في التسعينيات وفي إحدى أيام شهر رمضان المبارك ، كان لي لقاء مع العالم الجيولوحي الكبير د. رشدي سعيد ، في منزله بضاحية المعادي ، لإجراء حوار معه بشأن مشروع توشكى . و رغم أن الرجل كان عائدا لتوه من الولاياتالمتحدةالأمريكية و كان فيما يبدو منهكا من السفر ، و مصابا بوعكة برد شديدة ، حاولت بعد علمي بهما تأجيل اللقاء إلى أن ينال قسطا من الراحة ، إلا أنه أصر أن يتم اللقاء و يجرى الحوار . شعرت و أنا أتجاذب معه أطراف الحديث أنني أمام شخصية وطنية كبيرة محبة لمصر ودودة ومنصفة و متسامحة ، و ظللت إلى ما بعد تفريغ الشريط و تسليمه للصحيفة التي أعمل بها و بعد نشره ، و اتصاله بي بعدها معربا عن سعادته بالطريقة التي عرض فيها الحوار .. ظللت إلى ذلك الحين لا أعرف أنه من "أقباط المهجر" .. إلى أن نبهني زميل بذلك .. و اكتشفت بعد معرفتي به أن الرجل كان بحق "حدوتة مصرية" . لقائي به غير عندي الكثير من الانطباعات التي كنت كثيرا ما احتكم إليها كلما ذكر أمامي مصطلح "أقباط المهجر" .. و بت أكثر انصافا في الحكم عليهم مسترشدا بقوله تعالى "ليسوا سواء" . بالتأكيد فإن من بين أقباط المهجر المئات الذين هم في نبل و مروءة ووطنية د. رشدي سعيد غير أنهم فيما يبدو فضلوا الإيواء إلى الظل خشية من أن ينالهم نصيب من الإساءة التي خلفتها "حماقات " بعض أقباط المهجر من قليلي الذكاء و الكفاءة و من ليس لهم قيمة و لا وزن فلجأوا إلى الشوشرة و المشاغبة و الاستقواء بالأجنبي عسى أن يجد عنده ما يشبع فيه إحساسه بالنقص و الدونية . لماذا لا نرى على المنصات التي تتاجر بأقباط مصر مثلا إلا السفهاء و الأكثر تفاهة و غوغائية ؟!. لماذا يغيب العظماء أمثال د. رشدي سعيد ، و هم كما قلت كثيرون يشرفون بلدهم و شعبهم مسلمين و أقباطا ؟ أقباط المهجر ليسوا سواء ، و أعلم أن الانقياء منهم ساءهم ما يسمعونه من "المرتزقة" ممن يعيشون بين ظهرانيهم في الولاياتالمتحدة و يتحدثون بإسمهم . أعلم أن الأكثرية النقية منهم ، تركوا الساحة للمهرجين ، خشية أن تنقض طهارة أيديهم النقية عند من يسيئون الظن في الجميع "الدولارات النجسة" التي انتفخت بها جيوب و كروش عملاء "فريدوم هاوس" و غيرها من منظمات اليمين الصهيويني المسيحي . لماذ لا يوجد بين دعاة الفتنة و أئمتها من أقباط المهجر واحد "عليه القيمة" أو له تراثه الفكرى أو العلمي أو الفني الذي يحمل المصريين مسلمين و أقباطا حملا على أن يتباهون به و يتمسحون فيه و يشيرون إليه: " الجدع ده من بلدي" ؟! لا يوجد فيهم واحد فالح أفاد بلده أو وطنه أو حتى البلد أمريكا التي يتخذها قاعدة له لإطلاق دعاياته الكاذبة المسمومة ضد بني وطنه ، رغم أنه بلد مفتوح علميا و فكريا و امكانياته كبيرة ، تجعل الحمار يفهم ، و يعمل من الحمير بني آدمين؟! ثم لماذا لم نر منهم واحدا وزيرا أو سفيرا أو ضابط شرطة أو وكيل نيابة أو قائدا للأسطول السادس أو محافظا أو رئيسا لجامعة في العهود الأمريكية السابقة و اللاحقة أم أنه في أمريكا أضطهاد للنصارى و خط هاميوني و خطوط حمراء و خضراء و صفراء على التحاقهم بالمؤسسات الأمريكية مثل الحكومة المصرية الطائفية المتوحشة رغم أنهم جميعا مواطنون أمريكيون يحملون الجنسية الأمريكية ؟! أفيدونا أفادكم الله .. [email protected]