مدونة سلوك لتعزيز بيئة عمل آمنة.. الصحفيين تخطو نحو دعم المساواة ومناهضة العنف    شركة مياه الشرب بالقاهرة : المياه آمنة وصالحة للشرب ومطابقة للمواصفات    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 25-9-2024 في منافذ التموين ومحال الجزارة    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    مقر العمليات الشيطانية.. حزب الله يقصف قاعدة الموساد المسؤولة عن انفجارات بيجرز    عاجل.. رد فعل حكم السوبر الأفريقي بعد طلب الزمالك استبعاده.. كيف يدير المباراة؟    مفاجآت ل6 أبراج خلال أيام.. خبيرة فلكية: حظوظ مالية وانتهاء علاقات هشة    موعد عرض مسلسل تيتا زوزو الحلقة 4 على قناة dmc.. اعتزاز تواجه ألاعيب البحراوي    للمقبلين على الزواج.. تعرف على سعر الذهب الأربعاء    عاجل - نتيجة صواريخ لبنان: تفعيل الإنذار في تل أبيب ووسط إسرائيل    سعر السمك البلطي والمرجان والسبيط اليوم بالأسواق الأربعاء 25 سبتمبر 2024    أبطال فيلم عنب يحتفلون بالعرض الخاص قبل عرضه اليوم بالسينمات (صور)    لا يمكن أن يمر دون رد.. ماذا قال الرئيس الإيراني عن إرهاب إسرائيل في لبنان؟    أمير قطر: منح العضوية الكاملة لفلسطين لا يؤسس سيادتها ولا ينهي الاحتلال    متحدث الوزراء يُعدد مزايا الاستثمار في صناديق الذهب    خلال تبادل إطلاق نار.. مصرع متهم هارب من أحكام قصائية في قنا    العثور على رفات جثة شاب داخل بيارة صرف صحي بالأقصر    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء 25-9-2024    بأسلوب كسر الباب.. سقوط لصوص المنازل بحلوان    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    مصرع شخص وإصابة سائق في حادث انقلاب سيارة بسوهاج    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 25-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 25 سبتمبر 2024    طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسة غارات فوق سماء بيروت    تعرف على ندوات الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    نجم الزمالك السابق: «قلقان من أفشة.. ومحمد هاني لما بيسيب مركزه بيغرق»    أنقرة: الصراع الأوكراني يهدد بمواجهة عالمية طويلة الأمد    مواعيد مباريات الدوري الأوروبي اليوم الأربعاء 25-9-2024 والقنوات الناقلة    برنامج تدريبي لأعضاء هيئة التدريس عن التنمية المستدامة بجامعة سوهاج    برامج جديدة للدراسة بكلية التجارة بجامعة المنوفية    وفري في الميزانية، واتعلمي طريقة عمل مربى التين في البيت    بريطانيا تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان "فورا"    أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    جولة مرور لوكيل «صحة المنوفية» لمتابعة الخدمات الصحية بالباجور    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    البحرين وكينيا تبحثان تطوير أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات    محافظ أسوان يطمئن المصريين: ننتظر خروج كل المصابين نهاية الأسبوع.. والحالات في تناقص    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في الدوري الإسباني وكأس كاراباو بإنجلترا    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    "صورة مع التورتة".. محمود البزاوي يحتفل بعيد ميلاده    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمانة والأسرة
