أثارت القرارات التي أصدرها الرئيس محمد مرسي العديد من ردود فعل عاتية، واهتزت مصر كلها بين كثرة مؤيدة وقلة رافضة لهذه القرارات التاريخية التي اعتبرها الكثرة المؤيدة استكمالًا لمسيرة ثورة يناير التي راح ضحيتها العديد من خيرة شباب مصر. جاءت قرارات الرئيس محمد مرسي بتحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية للدستور، وتحصين القرارات الجمهورية التي يصدرها الرئيس حتى انتخاب مجلس الشعب وإقالة النائب العام بمثابة القرارات الثورية؛ للحفاظ على أمن واستقرار البلاد؛ حتى يتم استكمال مؤسساتها الدستورية. فقرار إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود كان مطلبًا شعبيًّا منذ اندلاع ثورة يناير، ومما زاد من هذا المطلب في الفترة الأخيرة هو البراءات المتعددة التي حصل عليها العديد من رموز النظام السابق فيما عرف إعلاميًّا بمهرجان البراءة للجميع؛ وذلك لعدم كفاية الأدلة. أما قرارات تحصين الجمعية التأسيسية للدستور، فجاء بعد الانسحابات المتعددة لعديد من القوى السياسية من لجنة الدستور، ووضع مصير الجمعية التأسيسية تحت رحمة الأحكام القضائية. ويأتي قرار الرئيس محمد مرسي بتحصين مجلس الشورى بعد تقديم العديد من الدعاوى القضائية لحله رغم انتخابه بشكل ديمقراطي لم تشهده مصر في تاريخها الحديث؛ وحفاظًا من الرئيس المنتخب محمد مرسي على استكمال بناء مؤسسات مصر الدستورية وعدم وضعها تحت رحمة أية سلطة في مصر. وجاء تحصين قرارات الرئيس بصفته الحاكم الشرعي للبلاد، وهو المسئول الأول عن أمنها وسلامتها، ومن حقه اتخاذ ما يلزمه من قرارات وإجراءات وفقًا لما يتراء له للحفاظ على مصلحة البلاد، وعدم ترك القرارات الجمهورية التي يتخذها الرئيس عرضه للأحكام القضائية، وذلك هيبة لهذه القرارات التي تصدر عن مؤسسة الرئاسة المنتخبة. ولأن الرئيس مرسي جاء بعد ثورة مباركة فكان عليه أن يصدر قرارات ثورية لإعادة الحقوق لأبناء الثورة الذين ضحوا بدمائهم من أجل رفعة مصر وإنقاذها من الفساد الذي وصل إلي جذورها بعد حكم مستبد لثلاثة قرون. وقد تعهد الرئيس محمد مرسي منذ توليه السلطة في مصر أن يحافظ على أمن واستقرار البلاد، وإنصاف المظلومين، والعبور بمصر إلى بر الأمان والضرب بيد من حديد على من يحاول العبث بمقدرات البلاد فكان لابد من هذه القرارات الثورية. وقد أشاد العديد من المحللين والسياسيين بالقرارات التاريخية التي أصدرها الرئيس مصر، وأنها جاءت في الوقت المناسب لمنع العبث الذي يرتكبه البعض في حق مصر، وأنها أثلجت صدور المصريين جميعًا خاصة أهالي الشهداء، وأن قرارات الرئيس جاءت لتحافظ على أمن واستقرار البلاد. وأكد المحللون أن قرارات الرئيس هي قرارات جريئة، ولا ترسخ لأية ديكتاتورية بل هي قرارات ديمقراطية، وقد جاءت للحفاظ على مؤسسات الدولة المنتخبة، ومنع حلها خاصة بعد حل مجلس الشعب والتمهيد لحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، فكان لابد من اتخاذ قرارات جريئة للحفاظ على مؤسسات الدولة الدستورية من الانهيار. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء المحللين والسياسيين في القرارات التي أصدرها الرئيس مرسي، وتقييمهم لهذه القرارات وتوقيت صدورها وتأثيرها على مسيرة الثورة. في البداية أكد محمد عبد الفتاح - أمين حزب الحرية والعدالة بمحافظة أسوان - أن القرارات التي أصدرها الرئيس مرسي هي قرارات ثورية طالما انتظرها الشعب لفترة طويلة، وأن قرار إقالة النائب العام كان مطلبًا شعبيًّا منذ الثورة؛ مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن القرارات التي أصدرها الرئيس تهدف إلى القضاء على الثورة المضادة وعلى حالة العبثية التي تسود البلاد في الوقت الراهن، فكان لابد من تدخل الرئيس لإنقاذ البلاد، فنحن نحتاج الآن إلى محاكمات عادلة لقتلة الثوار الذين ضحوا بدمائهم من أجل إنقاذ الثورة. وأضاف: لا يعقل