بدأت اليوم المبادرة الوطنية للمشاركة في الدستور، والتي تضم أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية ونسويه وتنموية ونقابات وفعاليات اجتماعية وثقافية، تمثل رجال ونساء المجتمع، أطفاله وشيوخه، وأصحاب الإعاقة، عمال وفلاحين وصيادين، أطباء ومهندسين ومحاميين وصحافيين وإعلاميين وفنانيين ومبدعين، بعقد مؤتمر اليوم بنقابة الصحفيين لمناقشة وضعهم فى الدستور ولنقاش من أجل الوصول لأفضل الحلول الدستورية وتحقيق مطالب الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فى الدستور.
حيث ناقش المؤتمر ما يتضمنه الدستور من سلبيات وإيجابيات، وما غاب تماما عن مسودته المطروحة للنقاش، هو قيم ومبادئ حقوق الإنسان، تلك القيم والمبادئ فيما يُعرف الآن بمواثيق حقوق الإنسان، مؤكدين أن طريقة تشكيل الجمعية بهيمنة تيار استبدادي معادي للحريات ولحقوق المواطنين على تشكيلها، ويركز التيار السلفي على فرض رؤية رجعية للمجتمع ، فى حين يركز الإخوان المسلمون على الاستبداد السياسي والسيطرة على السلطة وعلى مؤسساتها .
وأشاروا أن مسودة الدستور المطروحة من الجمعية حتى الآن بها العديد من السلبيات، تعبّر عن فلسفة مخاصمة لحقوق الإنسان، ومعادية للحرية، ولحقوق المواطنين، وتجافي مفهوم الدولة المدنية الحديثة، كماتقيد حرية التظاهر السلمي، وحرية المعرفة وتداول المعلومات بقيود فضفاضة، وبالنص على الإحالة للقانون، وترك حريات المواطنين رهينة في أيدي الأغلبية التشريعية في البرلمان.
كما أصرت الجمعية على استبعاد مادة بمنع العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والتعبير؛ وهو ما يفصح عن عداء واضح لحرية الصحافة والإعلام، كما تحدثوا عن المرأة وتقيد حقها في المساواة بقيود مستمدة من ميراث فقه بشري إنتقائي، كما تجاهلت حقوق أطفالنا فى الحماية من الإساءة والعنف والاستغلال الاقتصادى والتمييز ضد الطفلة الأنثى خاصة فى قضايا الزواج المبكر والختان، ومنعت الطفل من ممارسة حقه فى التعبيير عن رأيه فى القضايا التى تخصهم، هذا فضلا عن الإتجاه الواضح لفرض وصاية الدولة على الحياة الخاصة للمواطنين؛ عبر النص على حماية الدولة ل "الوحدة الثقافية والحضارية" للمجتمع، وأن الدولة ستحرص على "الطابع الأصيل للأسرة المصرية وحماية تقاليدها وقيمها الخلقية".
وفيما يتعلق بصلاحيات الرئيس فأشارت المبادرة إلى زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية، واغتصاب لأدوار ووظائف الإدارة المحلية وحرمان الشعب من المشاركة في حكم محلي حقيقي وتحقيق مبدأ اللا مركزية.
أما فيما يخص السلطة القضائية، فأوضح وجود إعتداء على استقلالها وخاصة على المحكمة الدستورية، التي تشكل أهم ضمانة لعدم الجور على الحقوق الدستورية والتوازن بين السلطات إلى جانب أمتيازات خطيرة للمؤسسة العسكرية فى الدستور، كما جاء باب الهيئات المستقلة ليفتح الباب لهيمنة السلطة التنفيذية على مؤسسات الإعلام والصحافة بصياغات فضفاضة وغير محددة.
ومن الناحية الإيجابية لمسودة الدستور ، فأكدوا بعض الإيجابيات وأهمها وجود بعض الحقوق التي لم تكن مذكورة أصلا في الدستور السابق، مثل الحق في المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحي والكساء وحرية المعلومات وحق الإضراب عن العمل - رغم ما جاء في صياغاتها من عيوب وركاكة - وتطوير الصياغات الخاصة بالصحة والتعليم وحظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، محذرين من استمرار الإصرار على إغفال أمور مهمة، مثل النص على قابلية الحقوق والضمانات الدستورية للتوسع باضطراد، وعلى حقوق المشاركة المجتمعية والرقابة والمحاسبة الشعبية، وإغفال النص على آلية لمراقبة وإعمال الحقوق الدستورية، وكذلك إغفال الحقوق التفصيلية وبشكل واضح لفئات هي الأولى بالرعاية، كالأطفال والنساء والمعوقين والعمال والفلاحين والمصريين بالخارج وغيرهم.
وتوجه كل الأحزاب والجهات المشاركة فى المبادرة بدعوتهم للجمعية التأسيسية لتجميد أنشطتها حتى صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن تشكيلها، كما أكدوا على ضرورة الامتثال لأية أحكام قضائية تأكيدا لسيادة القانون واحترام أحكام القضاء، مطالبين بتحقيق ما يلى من إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، من خلال مشاورات مع كل الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية، مع مراعاة تمثيل كافة مكونات المجتمع المصري في تشكيل الجمعية التأسيسية بغير استبعاد أو استئثار، إلى جانب أن تكمل الجمعية الجديدة ما أنجزته الجمعية بتشكيلها السابق، وعدم إهدار أية جهود تمت من مبادرات مجتمعية لإنجاز دستور جديد يليق بمصر وثورتها.
كما طالبوا أن يحرص الدستور على إعلاء قيم الثورة المصرية العظيمة من حرية ومساواة وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، وأن يراعي معايير حقوق الإنسان ( مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية) كما جاءت في المواثيق والاتفاقيات الدولية .