نشر في المصريون يوم 27 - 10 - 2012

فى مسيرتنا الحالية قد لا نُخطئ أن الأمانة محدد أساسى للعمل العام والخاص.. وفى هذا السياق نجد أن خيانة الأمانة التى يتحدث عنها قانون العقوبات تتحدث فقط عن شق مادى ينحصر فى وقائع مادية بالكامل، رغم أن الأمر أبعد من هذا وأعمق. الخيانة لا تقف عند حد الشق المادى المالى أو حد الشق المادى الجسدى، بل تتعداه إلى الجانب المعنوى وهو أخطر وأعم تأثيرًا. وللأسف الخيانة التى نعرفها لا تتعامل مع الفكر بل مع المال والجسد فى خطوة قصيرة، فى حين أن الخيانة بمفهومها الشامل أسوأ لأنها تعم العديد من أركان المجتمع.. وحتى تتضح المقولة فلنأخذ الأسرة كمثال.. الخيانة الأسرية تتعلق عند العامة بالجسد أو بمقدمات لهذا الأمر؛ لأننا لم نُنَظِّر دور الأسرة وأركانها ومسئوليات وواجبات وحقوق أفرادها.. والعجيب فى الأمر أن أى محاولة لتنظير الموضوع تقابل بالرفض من عدة أطراف رغم أن القضية مطروحة فى مختلف المحافل وعلى مختلف الأصعدة ومنها منظمات الأمم المتحدة.. ورغم أن التصدى لتمييع دور الأسرة حفاظًا على النمط الطبيعى لها يستغرق جل الجهد إلا أنه يتبقى لتوصيف الأدوار والعلاقات داخل الأسرة وخارجها بعض الجهد وإن قل.. فى تصدينا لتقنين دور أفراد الأسرة فى الغرب سنجد خللاً على صعيد العلاقة بين الأبناء والوالدين، حيث يتوجب على الآباء رعاية أبنائهم فى المراحل الأولى من حياتهم قانونًا بمحددات يقيمها القانون مثل عدم العنف وغيره، وفى المقابل لا يلزم القانون الأبناء حين يشبوا بأى واجبات.. ولكن المجتمع الغربى الذى تفسخ فيه دور الأسرة بعد الحرب العالمية الثانية بدرجة ملموسة يجد فى الفردية الطاغية على حياة مختلف أفراده نمطًا عاديًا رغم الخلل الحادث فى أدوار أفراد الأسرة أخذًا وعطاءً.. ورغم أن الأمر يجبر العديد من الأفراد والمنظمات على النظر فى أدوار أفراد الأسرة وفى وضع الأسرة ككل إلا أن صوت هذه المنظمات مازال خافتًا وإن كان يتصاعد بدرجة ملموسة.. قد نتعجب توجهات البعض فى الغرب تجاه عمل المرأة ودورها فى تنشئة الأبناء لأن هذه الدعوات عندنا يتم التصدى لها بصورة حادة.. ورغم الفردية الحادة التى يقوم عليها المجتمع الغربى والتى تعطى أحيانًا للمجتمع دفعه المادى، إلا أن ما أنتجه المجتمع من قيم بات مقلقًا عند بعض مفكرى الغرب.
وفى مقابل ما ترصده دراسات الغرب عن دور الأسرة نجد أن تناولنا للموضوع مبتور ولا يسير على نهج تكاملى؛ نتيجة تجاذب مختلف الأطراف لثوب القضية دون توحد فى الرؤى أو محاولة للاقتراب المنطقى منها بناءً على منطلقات فكرية لا تسمح للرؤية المنطقية أن تشق طريقها.. فى هذا السياق فإن قضية عمل المرأة عندنا مثلاً يتم إلباسها عدة عباءات طبقًا لمنطلقات من يتعامل معها بصرف النظر عن واقعها الفعلى، بل ويتم إلباسها أحيانًا منطلقات غربية غريبة عن فكر المجتمع المصرى.. لقد مارست المرأة وباستمرار دورًا مهمًا فى سياق تنمية المجتمعات الشرقية بل والغربية، كما شاركت فى مختلف المهام حينما تطلبت الحاجة ذلك انطلاقًا من رؤية شاملة لمسار