عندما سمعت النائب السابق مصطفى الجندي عضو يتحدث مبتهجًا إلى "وش القمر" ريم ماجد.. هكذا قال لها.. ظننت أن مرسي طار وهرب وأن بيانًا سيصدر بعد قليل بتشكيل مجلس رئاسي. كان طائرًا من الفرحة خصوصًا أنه يتكلم أثناء اشتراكه في مظاهرات ماسبيرو، بينما عواجل المحطات التليفزيونية تأتيه بخبر فرار الرئيس محمد مرسي من قصر الاتحادية، وهتافات ميدان التحرير على مقربة من المكان الذي يقف فيه الجندي يزداد هياجها مع إعلان خلع الرئيس الذي لم يأخذ "غلوة" أمام الزحف الثوري على قصره! اتصل بي صديق إعلامي من دولة عربية ليسألني: هل حقًا انتهى الوضع.. ما تصورك للساعات القادمة.. من سيتولى الحكم.. سمعت عن تشكيل مجلس رئاسي من البرادعي وموسى والصباحي وعاشور وحكومة انتقالية. الآن حسين عبد الغني يتلو بيانًا هامًا.. كيف سيقابل التيار الإسلامي ذلك.. هل سيسكت ويقبل بالأمر الواقع أم أنه سيخرج إلى الشارع.. أين أصبحت الشرعية التي سيدافع عنها الجيش بعد هروب مرسي وإعلان الجبهة الوطنية للإنقاذ تشكيل المجلس الرئاسي؟! أسئلة كثيرة متتابعة فاجأني بها الصديق دون أن يدع لي ثانية واحدة لالتقط أنفاسي. كان يتحدث بمنطق الأمر الواقع، فالريموت كونترول في يده يؤكد النتائج التي توصل إليها بأن شعب مصر كله في الشارع وأنه يدوس على صناديق الاقتراع التي أوصلت مرسي إلى منصب رئيس الجمهورية. بعد أن هدأ قلت له: لقد سقطت في الفخ التليفزيوني رغم أنك إعلامي تعرف الفولة والفوال. في الحقيقة لم يحدث شيء مما تتساءل عنه. الحشود وسيلة دعائية مثل "برومو" أي منتج. قد تخدعك الدعاية عنه، وما إن تشتريه حتى تكتشف أنه جرى التغرير بك. في صباح يوم الأربعاء اتصل بي مبكرًا ليقول لي: صدقت.. لقد وقعت في خدعة تليفزيونية ماكرة. لم يهرب مرسي ولم أر مجلسًا رئاسيًا وتبخر المتظاهرون من أمام قصر الاتحادية بعد أن قيل لنا إنهم سيقتحمونه خلال دقائق وبعضهم قد يقضي حاجته في حماماته الفخمة.. وهناك من كتب على فيس بوك وتويتر أنه سيأخذ تعسيلة من النوم على سرير الرئيس ليستريح من عناء الزحف! ومع هذا فإن لتلك الحشود رسائل معنوية هائلة مدعومة من الإعلام المرئي والمقروء ومواقع التواصل الاجتماعي، ويخطئ مؤيدو الشرعية الانتخابية إن استراحوا إلى أنهم مثل النار التي تأكل نفسها إذا تركت لحالها، فحتى أناس عاديين في بيوتهم بالقاهرة صدقوا أن الرئيس هرب وأن رئيسًا أو رؤساء جددًا سيعلن عنهم في بيان متلفز. لابد أن يضع مؤيدو الشرعية خطة للتواجد في الشارع حتى يوم الاستفتاء.. لقد تركوا للمعارضين كل الميادين الاستراتيجية مثل ميدان التحرير وبعده قصر الاتحادية وربما غدًا ميدان نهضة مصر. محركو المتظاهرين لا يعترفون بكرم أخلاء الميادين لهم ويوظفونه على أنه ضعف واستكانة وخوف. بعضهم تجاوز في وصف الذين التزموا بيوتهم من مناصري قرارات الرئيس ومشروع الدستور بما لا يليق أن أكتبه هنا! فراج إسماعيل [email protected]