إنه مما يحزن له القلب وتدمع له العين أننا أصبحنا فى زمن يسب فيه علماؤنا ويشتم فيه مشايخنا ويتهمون بأبشع التهم التى لا أصل لها فى الحقيقة ويزيدنا ألماً أن هذا السب وهذه الشتائم من أبناء التيار الاسلامى وقد نسوا أن هؤلاء العلماء والمشايخ هم من نهلنا منهم العلم وتربينا على أيديهم وكنا نجلس تحت أقدامهم وكنا نحافظ على دروسهم. ولكن مع توجه كثير من الملتزمين إلى مجال الإنترنت وخاصة الفيسبوك بعد ثورة 25 يناير ظهرت لنا عدة مساوئ ما كنا لنتخيلها يوماً من الأيام , ولا يستطيع أن ينكر أحد أن لهذا الفيسبوك جوانب حسنة كثيرة جداً يستخدمها العديد من الناس وخاصةً الملتزمين ولكنى فى هذا المقال أكتب عن الجانب الذي أسعى فى إصلاحه وما توفيقى الا بالله. كثير منا قد نسى ما تربى عليه قبل ذلك وبدأ ينجرف وراء المخالفات الكثيرة التى تحدث فى هذا الفيسبوك , تأملت فيما يحدث من بعض الملتزمين فتألمت لما هو واقع فمن بين سابّ لشيخ لمجرد أنه خالفه الرأى وبجهل من هذا الشخص لا يعرف لماذا قال الشيخ هذا الكلام ولكنه عصر الفيسبوك إنه عصر الكلام الذين يريد كل واحد منا أن يكون له مملكته الخاصة فى عالم الفيسبوك ويصبح محللاً للأحداث ويصبح له وجه نظر مستقلة ويقنع نفسه بأنه "بيفهم فى السياسة" وعنده قدرة على تحليل الأحداث ولا عيب فى أن يعبر كل واحد منا عن وجه نظره ولكن ما هو كائن أشد من ذلك فبدلاً من أن كنا نثق فى هؤلاء المشايخ ونأخذ برأيهم ونحن على كامل الثقة بما يقولون أصبح البعض منا يتهمهم بأنهم ليس عندهم فهم للسياسة وقد باعوا قضية الشريعة والأفضل لهم بأن يقتصروا على دروسهم فى المساجد ولا يتكلمون فى السياسة وعجباً لمن يقول مثل هذا الكلام ألم يعلم أن السياسة جزء من الدين وعندنا لا فصل بين الدين والسياسة , ألم يعلم هذا الأخ الكريم أنه يجب عليه أن يحترم هؤلاء العلماء ويجلهم ألم يعلم هذا الأخ خطورة ما يقول , ألم يعلم قول الله تعالى :" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" أم نسى قول النبى"صلى الله عليه وسلم":" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في نار جهنم" هل نسى من يتكلم بهذا الكلام هذه الآيات والأحاديث أم أنه نسى وانجرف وسط تيار التجريح فى العلماء والمشايخ أم أنه لا يعلم فإن كان يعلم فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم. وهذا آخر أصبح يستعمل أبشع الألفاظ وأشد الكلمات للتعليق على أى حدث أو صورة أو فيديو رأيت بعينى من هو منتسب للتيار الاسلامى وقد رأيته معلقاً على صورة بلفظ لا أستطيع أن أنقله لكم ولكنى أصبت حينها بالذهول وحزنت لما وصل إليه حالنا هل نسينا قول النبى"صلى الله عليه وسلم":"ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذئ" وما هى الفائدة من وراء هذا السباب وهذه الشتائم هل هذا سيكون حلاً للأمر الواقع أم أنه حيلة الضعيف الذي لا يملك من أمره شيئاً ويظن بأن جلوسه أمام هذا الفيسبوك وتعليقه على الأحداث المستجدة على الساحة السياسية ويسب كل من يخالفه الرأى ويسب العلمانيين والليبرالين ويظن أنه قد قدم خدمة كبيرة للدين وأنه واحد ممن يقف على ثغر من ثغور الدين ويتوهم أنه بذلك قد فعل ما عليه فبدلاً من أن ينزل للناس فى الشارع ويتحاور معهم ويغير من أفكارهم ويزيل التصورات الخاطئة عندهم يجلس أمام هذا الفيسبوك ليلاً نهاراً وليس وراءه إلا السباب. وهذا آخر وقد كان يعلم الناس حكم "النكت" وبأنها لا تجوز شرعاً أن يقول مثل هذه "النكت" التى يكون ليس لها أصل فى الحقيقة وكان يستدل بقول النبى"صلى الله عليه وسلم" :"ويل للرجل يكذب ليضحك القوم , ويل له ثم ويل له" وها هو الآن قد أصابته مساوئ هذا الفيسبوك ونسى كثيراً مما قد تربى عليه , فقد رأيت كثيراً من الصفحات الإسلامية على الفيسبوك يكتبون "النكت" فالكل يريد أن يجذب عدداً أكبر إلى صفحته التى أنشأها وتناسى كثيراً مما تربى عليه ووقعنا فى كثير من المخالفات الشرعية بسبب بعدنا عن العلم الشرعى واتجاهنا إلى عالم الفيسبوك. وهذا آخر قد أصبح يضيع الصلوات فى جماعة فى المسجد بسبب جلوسه أمام الفيسبوك ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا آخر ينقل أى خبر دون تثبت وينقل تصريحات عن أناساً ربما لم ينطقوا منها بكلمة واحدة ولم يقولوا منها حرفاً وقد نسى ما كان يحذر الناس منه من نقل أخبار دون تثبت , وقد نسى قول الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " وآخيراً ما ذكرته ما هو إلا رؤوس أقلام من كثير من المخالفات التى تحدث على الفيسبوك وما أردت فقط إلا أن أنبه إخوانى وأخواتى لعدم الوقوع فى مثل هذه المخالفات وأسأل الله تعالى أن يثبتنا على طاعته. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]