فى هذا المقال أقدم محاولة للإجابة على سؤال: ما هى الكيفية التى يجب أن يؤسس عليها الرئيس الدكتور محمد مرسى حكمه الرشيد لمصر؟ بما يضمن بناء وتمكين شرعية حقيقية لحكم الرئيس الدكتور محمد مرسى، تضمن استقرار شئون الحكم فى البلاد، وتوفر بيئة محفزة للاستثمار والعمل والتنمية والنهوض، وتقدم نموذجا جديدا وفريدا للحكم لا يستمد شرعيته فقط من اختيار الشعب له، بل تمتد إلى ما هو متمم لذلك، من جدية وجودة العمل والإنجاز المكلف به من قبل الشعب الذى اختاره لتحمل المسئولية. بالتأكيد بناء وتعميق وتمكين أسس الحكم الرشيد الذى نتمناه ونتوقعه مع رئيسنا المنتخب يعبر أول ما يعبر عن عراقة وتاريخ مصر أم الدنيا التى تبادر دائما وتقدم الجديد وتقدم المفاهيم والمعايير والنماذج العليا التى تتعلم منها كل الدنيا، وتسطر بها صفحات جديدة مشرقة من صفحات التاريخ الإنسانى. كما تعبر عن أصالة وشمول وعدالة وجودة المنبع الإسلامى الحضارى الذى يرتكز إليه الرئيس مرسى فى فلسفته للحكم وإدارة شئون البلاد، وكذلك المدرسة الوطنية الشامخة، مدرسة الإخوان المسلمين التى تربى ونشأ فيها الرئيس مرسى، والتى تؤكدها سطور وصفحات التاريخ الوطنى المصرى والعربى والعالمى يوما بعد يوم. وتؤكد أيضا صحة اختيار الشعب المصرى العظيم فى اختياره للإخوان لتحمل المسئولية والأمانة فى هذا الوقت العصيب من تاريخ مصر، وفى كل يوم تطفئ فيه مياه الإنجازات لهيب الحقد والهجوم غير المبرر على الإخوان المسلمين. حتى يتفرغ الجميع للعمل الجاد فى مشروع نهضة مصر بدلا من إهدار الوقت والفكر والجهد فى سجالات وجدالات لا طائل ولا فائدة منها. ونحن فى مفتتح عصر جديد من الحريات الإنسانية والديمقراطيات الحقيقية التى تحفظ للإنسان حريته وكرامته وتعمل على توفير سبل حماية وتعزيز أمنه واستقراره ورفاهيته، وجب علينا أن نرسم ملامح وأسس تمكين الحكم الرشيد، وبطريقة سهلة ميسرة يفهمها عامة شعبنا الحبيب كما يفهمها القادة والنخب وصانعو القرار. فنسد بذلك فجوات الفهم والرؤى والتطلعات والعمل والإنجاز المطلوب، فيما بين الشعب وحكومته، حتى تحتشد وتصطف وتجتمع القلوب والأيادى على العمل لمشروع نهضة مصر بالقوة والفاعلية المطلوبة، وتسد الفرج التى يمكن أن تستخدم لشق الصف الوطنى أو تحبيطه وإضعافه. بإيجاز، نسطر بنود عقد اجتماعى بين الحكومة والشعب، مفرداته تجيب على أسئلة فى ماذا نفكر؟ وماذا نريد من رئيسنا وحكومته؟ وكيف سنتعاون فى تحقيقه؟ حتى نلتف حوله ونتعاون معه بل ونضحى بكل ما نملك حتى نحقق معه ما نريده، ونحن بذلك متعاونون لتمكين وحماية مشروعية بقاء واستمرار الرئيس مرسى حتى يحقق لنا ما نريده. هى إذاً الأسس العامة التى يجب أن يؤسس عليها الحكم الرشيد للرئيس الدكتور محمد مرسى، والتى تبدأ بالأسس الداخلية، التى تبنى وتستكمل عليها وربما تتوازى معها بقية الأسس الخارجية. الأسس الداخلية لتمكين الحكم الرشيد للرئيس مرسى امتلاك رؤية طموحة لمصر الحديثة فى كل مجالات الحياة