أكدت لجنة المشاركة الشعبية في الدستور والتي تضم أحزابا سياسية ومنظمات حقوقية ونسوية وتنموية ونقابات وفعاليات اجتماعية وثقافية أن الدساتير لا تصنع ولا تنجز إلا من خلال التوافق الوطنيالعام والمشاركة الشعبية، مطالبة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. وأشارت اللجنة في بيان لها حصلت "المصريون" على نسخة منه عقب المؤتمر الصحفي لها بنقابة الصحفيين، صباح اليوم - الأربعاء، إلى أن مسودة الدستور عكست تجاهل الجمعية التأسيسية للنص على الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في كل الحقوق والحريات بما يشير إلى موقفها السلبي والمعادي لحقوق الإنسان، والانتكاس على التزامات مصر الدولية فيما يتعلق بها. وأضاف البيان أن مسودة الدستور التي خرجت عكست أيضا، هيمنة تيار معادٍ للحريات ولحقوق المواطنين على تشكيلها، حيث يركز التيار السلفي على فرض رؤية رجعية للمجتمع تستند إلى تنميط حياة الأفراد والجماعات بتصوراته الخاصة عن الحياة. ويركز الإخوان المسلمون على الاستبداد السياسي والسيطرة على السلطة وعلى مؤسساتها ساعيا لوراثة تركة الاستبداد والاستغلال من النظام السابق كما هي أو بتغييرات طفيفة جدا. وأكدت اللجنة أن مسودات الدستور المطروحة من الجمعية حتى الآن، تعبّر عن فلسفة مخاصمة لحقوق الإنسان، ومعادية للحرية، ولحقوق المواطنين، وتجافي مفهوم الدولة المدنية الحديثة، وتسعى لوضع بذور دولة دينية استبدادية تستند إلى مذاهب محددة تقيد الدولة طبقا لتفسيراتها الضيقة. وانتقد البيان إغفال حقوق المرأة والطفل وحرية الصحافة والإعلام إضافة إلى الاتجاه الواضح لفرض وصاية الدولة على الحياة الخاصة للمواطنين؛ عبر النص على حماية الدولة ل"الوحدة الثقافية والحضارية" للمجتمع، وأن الدولة ستحرص على "الطابع الأصيل للأسرة المصرية وحماية تقاليدها وقيمها الخلقية"، ولا يمكن تفسيرها سوى في إطار فرض الوصاية الأبوية والسلطوية على المجتمع والتدخل في المجال الخاص للمواطنين. أما فيما يخص السلطة القضائية، فأوضح البيان أن النية تبدو مبيتة للاعتداء على استقلالها وخاصة على المحكمة الدستورية بجانب منح المؤسسة العسكرية امتيازات خطيرة، تفوق ما تضمنته المادتان التاسعة والعاشرة من وثيقة "السلمي" والتي اختلف عليها أغلب القوى السياسية بما فيها الإخوان المسلمين عند ظهورها. كما انتقد البيان ما جاء في صياغة المسودة من عيوب وركاكة مطالبا بتطوير الصياغات الخاصة بالصحة والتعليم وحظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. وحذر البيان من استمرار الإصرار على إغفال أمور شديدة الأهمية، مثل النص على قابلية الحقوق والضمانات الدستورية للتوسع باضطراد، وعلى حقوق المشاركة المجتمعية والرقابة والمحاسبة الشعبية، وإغفال النص على آلية لمراقبة وإعمال الحقوق الدستورية، وكذلك إغفال الحقوق التفصيلية وبشكل واضح لفئات الأطفال والنساء والمعوقين والعمال والفلاحين والصيادين والمصريين بالخارج وغيرهم، رغم ما تقدمت به القوى السياسية والمنظمات الحقوقية والتنموية من نصوص محددة وتفصيلية تغطي ذلك بامتياز. وأكدت لجنة المشاركة الشعبية حرصها على المشاركة في كل أعمال الدستور المصري إعدادا وصياغة وتصويتا وإعمالا ومراقبة، ودعت الجمعية التأسيسية إلى تجميد أنشطتها حتى صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن تشكيلها، وضرورة الامتثال لأية أحكام قضائية باتة؛ تأكيدا لسيادة القانون واحترام أحكام القضاء. وطالبت اللجنة في بيانها بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، من خلال مشاورات مع كل الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية ومراعاة تمثيل كل مكونات المجتمع المصري في تشكيل الجمعية التأسيسية بغير استبعاد أو استئثار وأن تكمل الجمعية الجديدة ما أنجزته الجمعية بتشكيلها السابق، وعدم إهدار أية جهود تمت من مبادرات مجتمعية لإنجاز دستور جديد يليق بمصر وثورتها، إضافة إلى أن يحرص الدستور على إعلاء قيم الثورة المصرية من حرية ومساواة وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، وأن يراعي معايير حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.