المجتمع، فكانت بجانب الرجل فى مختلف الأعمال ومنها الحروب، بأدوار تتناسب مع طبيعتها وتتكامل مع دور الرجل، ولا تتطاحن معه.. كما خرجت للأعمال الشاقة حينما فقدت أوروبا فى حربين عالميتين الملايين من رجالها العاملين.. ومع بزوغ حركات تحرر المرأة فى الغرب نتيجة تدنى أجرها عن أجر الرجل الذى يحمل نفس مؤهلاتها (وحتى الآن) وفقدها اسم عائلتها لصالح اسم عائلة زوجها وعدم الاعتداد بذمة مالية منفصلة للمرأة ووقوف التشريعات ضد حقها فى الانتخاب حتى عهد قريب، فسويسرا على سبيل المثال لم تمنحها حق الانتخاب إلا عام 1971م، فى حين أن تلك الأمور مقررة فى تشريعاتنا منذ عهود.. ورغم ذلك سارت حركات تحرر المرأة فى مجتمعاتنا فى إطار الجوانب الشكلية ومنها اللباس وغيره من الأمور التى لا تمس أساس قضية وضع المرأة فى المجتمع ودورها فى التنمية، فباتت المعالجة مبتورة تنزع إلى جانب وتنزع من الرداء جانبًا آخر.. لا يمكننا ادعاء الصدق إذا نحن أغفلنا وضع المرأة الحالى فى المجتمع من عدة نواحى أهمها الجهل بواجب وبحق الإنسان ذكرًا كان أم أنثى فى مختلف معاملاته والركون إلى السلبية والنزوع إلى الفردية مما شكل عائقًا أمام تنمية مجتمعنا العربى.. كما لم تتفهم المرأة المصرية دورها ولم تقتدى بالصالح من ممارسات بعض النساء الغربيات اللاتى ترتدين عدة قبعات فى أطوار حياتهن المختلفة حين تهتمن بتنشئة أبنائهن وحين تَعُدن لعملهن واللائى تتكاملن بأعمالهن فى نمط عمل عائلى فى مناطق متعددة من المجتمعات الغربية ومنها أمريكا.. القضية لم تعد قاصرة على مجتمعنا فالمجتمعات الغربية تعانى أيضًا من مشكلات أسرية حادة، ولكننا نأبى إلا أن نتمثل قشرة مشكلاتها ونتغافل عن جوهر مشكلاتنا التى تنشأ نتيجة عدم تنميط أساسيات العلاقة داخل وخارج الأسرة.. ورغم وجود أنماط للتكامل الأسرى سادت مجتمعاتنا فى فترات زمنية سابقة خاصة فى الريف إلا أن ما حدث من محاولة التقليد الأعمى لكل ما هو غربى أفضى إلى تفكك أغلب تلك الأنماط لصالح السلبية المطلقة.. لم تعد الأسرة المصرية فى المجمل الأعم محل اهتمام أفرادها، وغاب عن الأسرة دور القيادة لصالح فردية أفرادها، وانحصر دور الأب على جلب المال فى خضم الحياة المادية المتسارعة، ودور الأم على عملها فى الخارج لتحقيق ذاتها بعيدًا عن الأسرة، أو شغل وقتها فى أعمال لا تضيف للأسرة أى إضافة، وبالتالى بات على الأبناء البحث عن حضن آخر غير حضن الأم الواعى الذى ترك عقله لهواه وسلبيته!، وحال المحاسبة نجد الاتهامات تساق للجميع من الجميع فلا الأب قام بواجبه كاملاً ولا الأم ولا الأبناء!، والنتيجة فتيان وفتيات لا يمكنهم تحمل المسئولية وكل همهم الحقوق لا الواجبات.. لقد غاب عن الأسرة قيم الأسرة وغاب عنها الهدف. حين كانت أسرة الفلاح المصرى وحدة إنتاجية واحدة كانت إضافة للمجتمع، ولكن الأسرة الآن بلا هوية وبلا هدف وبلا توجه.. أسارت أسرنا المصرية معصوبة الأعين على نهج المجتمع الذى حطم توجهات جزئياته، أم أن السلبية والهدم أيسر، أم هى خيانة الأمانة؟، وهل شكل غياب الهدف القومى أحد أسباب المشكلة؟.
أ.د. محمد يونس الحملاوى
أستاذ هندسة الحاسبات، كلية الهندسة، جامعة الأزهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.