أعادت قضية مقتل الطفل محمود البنا أو المعروفة إعلاميًا ب«شهيد الشهامة»، التي هزت الشارع المصري وأثارت غضب الرأي بشكل واسع خلال الأيام الماضية، الجدل مرة أخرى حول قانون الطفل وضرورة إجراء تعديلات عليه، لا سيما أنه يمنع توقيع عقوبة الإعدام على القتلة الذين لم تتجاوز أعمارهم ال18 عامًا حتى مع ثبوت الجريمة بالأدلة. وعقب الواقعة، كشف النائب حاتم عبد الحميد، أنه سيتقدم بمشروع قانون لمجلس النواب للنزول بسن الطفل إلى 15 عامًا بدلًا من 18 عامًا، بحيث يكون تشريعًا عالميًا. وأكد «عبد الحميد» أنه سيتقدم بمشروع القانون للنزول بسن الطفل، نظرًا لأن التكوين البدني والنفسي والجينات الوراثية للطفل اختلفت عن 18 عامًا، أي أنه تكوينه البدني أصبح أكبر من السن نفسه. عضو مجلس النواب، أشار إلى أن البرلمان يطالب بنزول سن الطفل إلى 15 عامًا للحد من الجرائم التي ترتكب في سن 18 عامًا ويعتبر على أثرها مرتكبها طفل ويدخل المحاكمة على أساس قانون الأحداث ولا يتم حبسه. وشدد عبدالحميد على أن قضية مقتل الطفل البنا على يد راجح صاحب ال18 عامًا، تؤكد ضرورة تعديل القانون والنزول بسن الطفل إلى 15 عامًا. وتعود تفاصيل الواقعة إلى 9 أكتوبر الجاري، بمدينة تلا التابعة لمحافظة المنوفية، حينما أبدى محمود البنا طالب الثانوي البالغ من العمر 17 عامًا، استياءه من قيام محمد راجح بالتحرش والتعدي على أحد فتيات المنطقة مطالبًا إياه باعتبارها مثل أخته، غير أن ذلك لم يعجب الأخير، خاصة بعد نشر الأول تدوينة عبر إنستجرام يستنكر التعرض للفتيات. بعد ذلك فوجئ «البنا» باتصال هاتفي من «راجح» يخبره بأنه يقف عند بيته وإن «كان رجل فعليه النزول له»، لكن الضحية لم يستجب لاستفزازه، حسبما روت الأم في لقاء تلفزيوني لها. وفي اليوم التالي؛ فوجئ «البنا» أثناء توجه لأحد دروسه باستيقاف «راجح» له ومعه 3 آخرين، حيث تربص القاتل للمجني عليه، وقام بطعن «محمود» عدة طعنات نافذة بالبطن والوجه والفخذ، تم على إثرها إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. الدكتورة سوزي ناشد، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، قالت إنها من المؤيدين والمطالبين بتعديل قانون الطفل، غير أنها أكدت صعوبة تنفيذ ذلك نظرًا لتوقيع مصر والتزامها بالاتفاقيات الدولية المعنية بالطفل. وأضافت ل«المصريون»، أن الاتفاقيات الدولية المعنية بالطفل حددت سنه حتى 18 عام، ومن ثم لا يمكن لمصر أن تجعله حتى 15 عامًا فقط كما يطالب أو يقترح البعض، مبدية في الوقت ذاته تضامنها مع مثل هذه المطالب. وبينما أكدت على استحالة النزول بالسن ل15 عامًا، أشارت إلى إمكانية تغليظ العقوبات على الطفل الجاني الذي يثبت بالأدلة ارتكابه الجريمة مع سبق الإصرار والترصد، متابعًة: «البعض يعتمد على ذلك كتكأه ومن ثم لا توقع العقوبات الملاءمة للفعل الذي ارتكبه الطفل». عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، أوضحت: «هناك فرق بين الطفل الذي تقصده الاتفاقيات الدولية وبين مثل هذه الأطفال التي تعد العدة وتجهز لارتكاب الجريمة، وما تقصده الاتفاقيات يتسم بالبراءة بينما أمثال هؤلاء ليسوا كذلك». ولفتت إلى أن أقصى عقوبة في القانون الحالي تصل إلى 7 سنوات فقط، فيما يمكن تغليظها لتصل إلى 15 عامًا على من يثبت ارتكابه الجريمة مع سبق الإصرار ولترصد أو أن تكون جريمته