قوبلت المسودة الأولى للدستور المصرى الجديد برفض من جانب بعض فئات المجتمع، المواد المتعلقة بتطبيق الشريعة ووضع المرأة، وإلغاء نسبة العمال والفلاحين فى البرلمان. واحتلت المادة الثانية من مسودة الدستور، التى نصت على أن تكون "مبادئ" الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، على اهتمام غالبية أطياف المجتمع المصرى خاصة بعض القوى الإسلامية التى أكدت وجود تحفظات كثيرة لديهم على مسودة الدستور المطروحة لمخالفتها الشريعة الإسلامية. وطالبت بعض القوى الإسلامية بضرورة "أن تكون الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع" وليس مبادئها، ولا يجوز سن قوانين تخالفها مؤكدة أن هذه هى الصياغة الوحيدة للمادة الثانية من الدستور التى ستحظى بتأييد جموع الشعب المصرى الذى يحب هذا الدين وينتظر اليوم الذى تحكم فيه شريعته.. وقد تم الاتفاق مؤخرًا داخل اللجنة التأسيسية للدستور حول الشريعة بالنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، مع إضافة مادة ثانية تنص على أن المبادئ تشمل الأدلة الكلية والقواعد الأصولية من المذاهب المعتبرة عند أهل السنة وفقًا لأحكام قطعية الثبوت وقطعية الدلالة. فيما أكدت بعض القوى الليبرالية ضرورة طرح المادة الخاصة بتطبيق الشريعة الإسلامية على الجمهور، وهو الذى سيحدد قبولها من عدمه. على الجانب الآخر، اعترضت المرأة على المسودة الأولى للدستور معتبرة إياها تمثل نوعًا من الانتقاص من حقوق المرأة، مشيرةً إلى أن هذا واضح فى عدم الاعتراف بالمواثيق والمعاهدات الدولية، فى ما يخصّ المساواة بين الرجل والمرأة، وتجريم زواج القاصرات.. وهددت بعض المنظمات النسائية المصرية بالتصدى لأى محاولات للانتقاص من حقوق ومكتسبات المرأة التى ناضلت من أجل الحصول عليها لعشرات السنين، لافتةً إلى أن بعض التيارات تتناسى دور المرأة المحورى فى الدعوة والمشاركة فى ثورة 25 يناير، التى أتت بهم إلى السلطة. وقالت بعض القوى الليبرالية إن المسودة لم تحتوِ على كامل حقوق المرأة وأن حقوقها غير واضحة، فى حين أكدت بعض القوى الإسلامية أن الدستور قد تضمن كل حقوق المرأة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية. العمال أيضًا من جانبهم رفضوا مسودة الدستور الجديد معتبرين أنها تنتقص من حقوقهم، لا سيما بعد إلغاء النسبة المخصصة لهم فى البرلمان والتى تقدر ب50%.. واعتبروا أن إلغاء هذه النسبة من الدستور الجديد انقضاض على حقوق العمال والفلاحين فى مصر، مؤكدين أن النظام السابق كان يستخدم هذا الحق لمصلحة رجاله فكان ضباط الشرطة السابقون ورجال الأعمال وقيادات الجيش السابقة يدخلون البرلمان من خلالها، عبر التلاعب فى المستندات. فى السياق نفسه، أكد بعض المحللين أنه لا يجب إلغاء نسبة العمال والفلاحين فى البرلمان بل يجب وضع ضوابط عليها تحكم عملها. لكن على الجانب الآخر، تمسكت بعض القوى الإسلامية بإلغاء النسبة المقررة للعمال والفلاحين لعدم جدواها فى الوقت الحالى وأنها تؤدى إلى التمييز بين فئات المجتمع، ويجب ترك الترشح فى البرلمان على قدم المساواة بين كل أطياف الشعب. وفى إطار ذلك استطلعت (المصريون) آراء بعض التيارات الإسلامية والليبرالية والمحللين فى القضايا الخلافية الأساسية فى وضع الدستور مثل تطبيق الشريعة، ووضع المرأة، وإلغاء نسبة العمال والفلاحين، وهل ينجح الاتفاق مؤخرًا داخل اللجنة التأسيسية للدستور حول الشريعة بعد إضافة مادة جديدة إليها فى تهدئة غضب القوى الإسلامية وإيقاف زحف مليونياتها إلى التحرير؟ فى البداية، أكد محمد عبد الفتاح، أمين حزب الحرية والعدالة بمحافظة أسوان، أن التوافق الذى حدث داخل اللجنة التأسيسية للدستور حول المادة الثانية منه والخاصة بالشريعة الإسلامية سيساهم إلى حد كبير فى سرعة الانتهاء من إعداد الدستور.. وأشار إلى أن التوافق الذى حدث داخل اللجنة التأسيسية للدستور حول الشريعة نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، مع إضافة مادة ثانية تنص على أن المبادئ تشمل الأدلة الكلية والقواعد الأصولية من المذاهب المعتبرة عند أهل السنة وفقًا لأحكام قطعية الثبوت وقطعية الدلالة. وأضاف عبد الفتاح أن مشاركة حزب الحرية والعدالة فى أى مليونيات لنصرة الشريعة يعتمد على قرار اللجنة التنسيقية لحزب الحرية والعدالة والقوى الإسلامية.. وأوضح أنه لا يوجد مبرر لتخصيص نسبة معينة للفلاحين والعمال فى مجلس الشعب، وأن الجميع توافق على إلغائها، وأن هذا الإلغاء هو فى النهاية مطلب شعبى. وعن الاختلاف حول وضع المرأة فى الدستور، قال عبد الفتاح إنه يعتقد أن المرأة تتمتع بكل الحقوق مثل الرجل على وجه التساوى بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، وأن المرأة ممثلة فى اللجنة التأسيسية للدستور بنسبة 7%. من ناحية أخرى، أكد الدكتور عادل عفيفى، رئيس حزب الأصالة، أنه يؤيد إلغاء النسبة المقررة للعمال والفلاحين فى البرلمان؛ لأنها تميز فئة عن أخرى فى المجتمع، فيجب أن يكون الترشح فى البرلمان قائمًا على مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع وليس فيه تمييز لأحد عن الآخر، وأن حقوق المرأة محفوظة فى الدستور دون الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية. من زاوية أخرى، أكد الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه يجب على جميع القوى السياسية المشاركة فى وضع دستور مصر الثورة أن تنحى الخلافات جانبًا؛ لأن الدستور الذى سيتم وضعه ليس دستور اليوم أو غد بل سيمتد لأطول فترة ممكنة، وأن مصر مجتمع إسلامى، وأن الإسلام ليس حكرًا على أحد، ولا خلاف بين الشريعة أو مبادئها هى التى تكون المصدر الرئيسى للتشريع، والخلافات داخل التأسيسية هى نتاج كراهية وجود فصيل سياسى واحد يسيطر على أعمال اللجنة التأسيسية للدستور.. وأوضح أنه لا يؤيد إلغاء النسبة المخصصة للعمال والفلاحين فى البرلمان، بل يجب تقويمها مع الإبقاء عليها؛ لأن المجتمع المصرى يحتوى على أكثر من50% من العمال والفلاحين. ونوه اللاوندى إلى أنه يوجد بالفعل خلافات حول وضع المرأة فى الدستور ويجب تقنينها، حيث تشعر المرأة دائمًا بأن الرجل وحده هو الذى يريد أن ينتقص من شأنها.. وشدد على أن الحديث عن الدستور سيظل قائمًا.