محمد البوعزيزى شاب تونسى، مواليد 29 مارس 1984، ينتمى إلى عائلة تتكون من تسعة أفراد، أحدهم معاق، كان والده يعمل فى ليبيا، وتوفى عندما كان محمد فى السنة الثالثة من عمره، وتزوجت والدته بعد وفاته من عمه. تلقى محمد تعليمه فى مدرسة مكونة من غرفة واحدة فى قرية سيدى صالح، واضطر لأن يعمل منذ العاشرة من عمره، لأن عمه كان مريضًا ولا يستطيع العمل، وبعدها ترك المدرسة حتى يستطيع العمل لساعات أطول. فى يوم الجمعة الموافق 17 ديسمبر من عام 2010، اعترضت عناصر من الشرطة عربة الفاكهة التى كان يجرها محمد البوعزيزى فى الأزقة، محاولًا شق طريقه إلى سوق الفاكهة، وحاولوا مصادرة بضاعته. عم البوعزيزى رأى الواقعة فهرع لنجدة ابن أخيه، وحاول إقناع عناصر الشرطة بأن يدعوا الرجل يكمل طريقه إلى السوق طلبًا للرزق، ثم ذهب العم إلى مأمور الشرطة وطلب مساعدته، واستجاب المأمور وطلب من الشرطية فادية حمدى التى استوقفت البوعزيزى برفقة شرطيين آخرين أن تدعه وشأنه، الشرطية استجابت ولكنها استشاطت غضبًا لاتصال عم البوعزيزى بالمأمور. ذهبت الشرطية إلى السوق مرة أخرى فى وقت لاحق، وبدأت فى مصادرة بضاعة البوعزيزى، ووضعت أول سلة فاكهة فى سيارتها، وعندما شرعت فى حمل السلة الثانية اعترضها البوعزيزى، فدفعته وضربته بهراوتها، ثم حاولت الشرطية أن تأخذ ميزان البوعزيزى، وحاول مرة أخرى منعها، عندها دفعته هى ورفيقاها فأوقعوه أرضًا وأخذوا الميزان. بعد ذلك قامت الشرطية بتوجيه صفعة للبوعزيزى على وجهه أمام حوالى 50 شاهدًا، عندها عزّت على البوعزيزى نفسه، وانفجر يبكى من شدة الخجل، وبحسب الباعة وباقى الشهود الذين كانوا فى موقع الحدث، صاح البوعزيزى بالشرطية قائلا: "لماذا تفعلين هذا بى؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل". حاول أن يلتقى البوعزيزى بأحد المسئولين لكن دون جدوى، ثم عاد إلى السوق وأخبر زملاءه الباعة بأنه سوف يشعل النار فى نفسه، ولكنهم لم يأخذوا كلامه على محمل الجد، ثم اتجه البوعزيزى إلى مبنى البلدية، وأمام بابه وقف وسكب على نفسه كمية من التنر، ثم أضرم النار فى جسده، فأسرع الناس نمحوه وأحضروا طفايات الحريق ولكنها كانت فارغة، فاتصلوا بالشرطة، لكن لم يأت أحد، ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال البوعزيزى النار فى نفسه. أدى حادث محمد البوعزيزى إلى خروج احتجاجات من قِبل أهالى سيدى بوزيد فى اليوم التالى (السبت 18 ديسمبر 2011)، حيث قامت مواجهات بين مئات من الشبان فى منطقة سيدى بوزيد وقوات الأمن، وكانت المظاهرات للتضامن مع محمد البوعزيزى والاحتجاج على ارتفاع نسبة البطالة، والتهميش والإقصاء فى هذه الولاية الداخلية، وسرعان ما تطورت الأحداث إلى اشتباكات عنيفة، ثم انتفاضة شعبية كبيرة شملت معظم البلدان التونسية احتجاجًا على ما اعتبروه أوضاع البطالة، وعدم وجود العدالة الاجتماعية، وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم، حيث خرج السكان فى مسيرات حاشدة للمطالبة بالعمل وحقوق المواطنة والمساواة فى الفرص والتنمية. توفى محمد البوعزيزى يوم الثلاثاء 4 يناير 2011، عن عمر 26 سنة متأثرًا بالحروق التى أصيب بها منذ 18 يومًا، وقامت قوات الأمن باستعمال الضرب بمنع مشيعى الجنازة من المرور أمام مقر المحافظة، بعد أن كان سالم - شقيق محمد البوعزيزى- قد أعلن أن الجنازة ستمر أمام مقر الولاية، وقد شيع جثمانه عشرات الآلاف، وازدادت الثورة اشتعالًا بموته، وضاقت كل سبل النجاة أمام الديكتاتور بن على. أجبرت هذه الثورة الشعبية الرئيس التونسى زين العابدين بن على - الذى كان يحكم البلاد بقبضة حديدية طيلة 23 سنة - على التنحى عن السلطة والهروب من البلاد خلسة إلى المملكة العربية السعودية، فى يوم الجمعة 14 يناير 2011.