العلمية والتكنولوجية والإنتاجية والاقتصادية والسياسية والفنية والرياضية ... إلخ، وتسمية وإعلان ذلك وتعريف الجماهير بملامح هذه الرؤيا وهذا الحلم والتبشير بأنهم سيرونه قريبا شرط مشاركتهم الفاعلة فى تحقيقه. تقديم تصور محدد وواضح ومبسط لنظام الدولة كونه نظاما مدنيا حرا مستقلا يستمد شرعيته من اختيار ومراقبة وتقويم الشعب وتماهيه وخدمته لمصالح ومطالب شعبه. التطبيق العملى لقيم ومبادئ الحكم الرشيد، وفى مقدمتها الشفافية والمحاسبة وسيادة القانون وحماية وتمكين وتحصين الحريات العامة ثقافيا وقانونيا ومؤسسيا، وبيان ذلك عمليا وإعلانه للجماهير وتعريفها بحقيقة ما يحدث. توسيع قاعدة المشاركة فى صناعة القرار وتحمل المسئولية لكل شرائح المجتمع من كل التيارات الفكرية والسياسية، ومن كل الشرائح المجتمعية. التخلص السريع من بقايا رموز النظام السابق ومحاسبتهم. محاسبة مجرمى النظام ورد المظالم وحقوق الشهداء. تضييق الهوية بين النظام والشعب باستمرار التواصل مع الشعب وتعزيز وتنمية وتمكين الشرعية الشعبية التى ميزت الثورة بالاستماع إلى صوت الشعب والاستجابة له والتفاعل مع مشاكل ومطالب الأغلبية. التنظيم الدستورى المحدد والمنظم والضابط المرشد لسلطات وصلاحيات مؤسسات الدولة والحكم. رعاية مصالح الشعب والتعامل الحقيقى مع المشاكل المستعصية وتوفير وتطوير الخدمات الأساسية المقدمة للشعب من سكن وطعام وكساء وعلاج وتعليم ومواصلات. تمكين الهوية الإسلامية الوطنية فى هوية الدولة بشكل تطبيقى عملى من أعلى لأسفل فى شكل نموذج وقدوة يحتذى الشعب بها، بالتزام الرئيس والحكومة ومؤسسات الدولة بقيم الشفافية والعدالة والحرية والمواطنة والمحاسبة والمحافظة على المال العام وتقديم المصلحة العامة للمجتمع والمحافظة على الشعائر الدينية وبيان أهميتها وأثرها فى تقويم وتطوير سلوك الموطنين ... إلخ. التحول الحقيقى إلى دولة المؤسسات، وتقوية مؤسسات الدولة واحترام تخصصها وسيادتها على كل مسئولى وأفراد المجتمع فى ظل سيادة كاملة للقانون. إنتاج وتسويق مشروع نهضة مصر على أنه مشروع الثورة، مشروع الحركة الشعبية لشعب مصر وليس مشروع تنظيم أو حزب والوصول إلى شبه إجماع وطنى، حيث الجميع مشاركون ومستمرون فى العمل فيه سواء كانوا داخل السلطة أو خارجها. تأسيس بنية تعليمية وتكنولوجية وإنتاجية حديثة قادرة على نقل مصر إلى طريق التنمية والنهضة الحقيقية. قوة مؤسسات الدولة الرقابية والقانونية والأمنية فى التعامل مع الفاسدين والمعوقين لمشروع نهضة مصر. الأسس الخارجية لتمكين الحكم الرشيد للرئيس مرسى الانفتاح والتكامل العربى مع كل الدول العربية وبناء شراكات حقيقية مع الدول العربية لخدمة مصالح ومستقبل الوطن العربى كله. استعادة الدورالإقليمى الطبيعى لمصر فى إدارة قرارات ومصير المنطقة خاصة قضاياه الساخنة والمشتعلة. الانفتاح والتواصل والتعاون والتكامل العالمى المتكافئ مع كل قوى ودول العالم بما يضمن المصالح المشتركة لكلا الطرفين.