزغت الإنترنت، وانتشرت الوسائط الاجتماعية، باعثة من جديد "المجال العام" ومعيدة زمام المبادرة إلى الناس.
ارتبط صعود الوسائط الاجتماعية بانبعاث الحركات الدينية والقومية والقبلية، وبظهور مؤسسات جديدة للمجتمع المدني، فضلاً عن القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان. يهدف الإعلام البديل/الجديد إلى مقاومة السائد/القديم ومساءلته ومنافسته. وإذ يمارس السائد أداءه بشكل "عمودي" وغير تفاعلي، يقدم البديل نفسه بوصفه "أفقياً"، ومتبوئاً مقعده في قلب الكفاح من أجل الدمقرطة والتغيير. وقد شهدت السنوات الأخيرة ميلاد مواقع ومجلات شبكية عالمية كرست رسالتها لنقد الوسائط المهيمنة وفضح أساليبها، في الوقت الذي تقدم فيه وجهات النظر المغيّبة، لا سيما تلك التي تتعلق بقضايا الحروب واضطهاد الأقليات. وإذا كان كثير من قراء الصحافة الورقية يعانون من إيصال آرائهم إليها، وتظهر، إن ظهرت، في قسم "رسائل إلى المحرر" بعد "تحريرها"، فإن الميديا الجديدة تمنحهم فرصة أوسع للمشاركة، تتجاوز مجرد التعليقات إلى نشر المقالات، والإسهام في صنع القرارات التحريرية، بل قد يصبح المهمشون رؤساء تحرير، يكتبون ما يشاؤون من دون حسيب ولا رقيب (محررِّرين ومحرَّرين). وهكذا في طرفة عين، يتداعى الحاجب، وتنهار بوابته الفولاذية أمام القبضات العارية.
يُعد تويتر، تحديداً، وسيطاً مدهشاً لا يكف عن إبهارنا، لاسيما في قدرته على شبك المغرد بأعداد لا حصر لها من المتابعين، ما يعطي الأفراد قدرات تواصلية لم يكونوا يحلمون بها من قبل. يشتمل الموقع على خيارات تفاعلية عدة تثري عملية التداول (deliberation)، وتمكن من التشارك في الأخبار والرسوم والصور وروابط الفيديوهات والتقارير، وربما وُجد من المواطنين من يعتمد عليه بوصفه وسيلة "إعلامية" متكاملة تقدم كل القوالب والفنون من الخبر وحتى تعليقات الصحف. يتيح تويتر للمستخدم نشر صور شخصية له وهو يزور بلداً، أو يلتقي بشخص، أو يتناول طعاماً، أو يرتدي لباساً. مذهلة هذه الخيارات التي يحفل بها تويتر، ومذهل كيف يتعامل الناس معه ويُولعون به.
ربما يمثل تويتر نقطة تحول، أو هو "نبض الكوكب الأرضي"، بحسب توني وانغ، المدير العام للشبكة العملاقة في بريطانيا. مع حلول كانون الأول (ديسمبر) 2012 تجاوز عدد المستخدمين النشطين لتويتر 200 مليون (عدد المسجلين في الموقع تجاوز 500 مليون، لكن أكثر من نصفهم اختار ألا يغرد). في مطلع العالم الحالي ارتفع عدد مستخدمي تويتر في السعودية إلى 3 ملايين (12 في المئة من السكان)، ينشرون 50 مليون تغريدة في الشهر (في السعودية 6 ملايين مستخدم لفيسبوك، وتُعد مشاهدة يوتيوب في البلاد الأعلى في العالم: 90 مليون فيديو كل يوم، سوشْيَل ميديا أجنسي، 6 كانون الثاني/يناير 2013). شعبية تويتر في السعودية دفعت صحيفة النيويورك تايمز إلى القول بأن تويتر "أعطى السعودية ثورة خاصة بها"، مشيرة إلى أن تويتر "سمح للسعوديين بتجاوز الحدود الاجتماعية، وتناول موضوعات حساسة بطريقة جماعية وفي الوقت الملائم" مضيفة أن السعودية هي أسرع مناطق تويتر نمواً في العالم (20 تشرين الأول/أكتوبر 2012).
يقدم تويتر تفسيرات للواقع مختلفة عما تقدمه الميديا القديمة، ويسلط الضوء على الناس العاديين بدلاً من المشاهير أو "صُنّاع الأخبار". هنا المواطن العادي هو النجم، لا الأمير، أو الغني، أو الفاتن. يتضمن تويتر أخباراً ومعلومات، إلا أن ما يغلب عليه تحليل الأحداث لا روايتها. يقدم ناشطو تويتر المعلومات اللازمة للحراك الاجتماعي والسياسي مثل تفاصيل التظاهرات والاعتصامات وأرقام الهواتف وعناوين الشخصيات والجهات المستهدفة بالاحتجاج، مشكلين بذلك شبكات تضامنية بين المهتمين بقضايا الجمهور. قد تشهد ساحة تويتر حملات تحت عناوين أو وسوم (hashtags) تفنّد الكذب أو التحامل في الميديا التي يهمين عليها الحرس القديم. وبهذا فإن تويتر يتجاوز مجرد تقديم المعلومة إلى الحشد والتعبئة.
تويتر ليس منظمة إخبارية. إنه موقع للتواصل، وفضاء لا متناهٍ من البوح، ولذا فقد يشتبك فيه الخطأ والصواب، الجد والهزل، والرأي والخبر. تويتر ليس موضوعياً، ولم يُصمم ليكون موضوعياً، ومن الخطأ أن يكون موضوعياً. لكن القول إن تويتر ساحة للتراشق والنبز بالألقاب والتحلل من الضوابط المهنية يحمل في طياته الزعم بأن الميديا التقليدية "سمن على عسل"، وملتزمة بمعايير المهنة، وهو لا شك ادعاء، بل "أسطورة". صحيح أن تويتر أكثر "انفلاتاً"، لكن أي محاولة للتحكم فيه تعني "الرقابة"، وهو ما سيفرغ عالم البوح من فلسفته، ويدخل تويتر في بيت الطاعة. لا ضير من الحرية، والمراهنة يجب أن تكون على الوعي. يمكن أن يتعلم المغردون بطريقة المحاولة والخطأ؛ ويتأقلموا تدريجاً مع إيقاع التغريد وألحانه. ومن خلال ذلك يتشكل "كود" أو شفرة يتعارف عليها الجميع. التخويف من تويتر، أو التضييق عليه لن يجدي نفعاً.
في الحقيقة، قد يكون تويتر هبة السماء للمهمشين الباحثين عن سبل تواصل كانت قبلُ من "التابوهات". إنه في القلب من ظاهرة اتصالية تاريخية يتألق فيها البديل المرتبط بالناس، بينما يتهاوى السائد المرتبط بمصالح النخب وقوى النفوذ.
*أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود
https://twitter.com/LoveLiberty


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.