ما معنى أن يصبح مواطنًا مصريًا عضوًا بمجلس الشعب (سيناتور) وكل مؤهلاته أنه يحمل لقب الحاج/ فلان؟.. الذي كثيرًا ما شاهدناه لاهثًا وراء كمال الشاذلي.. ومن بعده لاعقًا لحذاء أحمد عز! الحاج فلان الذي كان يضع تسعيرة بألوف الجنيهات لتعيين أبناء الدائرة في الوظائف الحكومية!.. وعهدناه نائمًا أو متغيبًا عن جلسات المجلس! وألفناه رافعًا يده بالموافقة دومًا على ما يريده فتحي سرور.. وليس ما يريده الشعب!! الحاج فلان الذي طالما بجهله عانينا من "مبارك" وحزبه وحكوماته الويلات. عبد الناصر.. حين سن قوانين الإصلاح الزراعي.. نزعم أنها كانت محاولة جيدة منه لتفتيت المال وإعادة توزيعه؛ لتذويب الفوارق الطبقية الكبيرة بين شرائح المجتمع، والتي أبقت النسبة الأكبر من الفلاحين نهبًا لقبضة البؤس وعبيدًا لذل الحاجة.. وكلها أوضاع ضد ما يريده الله سبحانه وتعالى من العزة والكرامة للإنسان.. فلا مجال لمعارضة عبد الناصر في إقرار حق الملكية للضعفاء من الفلاحين آنذاك.. بل هو عمل جيد ويحسب له. لكن عبد الناصر حين أقر ما نسبته 50 % من عضوية البرلمان للعمال والفلاحين قد ارتكب جريمة نكراء في حق مصر!!.. فمصر وقتئذ كانت حديثة عهد بالانتظام في التعليم.. وكانت النسبة الأكبر من العمال والفلاحين من غير المتعلمين.. ورغم ذلك مثلوا 50 % من عضوية مجلس الشعب شريطة إجادة القراءة والكتابة!.. فهل من يجيد القراءة والكتابة بقادر على النهوض بمهام ومسؤوليات هذا المنصب الهام؟.. منصب (السيناتور). يا أهالينا في الريف.. ويا أهالينا في المصانع.. إن مهام السيناتور (عضو البرلمان) ليست هي جمع الطلبات منكم والركض بها خلف الوزراء والمسؤولين ليجلب لكم عليها التوقيعات!.. ليست مهمته رصف طريق أو إنارته!.. بل مهمته محاسبة وإسقاط الحكومة والوزراء الذين يقصرون في خدمتكم وتلبية متطلبات الحياة الكريمة لكم.. إن مهمته الاعتراض على التشريعات التي تضر بمصالحكم وتنتقص من حقوقكم.. مهمته التقدم بمشاريع قوانين تضمن لكم ولأبنائكم التعليم الراقي والاقتصاد القوي والثقافة الرفيعة والإعلام الأمين غير المضلل.. مهمته محاسبة الوزراء حال تقصيرهم في تقديم الخدمات لكم وتنفيذ السياسات الموضوعة للنهوض بكم على النحو الأمثل.. فهل مجرد المعرفة بالقراءة والكتابة شرطٌ كافٍ ليتمكن الحاج فلان من القيام بهذه المهام الجسام؟! والله ليس منصفًا من يقول: "إن المعرفة بالقراءة والكتابة أو شهادة التعليم الأساسي شرط كافٍ للترشح لعضوية البرلمان والقيام بالمهام سالفة الذكر".. فأي وظيفة بسيطة تتطلب شروطًا وكفاءات فيمن يشغلها.. فهل "حلاق الصحة" يصلح لإجراء عمليات القلب المفتوح؟!.. لا.. لماذا؟ لأنه غير متعلم للطب، ولا يمتلك المهارات اللازمة لذلك.. وكذلك الحاج فلان الطامح لعضوية البرلمان.. لا يعلم ولا يمتلك قدرات ومهارات مطلوبة "كالبحث والملاحظة والتحليل والمقارنة والاستنتاج.." علاوة على افتقاره للثقافة الرفيعة في شؤون القانون والتعليم والاقتصاد والإعلام.. فكيف نهلل لعبد الناصر وقد منح وظائف هامة وحيوية لمن يفتقد مهاراتها ومتطلباتها؟؟ أن يمارس الفلاحون والعمال حقوقهم السياسية في الترشح للعمل العام أمر مسلم به، وأمر لا ينكره أحد عليهم ولا على غيرهم من شرائح المجتمع.. لكن هل خلا فلاحونا الكرام وعمالنا الشرفاء من المتعلمين وأصحاب الشهادات المرموقة الذين يمكنهم تمثيلنا في البرلمان؟.. طبعا لا.. ولذا نناشد الجمعية التأسيسية أن يكون المتقدم لشغل هذا المنصب الهام والحيوي والمصيري من المتعلمين تعليمًا جامعيًا راقيًا.. وليست كل مؤهلاته لقب "حاج"؛ كي لا يغدو ألعوبة في يد الكبار والمتعلمين داخل المجلس! [email protected]