فى مثل هذا اليوم عام 1975، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3379، بتصويت 72 دولة ب "نعم" مقابل 35 ب "لا"، وامتناع 32 عضوًا عن التصويت، ويؤكد القرار أن: "الصهيونية هى شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصرى"، وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيديولوجية الصهيونية التى حسب القرار تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين، وكثيرًا ما يستشهد بهذا القرار فى المناقشات المتعلقة بالصهيونية والعنصرية. جاء فى صيغة القرار: بالاستناد إلى قرارات سابقة أصدرتها المنظمة عام 1963 داعية إلى القضاء على كل أشكال التمييز العنصري، وقرارها عام 1973 الذي أدانت فيه في جملة أمور التحالف الآثم بين العنصرية والصهيونية، وإعلان المكسيك بشأن مساواة المرأة ومساهمتها في الإنماء والسلم عام 1975، والذي أعلن المبدأ القائل بأن (التعاون والسلم الدوليين يتطلبان تحقيق التحرر والاستقلال القوميين، وإزالة الاستعمار والاستعمار الجديد، والاحتلال الأجنبي، والصهيونية، والفصل العنصري والتمييز العنصري بجميع أشكاله، وكذلك الاعتراف بكرامة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها). ومعتمدة على ما صدر من دورة رؤساء دول وحكومات الوحدة الأفريقية في أغسطس 1975 والذي رأى أن: النظام العنصري الحاكم في فلسطينالمحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زيمبابوي وجنوب أفريقيا ترجع إلى أصل استعماري مشترك، وتشكل كيانًا كليًا، ولها هيكل عنصري واحد وترتبط ارتباطًا عضويًا في سياستها الرامية إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته. وكذلك الإعلان السياسي واستراتيجية تدعيم السلم والأمن الدوليين وتدعيم التضامن والمساعدة المتبادلة فيما بين دول عدم الانحياز اللذين تم اعتمادهما في مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز في أغسطس1975، واللذين أدانا الصهيونية بوصفها تهديدًَا للسلم والأمن العالميين وطلبا مقاومة هذه الأيديولوجية العنصرية (الإمبريالية).. كان هذا القرار بمثابة صحوة إنسانية أممية جامعة ضد "إسرائيل" كدولة احتلال وإرهاب، وضد الحركة الصهيونية بمواصفاتها وممارساتها العنصرية . سفير "إسرائيل" آنذاك فى الأممالمتحدة، حاييم هرتسوج، قام أمام كل العالم بتمزيق الورقة التى طُبع عليها القرار الذى أيدته 72 دولة وعارضته 35 دولة، بينما امتنعت 32 دولة عن التصويت، معبرًا عن الموقف الإسرائيلى التقليدى الذى يظهر الاحتقار للأمم المتحدة. لم يأت ذلك القرار الأممى يتيمًا، إذ سبقته قرارات أخرى تدين العنصرية الصهيونية، فاتخذ قرار فى مؤتمر النساء الدولى فى مكسيكو سيتى فى يوليو1975 وضع الأساس لقرار الأممالمتحدة الذى وصفوه بأنه الأكثر عداء الذى اتخذ فى أى وقت من الأوقات ضد إسرائيل. بعد ذلك القرار بنحو خمسة عشر عامًا عادت الأممالمتحدة لتتخذ قرارًا جديدًا فى الحركة الصهيونية ولكن فى الاتجاه المعاكس تمامًا، فقد ألغى هذا القرار بموجب القرار 46/86 يوم 16 ديسمبر سنة 1991.. فقد عملت الدول الغربية المتحالفة مع "إسرائيل" ولاسيما الكونجرس الأمريكى المتصهين، على مدى سنوات من أجل إسقاط القرار، باشتراطهم مشاركة إسرائيل فى مؤتمر مدريد بإلغاء القرار، الأمر الذى وقع فعلاً فى ديسمبر1991 بموجب القرار 8646، وجاء قرار الإلغاء فى سطر واحد، صاغه نائب وزير الخارجية الأمريكى لورنس إيجلبرج كالتالى: "تقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة نبذ الحكم الوارد فى قرارها 3379". وفى أعقاب قرار الإلغاء والاعتذار أخذت سياسات ومواقف وقرارات الأممالمتحدة تتحول شيئًا فشيئًا لصالح "إسرائيل" وسياساتها.. هكذا بمنتهى الانحيازية الظالمة على رءوس الأشهاد.. إلى أن بلغت الأمور ذروة النفاق الدولى مع الدولة والحركة الصهيونية باتخاذ تلك المنظمة سلسلة قرارات ومواقف تشجب فى مضمونها مثلاً "الإرهاب الانتفاضة والاحتجاجات والرفض الفلسطينى للاحتلال وجرائمه"، وتبرر لإسرائيل من جهة ثانية "حقها فى الدفاع عن نفسها ."