لطالما كان السؤال حول إمكانية انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) من خلال ممارسة العلاقة الحميمة، وعلى الرغم من أن الخبراء استبعدوا ذلك في السابق، إلا أن دراسة حديثة رجحت هذه الفرضية بعد العثور على الفيروس في السائل المنوي لأشخاص تعافوا منه. وقام باحثون في الصين بتحليل عينات السائل المنوي من 38 رجلاً ثبتت إصابتهم ب (كوفيد – 19)، تعافى البعض منهم، وتبين أن واحدًا من كل ستة كان لديه آثار للفيروس في السائل المنوي، ومن بينهم متعافون من المرض. لكن كبار خبراء الأمراض المعدية قالوا إن النتائج "لم تكن مفاجئة" لأن فيروسات مثل "زيكا"و"إيبولا" موجودة في عينات السائل المنوي. وفي حين لم تثبت الدراسة أن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق العلاقة الحميمة، أشارت إلى أن هذا الأمر ممكن. وقا فريق الدراسة، إن الامتناع عنه ممارسة الجنس أثناء الإصابة، وأثناء مرحلة الشفاء، سيكون قرارًا حكيمًا على الأرجح. وأجريت الدراسة في مستشفى "Shangqiu Municipal "، التي تعد المركز الطبي الوحيد المخصص لعلاج (كوفيد – 19) في "شانجيكو" في مقاطعة "هينان"، حيث أخذت عينات من السائل المنوي من رجال تزيد أعمارهم عن 15 سنة، الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس بين 26 يناير و 16 فبراير. ومن بين الرجال ال 38، كان هناك 15 (39.5 في المائة) في المرحلة الحادة من العدوى، بينما تعافى الباقون. وأظهرت نتائج اختبار السائل المنوي، أن ستة مرضى (15.8 في المائة) كانت لديهم نتائج إيجابية ل (كوفيد – 19). ووفقًا للدراسة التي نشرت في دورية "جاما" الطبية، فإن ربع الذين كانوا لا يزالون يحملون العدوى ظهر الفيروس لديهم في السائل المنوي. وما كان "جديرًا بالملاحظة" بشكل خاص للباحثين، أن 8.7 في المائة ممن تعافوا ظهرت آثار الفيروس لديهم في السائل المنوي. وتراوحت أعمار الرجال الذين أخذت منهم العينة بين العشرينات والخمسينيات، ثلاثة منهم يعانون من أمراض أخرى، وبدأت الأعراض في الظهور خلال فترة ما بين ستة إلى 16 يومًا قبل تحليل السائل المنوي. ورجح مؤلفو الدراسة، بقيادة الدكتور ديانجنج لي، من المستشفى العام لجيش التحرير الشعبي الصيني ببكين، أن الفيروس قد ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي في يوم من الأيام. وكتبوا: "إذا كان من الممكن إثبات أن السارس - CoV - 2 يمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي في الدراسات المستقبلية، فقد يكون الانتقال الجنسي جزءًا مهمًا في منع انتقال العدوى، بالنظر إلى حقيقة أنه تم اكتشاف السارس - CoV-2 في السائل المنوي للمرضى". وأشاروا إلى أنه "حتى إذا لم يتمكن الفيروس من التكاثر في الجهاز التناسلي الذكري، فقد يستمر. يمكن اعتبار الامتناع عن ممارسة الجنس أو استخدام الواقي الذكري وسيلة وقائية لهؤلاء المرضى". وأوضحت الدراسة أن "تجنب ملامسة لعاب المريض ودمه قد لا يكون كافيًا، لأن بقاء السارس- CoV-2 في السائل المنوي للمريض المتعافى يحافظ على احتمال إصابة الآخرين". وقال البروفيسور ريتشارد شارب من مركز MRC للصحة الإنجابية بجامعة إدنبرة: "إن هذه النتيجة تثير احتمال أن يكون (كوفيد 19) قابلاً للانتقال أيضًا عن طريق السائل المنوي (وبالتالي عن طريق الاتصال الجنسي)، بما في ذلك خلال مرحلة الشفاء، التي سيكون لها آثار على إدارة المرض". لكنه أضاف أن الدراسة تترك "العديد من الأسئلة المهمة دون إجابة"، بما فيها كم من الوقت بعد الإصابة يمكن العثور على الفيروس في السائل المنوي. وقال الرئيس السابق لجمعية الخصوبة البريطانية آلان بيسي، أستاذ علم الذكورة في جامعة شيفيلد: "هذا يفتح إمكانية أن يكون أحد طرق العدوى عن طريق الاتصال الجنسي، على الرغم من عدم تأكيد ذلك في الورقة". وأضاف: "لا ينبغي أن نفاجأ إذا تم العثور على الفيروس الذي يسبب (كوفيد – 19) في السائل المنوي لبعض الرجال، بعد ظهوره في العديد من الفيروسات الأخرى مثل إيبولا وزيكا". ويمكن أن ينتشر فيروس زيكا من خلال الجنس، ويمكن أن يبقى في السائل المنوي لفترة أطول من سوائل الجسم الأخرى. وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية، لكن انتقال الإيبولا عن طريق الجنس أقل وضوحًا، وإن كان "ممكنًا بقوة". وأشار البروفيسور بيسي إلى دراسة نشرت قبل أسبوعين، تتناقض مع الدراسة الأخيرة. وقال إن النتائج المتضاربة تضيف فقط إلى الدافع للعثور على إجابات. إذ لم تجد دراسة أجرتها كلية تونغجي الطبية في الصين أي دليل على الفيروس في السائل المنوي لدى 34 رجلاً. ومع ذلك، نظرت الدراسة فقط في الرجال الذين تعافوا وتم تشخيصهم بحالات خفيفة إلى معتدلة قبل شهر. وأشارت الدراسة التي نشرت في دورية الخصوبة والعقم إلى أنه لم يكن أي من المتبرعين بالمني مصابًا بمرض (كوفيد -19). وخلص الباحثون إلى أنهم لا يستطيعون استبعاد احتمال أن يكون الفيروس في السائل المنوي خلال فترة انتقال العدوى. وقال طبيب المسالك البولية، الدكتور جيمس هوتالينج، مؤلف مشارك في الدراسة، في جامعة يوتا هيلث: "إذا كان مرض مثل (كوفيد 19) قابلًا للانتقال جنسيًا، فإن ذلك سيكون له آثار كبيرة على الوقاية من المرض". وحذر الدكتور هوتالينج أيضًا من أنه قد تكون له "عواقب وخيمة على الصحة الإنجابية طويلة المدى للرجل".
