تنص القواعد القانونية المتعاقبة حتى أحدثها وهو القانون رقم 1 لسنة 2000، على وجوب تطبيق الراجح من مذهب أبى حنيفة على منازعات الأحوال الشخصية التى لم يرد بشأنها نص خاص فى القانون.. والمقرر فى الفقه الحنفى أنه يجوز للمرأة البالغة أن تزوج نفسها وزواجها صحيح نافذ لا يعتريه بطلان ما، وإذا كان القانون رقم 25 لسنة 1929 ينص على عدم سماع دعوى الزوجية إذا كان سن الزوجة يقل عن 16 سنة وهو ما تدافع العلمانيون لرفعه إلى 18 سنة، فإن تلك القاعدة لا تؤثر على صحة عقد الزواج الذى تبرمه الصغيرة ونفاذ جميع آثاره الشرعية. وجل أثر قاعدة عدم سماع الدعوى هو تقييد رفع الدعوى دون التأثير على صحة عقد الزواج نفسه، بحيث تسمع جميع دعاوى الزوجية بعد بلوغ الصغيرة هذه السن بأثر رجعى إلى تاريخ إبرام العقد بوصفه عقدًا عرفيًا صحيحًا، ولا يمتد عدم سماع الدعوى إلى صحة الزواج نفسه وترتيب آثاره، ذلك أنه ليس للقانون أن يخالف الشريعة الإسلامية، وأن يضيف شرطًا لصحة الزواج لم ترد به الشريعة الإلهية، ولا يمتد عدم سماع الدعوى إجرائيًا فى غير نطاق الأحوال الشخصية إلى الدعوى الجنائية، فلا يجوز معاقبة الزوج مثلاً على جريمة هتك عرض فتاة قاصر طالما ثبتت الزوجية الشرعية بينهما، وينبغى التفرقة بين أهلية التصرفات المالية عند بلوغ سن الرشد وبين أهلية الصغير أو الصغيرة المميزين لاعتناق الدين الإسلامى، فأهلية سن الرشد المقررة بالقانون المدنى مقصورة على التصرفات المالية وحدها، أما اعتناق الدين الإسلامى فهو ليس تصرفًا ماليًا ولا يخضع لأحكام القانون المدنى، وإنما هو القاعدة الأساسية فى الأحوال الشخصية للمسلمين، ولا تخضع أهلية اعتقاد الدين الإسلامى لغير الشريعة الإسلامية وحدها، والمقرر فى الشريعة الإسلامية أن للصغير المميز غير البالغ أن يعتنق الدين الإسلامى قبل بلوغه غير أنه يسمح له بالعدول عن الإسلام بعد البلوغ الطبيعى على أن تنتقل يد الولاية عليه بأمر الحاكم إلى مسلم أمين لحفظه؛ خشية أن يفتن فى دينه وتنقضى بإسلامه يد الولاية عليه من الولى غير المسلم، وليس أدل على الاعتداد بإسلام الصغير المميز قبل البلوغ الطبيعى من إسلام على بن أبى طالب رضى الله عنه، أما إذا بلغ الصغير بلوغًا طبيعيًا فإن المجمع عليه فى الفقه الإسلامى ثبوت إسلامه بنطقه الشهادتين دون حاجة إلى أى إجراء آخر.. تلك أحكام الشريعة الإسلامية واجبة التطبيق وفقًا للمادة الثالثة من القانون رقم 1لسنة 2000، ولا تعدو إجراءات إشهار الإسلام أن تكون إجراءات إدارية لمجرد تيسيير إثبات اعتناق الإسلام بعد تحققه أمام الجهات الإدارية وليست شرطًا لاعتناق الإسلام.. لا يوجد نص فى القانون يمنح الأب غير المسلم السلطة فى استرداد ابنه الصغير أو ابنته الصغيرة لفقدانه يد الولاية قانونًا عليه بمجرد إسلامه وفقًا لما سلف.. فإذا فقد الأب غير المسلم يد الولاية على الصغير المسلم وكان للبالغ بلوغًا طبيعيًا أن يعتنق الإسلام دون معقب عليه من أى شخص ولو كان وليه السابق غير مسلم فإن له ببلوغه الحرية الكاملة فى الانتقال والإقامة حيث يشاء، ويشكل محاولة أى شخص الاعتداء على حريته واحتجازه فى مكان لا ترتضى إرادته الحرة الإقامة فيه جبرًا عن هذه الإرادة وإكراهًا له، فإن التجاسر على هذا الإكراه جريمة فى القانون المصرى يعاقب عليها قانون العقوبات بعدة أوصاف قانونية للواقعة أبرزها، أولاً: جناية الخطف طالما أجبر الشخص المخطوف على الانتقال إلى مكان لا يرغب الإقامة فيه وتقييد حريته فى التنقل التى كفلها الدستور له، واحتجاز الجانى له فى هذا المكان كرهًا عنه.. ثانيًا: جريمة القبض على شخص وحبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين، وفى غير الأحوال التى تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبهة.. فإذا اقترف الأفراد أو أحد رجال الشرطة إحدى هاتين الواقعتين ودون أى سند صحيح من القانون وجب إسباغ أحد الوصفين القانونيين السابقين على الواقعة.. وينحصر الواجب الفريد للنيابة العامة فى أن تطلب من القاضى المختص تعيين وصى على الصغير المسلم حتى يبلغ الحادية والعشرين من عمره لإدارة ما عسى أن يكون له من أموال وليكون نائبًا عنه نيابة قضائية فى مباشرة حقوقه المالية. *رئيس محكمة استئناف القاهرة