أن يترك مصير مصر الثورة بين أروقة المحاكم فتارة نسمع عن إلغاء التأسيسية ثم عودتها وحل مجلس الشعب وقرب حل مجلس الشورى، فأصبح هناك ما يمكن أن يطلق عليه مهزلة الاعتراض على أي قرار يساهم في بناء الدولة المصرية. ومن جانبه قال الدكتور عادل عفيفي - رئيس حزب الأصالة -: "إن القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي هي قرارات شجاعة نزلت بردًا وسلامًا على قلوب المصريين جميعًا، وإن هذه القرارات جاءت لتؤكد أن الثورة المصرية التي ضحى آلاف الشباب بأنفسهم لن تضيع". ودعا رئيس حزب الأصالة الرئيس مرسي إلى المضي قدمًا في تحقيق مسيرة النهضة التي وعد المصريين بها، وعدم الانتباه إلى أعداء الثورة المضادة الذين لا يريدون لمصر الخير وأن تستقر مثل باقي الدول. على السياق ذاته قال عبد الله سعد - عضو مجلس الشعب السابق عن حزب النور عن محافظة البحيرة -: "إن قرارات الرئيس محمد مرسي هي قرارات صائبة، والجميع كان ينتظرها بشغف، وتأتي استكمالًا لمسيرة الثورة التي راح ضحيتها العديد من الشهداء الذي ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن". وأضاف سعد أن هذه القرارات جاءت في وقتها بعد أحكام البراءة التي صدرت لصالح العديد من رموز النظام السابق، والتي أطلق عليها البعض ما يعرف بمهرجان البراءة للجميع بحجة عدم وجود أدلة كافية لإدانة المتهمين، فكان لابد من إقالة النائب العام، وهذا أقل شيء يقدمه الرئيس مرسي لأهالي الشهداء اللذين ذهبت دماؤهم هباءً منثورًا. ويقول سعد إنه من حق الرئيس تحصين قراراته ومجلس الشورى واللجنة التأسيسية للدستور، وذلك بعد صدور عدد من الأحكام التي لا تساعد على بناء الدولة، والدليل على ذلك الحكم القضائي الصادر بحل مجلس الشعب الذي انتخبه ما يقرب من 30 مليون مصري، والذي اعتبر أول مجلس ديمقراطي منتخب في تاريخ مصر. فالقرارات التي أصدرها الرئيس تأتي من ضمن مهامه السياسية؛ للحفاظ على مصالح البلاد، وهي قرارات موفقة وفي محلها وجريئة، ولا يمكن اعتبارها قرارا ت ديكتاتورية؛ لأن الرئيس استخدم قراراته بطريقة صحيحة وسليمة، وننتظر من الرئيس المزيد من القرارات لتحقيق مصلحة مصر الثورة التي يحلم بها الشعب. بدوره قال محمود صابر - عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة بمحافظة بني سويف -: "إن القرارات التي أصدرها الرئيس محمد مرسي هي قرارات صائبة، وكانت مطلوبة، وأنها جاءت متأخرة، وكان ينتظرها الشعب منذ فترة طويلة". وأضاف صابر أن الاقتصاد المصري ما زال منحدرًا، وأن البلاد بحاجة إلى مزيد من الاستقرار الاقتصادي والاستقرار الأمني، فكان لابد من هذه القرارات التاريخية التي أصدرها الرئيس؛ للحفاظ على أمن وسلامة مصر، وأن قرارات مرسي جاءت لاستكمال مسيرة الثورة التي ضحى من أجلها العديد من شباب مصر، ومن يدعي أن هذه القرارات غير ديمقراطية نقول لهم أين الديمقراطية التي تطبق عندما ينسحب العديد من القوى المدنية من اللجنة التأسيسية للدستور دون ذكر السبب الواضح لانسحابهم. من منطلق آخر قالت الدكتورة نورهان الشيخ - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة -: "إن مصر ليست بحاجة الآن إلى إعلان دستوري جديد ويجب الانتهاء أولًا من إعداد الدستور، وإن قرار الرئيس مرسي بإعادة محاكمة قتلة الثوار هو قرار صائب، وكان يجب اتخاذه منذ البداية؛ لأن ذلك هو حق الشهداء اللذين ضحوا بأرواحهم من أجل الشعب المصري بأكمله". وعن قانونية القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي أكد نبيه الوحش - المحامي - أن هذه القرارات هي قارات قانونية، وتدخل في نطاق القرارات السيادية للرئيس، وإن الرئيس يملك إصدار هذا القرارات بصفته يملك السلطة التشريعية الآن ومن حقه إصدار هذه القرارات. وأكد الوحش أن قرارات الرئيس هي قرارات قانونية لا يجوز الطعن عليها، وكان يجب أن تتخذ هذه القرارات منذ فترة كبيرة.