تحل اليوم "الجمعة" الذكرى السابعة لتفجير ثلاثة فنادق بالعاصمة الأردنية عمان في التاسع من نوفمبر عام 2005 والتي راح ضحيتها 60 شخصا وأصيب أكثر من 300 آخرين في عمل إرهابي تبناه آنذاك تنظيم القاعدة في العراق الذي كان يتزعمه الأردني الراحل أبو مصعب الزرقاوي ،في وقت نجح فيه الأردن بعد تلك التفجيرات في تجفيف لمنابع الإرهاب على أراضيه وتوجيه ضربات استباقية قوية للعناصر الإرهابية التي تحاول النيل من أمنه واستقراره. وتأتي تلك الذكرى الأليمة التي راح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم جراء هذا العمل الإرهابي الجبان في وقت نجح فيه الأردن في توجيه ضربة مؤثرة في عملية نوعية نجحت خلالها دائرة المخابرات العامة الأردنية قبل قرابة ثلاثة أسابيع من إحباط مخطط إرهابي استهدف الأمن الوطني الأردني خططت له مجموعة إرهابية مرتبطة بفكر تنظيم القاعدة ضمت 11 عنصرا جميعهم من الأردنيين كانوا يترددون على سوريا تحت مسمى عملية "9-11 الثانية" نسبة إلى تفجيرات فنادق عمان عام 2005 حيث خططت المجموعة لاستهداف المراكز التجارية الكبرى والحيوية وأهدافا ومواقع حساسة ومواطنين أجانب لترويع المواطنين الأردنيين وإشاعة البلبلة والفوضى في المملكة . ويرى مراقبون وسياسيون أن تفجيرات عمان 2005 شكلت داخل المجتمع الأردني تحديا وشعورا بالمسئولية تجاه الوطن ورسخت مفهوم المواطنة وعززت مبادئ الوسطية والاعتدال والوعي الذاتي وزادت الثقة بين المواطن والدولة وأجهزتها المختلفة ليكون الأردن دوما حصنا منيعا في وجه كل مخرب أو حاقد واجتثاث ونبذ جميع أشكال التطرف والعنف . وأكد وزير الدولة لشئون الإعلام ووزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطه بمناسبة الذكرى السابعة لتلك التفجيرات أن هذا العمل الإرهابي يعيد التأكيد على قوة الدولة الأردنية قيادة وشعبا ومؤسسات في مواجهة المحطات الصعبة من خلال الحكمة والتماسك الداخلي وامتلاك رؤية فكرية واضحة. وقال المعايطه "إنه رغم مرارة ما فقدناه من الضحايا الشهداء وما رأينا من المصابين إلا أن تلك التفجيرات صنعت ردة فعل شعبية ونخبوية تجاه الفكر المتطرف والفعل الإرهابي مهما كان مصدره وأيا كانت مبرراته أو غطاءه"، مشيرا إلى أن الرد على التطرف والعنف يكون أولا من خلال جهد فكري وشرعي لتحصين الأجيال من عمليات التضليل ومخططات استغفال العقول والتفسيرات الخاطئة للنصوص والأحداث إضافة إلى تعزيز فكر المشاركة والحوار وقبول الأخر كقيم حياتية قبل أن تكون فعلا سياسيا. وبدوره ، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأردني الأسبق سعد السرور إن حادثة تفجيرات الفنادق عام 2005 حققت إجماعا بين الأردنيين للوقوف في وجه أي اعتداء يهدد أمن الوطن كما تعد تلك الحادثة الأليمة نادرة يتذكرها الأردنيون باستمرار لأنهم لم يعتادوا على وقوع أحداث تمس أمن الوطن واستقراره". وأضاف أن الأردن بقائده وسياسته الحكيمة ووعي أفراد شعبه وأجهزته الأمنية ذات الكفاءة المشهودة استطاع أن يبقى آمنا مستقرا ، ولم يشهد ما حدث في بعض دول العالم من حوادث إرهابية عديدة ومن هنا علينا أن نستفيد من تلك الحادثة المؤسفة ، ونبقى حريصين كل الحرص ونرقب كل من يفكر أن يمس الوطن والنيل من استقراره". وأشار إلى أن الأردن لقن هؤلاء الإرهابيين دروسا رادعة وافشل جميع خططهم وقد عرفوا أن هذا البلد صعب المنال والاختراق وأن المواطن الأردني لديه من الوعي الكثير ولن يسمح لأحد أن يساوم على أمن بلده كما أنه لم ينجر وراء ما يحدث في المنطقة من أحداث مضطربة ويدل على ذلك أن الشعب الأردني يعبر عن آرائه ومطالبه بأسلوب سلمي أخلاقي وضمن القانون وتحت إطار الحرص على الوطن وأمنه. ولفت إلى أن هناك مخططات وعلى امتداد سنوات حاولت أن تدس الإرهاب وأفكاره داخل صفوف الأردنيين لكنها فشلت وواجهها وعي هذا المجتمع ونبذه لفكر العنف ، كما أن المؤسسات الأردنية المدنية والأمنية الرصينة تصدت لجميع المحاولات حتى أصبحت الأجهزة الأردنية مثالا في مواجهة الإرهاب يشهد لحسن أدائها وانضباطها الكثيرون. ويرى المراقبون أن وحدة الصف التي يتسم بها الأردنيون جميعا والذين كانوا ولا يزالون صفا واحدا خلف القيادة الهاشمية شكلت بعد تفجيرات عمان عام 2005 حالة من التوافق الكبير لدى الشعب الأردني ضد الإرهاب وأصبحت هناك "هبة أردنية" كبيرة لمقاومة الإرهاب ورفضه بكل أشكاله والحرص على استقرار الوطن ونبذ كل مظاهر الفرقة والتشتت. ويرى المحللون أن الأزمة السورية التي باتت تلقي بظلالها السلبية على دول الجوار وفي مقدمتها الأردن أصبحت تمثل تحديا أمنيا كبيرا للأردن عبر عنه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه يوم "الثلاثاء" الماضي في عمان مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بالقلق العميق تجاه استمرار التصعيد وتزايد حدة العنف على الساحة السورية ومخاطر وتداعيات هذا الوضع على جميع دول وشعوب المنطقة. كما لفت العاهل الأردني بشكل خاص إلى الانعكاسات السلبية للأزمة على دول الجوار جراء تدهور الوضع في سوريا وخاصة أن بلاده تتحمل أعباء إضافية كبيرة نتيجة استضافته ما يزيد عن 236 ألف لاجئ سوري وما يتطلبه ذلك من توفير الخدمات الأساسية والإنسانية والأمنية لهم بالرغم من شح الموارد والإمكانات. وخلال الشهر الماضي قتل أحد عناصر القوات المسلحة الأردنية في اشتباك مع مجموعة مسلحة مؤلفة من ثمانية أشخاص حاولت اجتياز الحدود الشمالية للمملكة مع سوريا ، كما نقلت العديد من التقارير الإعلامية عن مصادر أمنية أردنية اعتقال العديد من الخلايا السورية النائمة بالأردن والتي كانت تنوي القيام بأعمال تعرض أمن البلاد للخطر كما جرى أكثر من مرة اعتقال مجموعات جهادية وتكفيرية مسلحة في المنطقة الحدودية المتاخمة مع سوريا والتي تمتد لأكثر من 375 كيلو مترا وتشهد حالة استنفار عسكري وأمني من جانب السلطات الأمنية الأردنية عقب تدهور الأوضاع في سوريا. ويرى المراقبون أن تفجيرات عمان عام 2005 والتي طالت ثلاثة فنادق هي "راديسون ساس ، وحياة عمان، ودايز إن" أدت إلى تغييرات كبيرة في المجتمع الأردني والذي أصبح شعبا بأكمله ينبذ الإرهاب وفكره كما غيرت لديه الكثير من الانطباعات بعد هذه التفجيرات الإرهابية وعمقت الوعي لديه بأمن الوطن لتفويت الفرصة أمام الإرهابيين والمخربين والعابثين بأمن الوطن.