مقترنة بجناية أخرى كالقتل ولخطف أو الاغتصاب والقتل، مع الاعتراف في الوقت ذاته أنه طفل. وتابعت قائلة: «وفقًا لما كتبته الجرائد يبدو أن جريمة البنا توافر فيها الترصد والإصرار، ومن ثم هناك حاجة لمثل هذه التعديلات الممكن إجراؤها». وأنهت: «كلنا نتذكر قضية الطفلة زينة حيث كاد القاضي أن يبكي لكونه لا يستطيع توقيع عقوبة أقصى على القتلة وقتها». أما، المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، فقال إنه لا مانع من إجراء أية تعديلات على قانون الطفل، لا سيما أذا كانت هناك ضرورة لذلك، أو أن هناك مواد ونصوص تمنع من توقيع العقوبة المناسبة. وأوضح ل«المصريون»، أن ذلك لابد أن يتم وفقًا لما نص عليه الدستور والقانون، مشيرًا إلى ضرورة تقديم التعديلات المطلوبة لمجلس النواب لمناقشتها ثم التصويت عليها. وأكد أن هناك حاجة لتعديل قانون الطفل بعد هذه الواقعة، غير أنه شدد على أهمية التنسيق بين السن والجناية. من جانبه، قال أحمد فوزي، المحامي بالنقض، إن تقييد نص قانون عقوبات الطفل ببلوغه 18 عامًا، وإلا اعتبر ضمن «الأحداث» ليس في مصر فقط ولكن في أكثر من دولة. وأضاف أن قانون الطفل يمنع تنفيذ عقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة على راجح المتهم بقتل شهيد الشهامة، وكل من لا يتعدى سن 18 عاما. وأوضح، أن القاضي لا يحكم بعلمه الشخصي، ولكن بالأوراق، مؤكدًا أنه إذا وجد بين الأوراق ما يدين المتهم بقتل شهيد الشهامة محمود البنا، سيحكم عليه بأقصى عقوبة طبقًا لقانون الطفل، وهي السجن 15 عاما، على اعتبار أن القاتل لم يتجاوز خلال ارتكاب جريمة القتل 18 عامًا. إلى ذلك كشف البرلماني عبد الحميد الشيخ عن دائرة تلا بالمنوفية، عن مفاجأة جديدة في قضية الطالب محمود البنا، مؤكدًا أن جريمة قتل الشاب محمود في المنوفية جريمة في غاية البشاعة ولا يقبلها أحد، وأن هناك البعض يحاول أن يثير الرأي العام على الدولة المصرية. وأضاف، أن الشائعات المنتشرة على السوشيال ميديا في غاية الخطورة، خاصة أنها تنقل معلومات خاطئة من القنوات التي تحرض على الدولة المصرية. وأوضح: «والدة راجح القاتل لم تطلب من أم البنا التنازل عن القضية مقابل مليون جنيه»، محذرا من الاستماع إلى القنوات الارهابية التي تحاول تأجيج الرأي العام. وأشار إلى أنه لا يوجد تزوير أبدًا في تاريخ ميلاد راجح القاتل؛ منوهًا أن جد راجع لواء متقاعد وهو من سلمه للعدالة. وجاء في تحقيقات النيابة أن الأحداث بدأت حينما استاء المجني عليه من تصرفات المتهم تجاه ا?حدى الفتيات، فنشر كتابات عبر "ا?نستجرام" ا?ثارت غضب المتهم؛ فا?رسل الأخير ا?لى المجني عليه عبر برامج المحادثات رسائل التهديد والوعيد؛ ثم اتفق مع عصبة من ا?أصدقائه على قتله، و|أعدوا لذلك مطاوٍ وعبواتٍ تنفث مواد حارقة للعيون – مصنعة خصيصًا للدفاع عن النفس. وقالت التحقيقات إن الجناة اختاروا يوم الأربعاء التاسع من ا?كتوبر 2019 موعدًا لذلك، حيث تربص المتهمان محمد راجح وا?سلام عواد بالمجني عليه بموضع قرب شارع هندسة الري بمدينة تلا بمحافظة المنوفية، وما إن ابتعد المجني عليه عن تجمع لأصدقائه حتى تكالبا عليه، فا?مسكه الأول مشهرًا مطواة في وجهه ونفث الثاني على وجهه المادة الحارقة؛ وعلت ا?صواتهم حتى سمعها ا?صدقاء المجني عليه فهرعوا ا?ليه وخلصوه من بين أيديهم؛ ليركض محاولًا الهرب.