لم أستذق إعلان مؤيدى الإعلان الدستورى إلغاء حشدهم يوم الثلاثاء فى موازاة حشد المعارضين فى ميدان التحرير. كما لم أستذق أن يتركوا من أول يوم للإعلان الدستورى ميدان التحرير لكى يغزوه الفلول والمعارضون ويتحالفوا على أرضه، فيما ذهبوا هم إلى دار القضاء العالى ثم قصر الاتحادية. لابد أنهم طيبو النية فى الموقفين. وحتى عندما قرروا تحويل حشدهم إلى جامعة القاهرة قبل أن يلغوه لاحقًا، كانت تحركهم مشاعر الخوف على الوطن من مغبة تصارع الطرفين واقتتالهما إذا اقتربت بينهما المسافات. لكن غاب عنهم أن لميدان التحرير رمزية داخلية وخارجية، وأن الكاميرات الفضائية تتعامل معه على أنه تجمع للثورة والثوار، فيما تنظر للآخرين على أنهم قلة مارقة عن الثورة. وبما أن الوقت متأخر لاسترجاع ما أخذ خصوصًا أن ميدان التحرير سيطر عليه أنصار النظام السابق بعد تحالفهم فى مئوية يوم الثلاثاء (مئوية من مئات الآلاف وهو الأقرب إلى الدقة من المليونية).. فإن هجر الشارع كلية فى هذا اليوم، جعل النشطاء السياسيين مثل وحيد عبدالمجيد يرسلون رسائل مضللة بأن مصر كلها تحتشد لإسقاط الرئيس مرسي. لاحظ أن عبدالمجيد فى كل لقاءاته الآن يمتنع عن وصف مرسى بالرئيس، ويعتبره خارج منصبه، وأنه لم يعد يتكلم برصانته السابقة كخبير فى مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية وهو المركز الذى حمل عليه الرئيس الراحل أنور السادات بعنف فى إحدى خطبه أيام التحريض عليه ووصفه ب"مركز الأهرام لدراسات المهلبية"، مع الاعتذار الشديد لكل الزملاء العاملين فيه.. لكن فقط للتذكرة والتاريخ. عندما يستعصم المؤيدون بالشارع، ففى الواقع يقاومون هيمنة القلة وتوسيع رقعتها دعائيًًا، فقد كان يكفى يوم الثلاثاء أن تنتقل الكاميرات بين مشهدين لتقول إن هؤلاء مؤيدون وهؤلاء معارضون، وهو ما نجح فيها المؤيدون جزئيًا فى مدينة الإسكندرية عندما احتشدوا أمام مسجد القائد إبراهيم لتأييد قرارات مرسي. أدرى أن بعض القنوات تستخدم فى هذه الحالة تسمية "الإخوان" للإيحاء بأن مؤيدى مرسى هم جماعته فقط بما يتنافى مع الحقيقة، لأن مشهد الاحتشاد أمام قصر الاتحادية يوم الجمعة الماضى والذى امتد حتى شوارع مصر الجديدة، لو كان جميع من فيه ينتمون إلى الإخوان، فالمعنى أن عددهم كبير جدًا فى مصر وقد يصل إلى عشرة أو عشرين مليونًا. ترك الشارع بدوافع نبيلة غلطة كبيرة من المؤيدين وعليهم ألا يزيدوا سقطة ترك ميدان التحرير سوءًا على الجانب الدعائى والنفسي. [email protected]