منذ أن قامت الثورة وبينما كانت القوى السياسية تبحث عن المكاسب السياسية العاجلة، إلا أن المتابع للأحداث يجد أن جماعة الإخوان المسلمين ولأنهم أصحاب خبرة سياسية كبيرة قد قامت بالسعي إلي جمع كلمة القوي السياسية التي أظهرت موقف مؤيد للثورة، حتى يمكن توحيد المطالب التي أفرزتها الثورة وتطويرها إلى عمليات دينامية تحقق للثورة ما قامت لأجله، وقد دعمت الجماعة جهود متتالية منها ما تم عندما تم تشكيل جبهة تضم أكثر من أربعين حزبًا وحركة سياسية والتي تقلصت بعد ذلك بقائمة موحدة من 12 حزبًا سياسيًا في انتخابات مجلس الشعب السابق والمحاولة ترشيح رئيس توافقي. وبنفس الطريقة السابقة وبعد أن فاز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين بأكثرية المقاعد في مجلسي الشعب والشورى فقد سعى الحزب إلى اختيار رؤساء اللجان بالمجلسين بالإضافة إلى رئيس المجلس نوابه بالتوافق، وانطلق مرة ثالثة ليقوم بتشكيل اللجنة التأسيسية الأولى بالتوافق ومرة رابعة توافقية تم اختيار الجمعية التأسيسية الثانية، حتى عندما تولى الرئيس الدكتور محمد مرسي قام بمحاولة لتشكيل فريق رئاسي من نواب ومستشارين ومساعدين توافقيين. من هذه التجارب السابقة لا أعتقد أن أحد سيحصل على توافق مع هؤلاء المتطرفين العلمانيين، لأن الكثير منهم أصابهم تلوث فكري وتطرف سياسي تحول إلي بلطجة سياسية، وأصبح منهم من يتلذذ بالمشاركة السياسية وهو يستعمل المولوتوف وبنادق الخرطوش بالإضافة إلى السنج وغيرها من وسائل البلطجة، هؤلاء الذين لم يستنكروا قتل عشرة من شباب الإخوان أمام قصر الاتحادية بأيدي أنصارهم وأصبحت قلوبهم قاسية وغليظة، ويتفاخرون بتطاولهم علي أبنائنا في الشرطة والجيش في مواقف كثيرة منها أحداث محمد محمود الأولى والثانية ومجلس الشعب وماسبيرو والعباسية والاتحادية وأخيرًا مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية الأولى والثانية وهي أحداث لا بد من مراجعتها وحذفها من قاموس الثورة بل في دائرة الإجرام وليس الاحترام والمساءلة وليس العفو. الحقيقة التي خرجنا من هذه الأحداث المتراكمة هي أنه قد حدث توافق فعلًا بين عدد من الأحزاب والقوى السياسية الوطنية التي ساهمت في كتابة الدستور الجديد لمصر والتي سارعت إلى الاستجابة إلى الحوار الوطني لأجل مصر، ولم يتبق سوى مجموعة من أصحاب الشغب والمصالح الشخصية، لا يهمهم سوى خراب مصر، وأن الدعوة إلى الحوار مع هؤلاء تحمل كثير من حسن النية، ولم يكن مبدأ الانسحابات المتتالية من المؤسسات التي تم التوافق فيها مع هؤلاء المخالفين هدفًا في حد ذاته ولكنه كان وسيلة لدعم فوضى في البلاد لمعاقبة الشعب الذي لم يختارهم بل اختار الإسلاميين في صناديق الانتخاب، وقد قام هؤلاء بمحاولة لإفشال المؤسسات التي تم التوافق معهم للمشاركة فيها، هذه المجموعة التي يسميها البعض بجبهة خراب مصر دعمت وصفقت للمحكمة الدستورية بعد حل مجلس الشعب وكانت تساند محاولاتها البائسة لحل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى بل باركت سعيها لحل مؤسسة الرئاسة نفسها، وشجعت الانسحابات المتعاقبة لعدد من نوادي قضاة من الإشراف على استفتاء الدستور. يبدوا أن فكرة التوافق مازالت تعيش في أذهان البعض، وأراه مستحيلًا مع مجموعة غاب عنهم الضمير والمسئولية الوطنية وظهرت فيه الانتهازية السياسية وحمي حب الذات، مجموعة تتحكم فيها السفارة الأمريكية في مصر وتعيش قياداتها تساهم في مؤامرات بمساعدة دولة الإمارات العربية وبعض الدول الخليجية وإيران، ولا أستبعد أن يأتيها الدعم من الصهيونية العالمية التي تسيطر على شخصيات سياسية مصرية منذ زمن بعيد، أعتقد أن هناك قناعة خاطئة يستند إليها دعاة التوافق هو أنه لا يمكن لفصيل واحد لحكم مصر، بينما يحكم دول العالم أحزاب تعمل منفردة ولم يكن لهذا التوافق المزعوم قاعدة على الإطلاق في إدارتها للبلاد سواء وأول هذه الدول أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بالإضافة إلى تركيا. أنا لا أوافق أن يستمر السعي إلى توافق مع ( حمدين وشفيق والبرادعي وعمرو موسي والفلول) ولا أوافق على اختيارات بعض أعضاء مجلس الشورى، لأنها جاءت لعمل ما يسمى توازنًا سياسيًا ومحاولة جديدة للتوافق مع المعارضين للإسلاميين، وقد أثبتت الأيام الماضية أن هؤلاء لم يسعوا إلى أي توافق ولكن كان أداءهم في هذه المؤسسات بعد اختيارهم هو محاولة إفشالها وهذا ما تم في مجلس الشعب والتأسيسية الأولى والثانية وحتى من تم اختياره مستشارًا للرئيس، أتوقع أن ينتظر هؤلاء الوقت المناسب للمشاركة في الفوضى بصفتهم أعضاء في مجلس الشورى. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]