حالة التشظي والانقسام الحاصلة في الشارع المصري حاليًا، تغذيها قوى لم تعد تستتر ولم يعد يهمها أن تكون مفضوحة أمام الملأ؛ بل صارت تلجأ للكذب الصريح والمزايدات الفجة، التي لم نعد في حاجة للحديث المطول حولها، لأنها أصبحت أوضح من نور الشمس. وبالرغم من معرفة الشارع المصري أشخاصًا محددين لا يريدون به خيرًا، لارتباطهم بالنظام السابق، أو لتحقيق أغراض شخصية من وجودهم في السلطة، فإن أكثرية الشباب يندفعون في الحالة الثورية ولم يعد يرضيهم أي حل ويعيشون في حالة من الرفض المطلق لكل شيء، وفي كل وقت. لا نحتاج أن نُذكر أنفسنا أن الشباب الثائر الرافض لقرارات الرئيس مرسي هو نفسه من استشهد وقاتل وناضل واعتصم طلبًا لحقوق الشهداء، وقصاصًا من قتلة الثوار وإقالة النائب العام السابق، وطالما اتهم النظام بالتردد وعدم الحسم، بل وضياع الثورة أحيانًا. وحين قام الرئيس بإعلان قرارته التي تضمنت ما طالب به الثوار، ازدادوا ثورةً ورفضًا وغضبًا، في حالة من التناقض، تعكس أن أكثر هؤلاء الشباب يعيشون حالة من الرفض لكل شيء، وهي حالة لا يمكن أن تقوم للبلاد قائمة، خصوصًا أن بعض الشباب استهوتهم فكرة الثورة والرفض لمجرد الرفض. زد على ذلك عبارات الاتهام والتخوين التي يرمي بها هؤلاء كل الذين لا يوافقونهم في الرأي، بل إن بعضهم يهدد بحرب الشوارع، وحالة من الفوضى لا يعلم مداها إلا الله تعالى. إن أكثر ما نحتاجه في هذه اللحظة هو العودة إلى الله ثم إلى ضمائرنا، لاسيما أهل الإعلام الذين يحرضون الشباب النقي، عبر شاشات التليفزيونية، ويرمون الأبرياء بتهم كثيرة، يعلمون ويعلم المعدون لهذه التهم براءة التيار الإسلامي كله منها، ولكن يفعلون كما يقول المثل العربي الشهير "رمتني بدائها وانسلت". على الذين يعبثون بأمن الوطن (من كل الأطياف السياسية) أن يدركوا أن مصر انطلقت نحو الحرية ولن تعود إلى كهوف الظلام، وأنها تلتف حول رئيسها المنتخب تؤيده وتؤازره لأداء مهمته في التجاوز بالوطن والانتصار على قوى الشر بالداخل والخارج التي لا تستهدف غير مصر وأمنها.. وفي النهاية إن لم يحقق الرئيس ما وعدنا به فالميادين كلها مفتوحة وليس التحرير فقط.. بل من يدعمه الآن سينتقل إلى صفوف المعارضة.. من أجل مصر ومصلحتها.