المتابع لسير حركة الثورة المصرية في هذه الأيام؛ يجدها مغايرة لما بدأت عليه ثورة 25 من يناير. فقد بدأت الثورة المباركة وشعارها العام (سلمية.. سلمية).. وهذا هو سر قوتها ومكمن انتصارها وسبب جذب الأنظار إليها وتعاطف العالم معها وتأييدها. فقد انتصرت الثورة بسلميتها على أعتى نظام مستبد في المنطقة العربية.. رغم قوته وشدته وقسوته. وأسقطت الثورة بسلميتها أعند رئيس حكم مصر لفترة ثلاثين سنة.. وأجبرته على التنحي.. بل وقدمته لمحاكمة وقضي عليه بالسجن.. رغم تدخل الكثير لمنع ذلك والحيلولة دون حبسه. وأقصت الثورة بسلميتها معظم رموز النظام السابق وحبست بعضهم وهرب آخرون.. وحلت الثورة بسلميتها الحزب الوطني وفرقت فلوله وضيقت على بلطجيته.. وجففت منابعه . وأضعفت الثورة بسلميتها قوة وزارة الداخلية وأسلحتها وهزمت جنودها وفرقتهم في كل مكان.. بالرغم من قنابلها ورصاصها الحي. وحيدت الثورة بسلميتها قواتنا المسلحة.. فانحازت إلى الشعب وحمت ثورته.. فرفع الثوار لافتة (الجيش والشعب إيد واحدة ) ..وانتصرت عليه أيضًا حتى عاد إلى ثكناته. واكتسبت الثورة بسلميتها تأييد ودعم العالم كله عربيًا ودوليًا حتى شهد الجميع لها بتميزها ومثاليتها..حتى أبهرتهم ونالت اهتمامهم لدراستها وتدريسها والاحتذاء بها. بل وجعلت الثورة بسلميتها بعض الحركات الإسلامية وقادتها في مصر وغيرها في تغيير سياستها للوصول إلى مطالبها المشروعة بطرق سلمية بدل القوة والصدام مع الأنظمة الفاسدة. وأخفت الثورة بسلميتها الأفكار والأصوات المنادية بالتصعيد حتى تتهدم الدولة ومؤسساتها لبناء دولة جديدة على أنقاضها.. كما دعي إلى ذلك بعض الاشتراكيين الثوريين.. فلم تسر دعواهم هذه في نفوس المصريين. وعلى طول الخط الثوري وعلى مدار عامين حافظت الثورة على سلميتها.. وأثبتت أنها بسلميتها تحقق مطالبها وتستكمل أهدافها ونبني مجدها وتلبي طموحات شعبها. واليوم وبعد أن انتصرت الثورة وتحقق لها بعض مكتسباتها ووضعت قدمها على بداية الطريق الذي يخرجها من كبوتها وأزمتها ويخرجها من عنق الزجاجة . وأوشكت على الانتهاء من المرحلة الانتقالية الحرجة وغير المستقرة.. وبناء نظام دستوري يقوم على احترام دولة القانون والشرعية.. تستقر به البلاد وتقوم عليه المؤسسات.. وتتمايز بها السلطات وتوضع به الأهداف والغايات والمطالب.. وبه تستكمل الثورة مسيرتها وتحقق مطالبها من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمساواة والأخلاق والقيم المجتمعية . فإذا بنا بعد هذه المكاسب والاستحقاقات نعود إلى الوراء وننظر تحت أقدمنا.. ونغلب مصالحنا الشخصية على مصالح الشعب.. ونقدس ذواتنا وأفكارنا على طموحات الأمة. بل وسارع البعض إلى الاجتماع في الخفاء والعلن مع أنصار الثورة المضادة وفلول النظام السابق ورجال أعماله بأموالهم التي نهبوها من قوت الشعب المصري.. مستعينة ببلطجية مبارك والعادلي وغطاء إعلامي فلولي لتصفية حسابات على حساب الوطن. فيطفو على الساحة المصرية الآن لغة العنف والتهديد والقتل والتخريب.. وحصار المؤسسات وحرق المقرات الحزبية سواء للحرية والعدالة أو الوفد وغيره. والأخطر من ذلك كله هو حصار المساجد بما لها من قدسية وحرمة عند الله وهيبة عند الناس وإلقاء الحجارة والمولوتوف ..واحتجاز أئمتها ورموزها العظام أمثال الشيخ أحمد المحلاوي ..وإصابة المصلين والنساء والأطفال الآمنين في بيت الله.. وهذا منعطف خطير. فلا يغرن أحد قوته ولا أمواله ولا كثرة مؤيديه وأشياعه!! فالكل زائل ..ويبقى الوطن. يا قومنا.. ويا عقلاء أمتنا.. ويا حكماءنا: أفيقوا قبل فوات الأوان!! أفيقوا قبل أن تشتعل البلاد فتنًا وعنفًا لا يستفيد منه إلا أعداؤنا.. والمتربصون بنا ليل نهار. ماجستير في القانون