لسنا عربًا... نحن مصريون أولاد مصريين أما المسلمون في مصر فهم نتاج لزيجات المهاجرين العرب من المصريات والمصريين من المهاجرات العربيات (هكذا قال البابا شنودة) وقد وضع بهذه الكلمات الحد العرقي الأول في النسيج المصري، كيف يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر وهى نتاج دين نحن لا نؤمن به؟ (هكذا قال البابا شنودة )، وقد وضع بذلك الحد التشريعي الفاصل في النسيج المصري. واليوم تحاول الكنيسة أن تبنى على ما انتهى إليه البابا السابق، والواقع أن ما تحاول الكنيسة اليوم أن تبني عليه هو شفا جرف هار لا يصلح للتعلية بحال، فالبابا السابق تعاطى مع نظام السادات عشر سنوات انتهت به خارج العرش البابوي وهى النتيجة الطبيعية لسلطة روحية كنسية تخالف الإنجيل وتعمل بالسياسة، أما الثلاثون عامًا الأخيرة التي تعايش البابا فيها مع نظام المجرم حسني مبارك فكان لها حسابات أخرى... فمن ناحية كانت الولاياتالمتحدة حاضرة في المشهد المصري حتى النخاع واختلطت علاقات مصر بها من ناحية بعلاقات الحكومة المصرية بالكنيسة من ناحية أخرى، وعلى ما يبدو أن عمليات القتل المنظم والاعتقال والملاحقة الدولية التي قام بها نظام المخلوع المجرم للإسلاميين قد لاقت استحسان الولاياتالمتحدة كما أن الكنيسة وجدت أنها تحد من التطرف الديني الإسلامي وأولى علاماته هى المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، ولعله كان غريبًا جدًا أن نجد ثلاثة مصريين مسيحيين يخرجون من بين جماهير الشعب الجائع ليدخلوا ضمن أغنى عشرين شخصًا في العالم في مشهد أقل ما يوصف به أنه عبثي، وبرزت أسر بعينها من داخل الأقباط تتمتع بحصانة دولية، فبعد سقوط نظام المخلوع ظهرت تقارير تؤكد أن بطرس غالي وزير المالية الأسبق كان عميلًا للمخابرات الأمريكية وأن حسني مبارك كان يعلم بهذا ولم يجرؤ على مواجهته أو ربما راعى "الزمالة"، وظهر نجيب ساويرس يحمل عصا سحرية تخضع له المناقصات الدولية لشركات المحمول في العراق والجزائر ومصر بل إنه ظهر أيضًا محصنًا من دفع الضرائب فى الجزائر التي طالبته بعد مباراة كرة القدم الشهيرة بدفع ما يزيد على ستمائة مليون دولار "كانت نسياهم"... إلى آخر ملفات حصانة وامتيازات الأقباط فى مصر وربما تلك التي جعلت البابا شنودة يبكي حزنًا على خلع مبارك. واليوم تقف الكنيسة المصرية موقفًا غريبًا لم تراع في ضبط اتجاهه أية مواصفات قياسية مصرية، فأول تصريح للبابا الجديد عن الدستور يتحدث عن أن مادة تفصل الأمر في ضبط معني الشريعة هى مادة كارثية ورجعية والحقيقة أن تلك العبارات هى من الصغر بحيث لا يجب أن يردد البابا مثلها احترامًا لمقامه الديني من الدخول في جدل يتجرأ فيه الصغار عليه، غير أن حركة الأقباط في الشارع مع أزمة الإعلان الدستوري الأخير أعطى للملف القبطي في مصر أبعادًا جديدة تمامًا، فالأصل أن الأزمة الدستورية الحالية تهم الشعب المصري كله والأصل أن ينقسم عليه الشعب متى كانت مناط الاختلاف هو رأي الناس فيه إلا أن ما حدث أن الانقسام كان بين الشعب بغالبيته الكاسحة في ناحية وأقلية تشمل فلول الحزب الوطني ومعارضة صفوت الشريف والأقباط من ناحية أخرى، غير أن اللبس سرعان ما يزول ويتم فهم الموقف بسهولة عندما تقرأ تصريحات البابا الجديد بأنه انتخب أحمد شفيق الجنرال الهارب، ولا يخل الأمر من خطورة جسيمة تهدد الأمن القومي المصري فالديمقراطية التي قوامها التعددية السياسية قد أصبحت بتكتل الأقباط لإعادة النظام البائد تعددية دينية بمعنى أن انحياز المسيحيين في مصر باعتبارهم كتلة تصويتية واحدة لفصيل سياسي معاد للثورة في مواجهة قوي الثورة تجعل من الديمقراطية المنشودة صراعات عرقية، وما يزيد الأمر خطورة أن يقوم الأقباط بتجمعات تغطي عجز القوي المعادية للثورة على الحشد الجماهيري، فدعوات التيار الشعبي مثلًا لم تحظ بأي تجاوب شعبي حتى ظهر الأقباط في ميدان التحرير مستترين أحيانًا وسافرين أحيانًا أخرى ومانحين مظهرًا جماهيريًا لمن ينادي بالاعتراف بالهولوكوست أو من يلقى تمويلًا أجنبيًا من إيران وسوريا، ولعل وجود أقباط بكثرة في اعتصام التحرير قد يعطى إيحاءً بأن من بينهم من كان يحمل السلاح الذي أطلق على القوى المؤيدة للرئيس وإن تحول هذا الإيحاء إلى حقيقة لمجرد تصرف فردي أو حتى غباء ممن لهم الحل والعقد في المشهد القبطي ينذر بكارثة حقيقية تحل بالمسيحيين بالدرجة الأكبر ثم بالمسلمين أيضًا كونهم شركاء الوطن.... وتقع حلًا وسطًا المقاطعة الاقتصادية لشركات ومحلات الأقباط جزاء اتحادهم مع الفلول وهو الحل الذي إن تم تفعيله في المجتمع المصري خصوصًا مع التقدم الاقتصادي المزمع فإنه سوف يقطع أقوات كثير من الأقباط من أصحاب العمل والعاملين في تلك الشركات والمحلات... وهو أمر لا نشجع عليه بحال. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]