كمال حبيب استخدمت كلمة الرفض هنا كتعبير عميق للدلالة علي كراهة ومقاومة المسلم للمنكرات ، ولعل القراء يعلمون أن كراهية المنكر في القلب هي عنوان الإيمان ، وكل المسلمين يجتمعون علي كراهية المنكر كتعبير قلبي وفعل إيماني ، فالإيمان هو حب الخيرات وكراهية المنكرات ، وفي الأحاديث أن حد الإيمان هو كراهية المنكر كفعل قلبي " وليس وراء ذلك أدني حبة خردل من إيمان " . وطبيعة هذا الدين العظيم لا تعرف السلبية ولا الحياد إزاء الحق والباطل ، أو المنكر والمعروف ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سمة للجماعة المسلمة وللأمة المسلمة ، فأحد خصائصها هي رفض المنكر والنهي عنه ، والأمر بالمعروف والدعوة إليه . والناس حين يرون الناس وقد أهملوا في ترك الصلاة أو المواظبة عليها ، لا يفزعهم ذلك لأنهم يرون ذلك كل يوم ، فهم اعتادوا علي من يأتي بهذا المنكر وألفوه ، وتجد من لا يصلي وهو مقبول لا يشعر بالخزي أو العار من تعامل الناس معه بدون استنكار لجريمته أو لفت لنظره أو دعوته للإتيان بأهم فريضة عملية في الإسلام وهي الصلاة . أما الذين يفطرون في رمضان فتجد الإنكار عليهم عظيما ً وينظر الناس إليهم بدهشة واستنكار . لذا لا تجد مسلماً حتي لو كان مفطراً يجرؤ علي الجهر بإفطاره أبداً ، لأن عبادة ا لصيام تأتي كل عام مرة واحدة في شهر الصيام شهر رمضان ، ولذا الناس يستغربون جدا من يفطر فهم لم يعتادوا ذلك ولم يتعودوا عليه فكان إنكارهم له أشد وأعظم . هنا شهر رمضان فيه نوع من إحياء والتذكير بفريضة الأمر والنهي التي أهملها غالب المسلمين رغم أنها جزء من حياتهم ومن عملهم ، فعمل الدعوة والأمروالنهي هو أحد مهام المسلم التي تحمي المجتمع وتحميه هو نفسه وأهله من الجريمة وتنشر الفضيلة وروح الإيمان ، لذا دفاع المسلم الاجتماعي هودفاع طوعي وأهلي طبيعي ، فنحن أهل المجتمعات الطوعية والعمل الخيري وذلك مرتبط بإيماننا . ولكن المسلم اليوم يقول " مشي حالك " ولا يريد أن يدخل في عملية الأمر والنهي والدعوة والنصح والتذكير حتي لا يغضب منه المسلمون الآخرون . لا ، الصيام هي تعبير عن تأكيد معني الرفض للمنكرات والموبقات في كل العام وفي كل لحظة من حياة الإنسان المسلم ، هذا الدين سيبقي دائما طاقة خلاقة لحماية الحياة والإنسان وطاقة للاحتجاج والمدافعة والمرابطة ، فهو دين الجهاد ودين المصابرة والمدافعة . وأنت تري أصحاب المحلات التي تبيع المنكرات كالكازينوهات يغلقونها في رمضان ، وأصحاب المصالح والأعمال التي تتنافي مع الإسلامي يوقفونها في رمضان وتجد الموظف المرتشي أو في الجمارك أو في الضرائب أو غيرها من المصالح التي يشيع فيها الفساد يتوقف عن كل ذلك في رمضان . رمضان تعبير عن شيوع معني الرفض للمنكر وذيوع الأمر بالمعروف وانتشار أعمال الخيرات ، وكما قلنا من قبل فرمضان هو معبر أخلاقي نحو الخير في بقية العام ، ومن يعبد الله في رمضان ويخالفه في بقية العام فهو العلماني الذي عبر عنه القرآن بقوله " ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك مايعبد آباؤنا أو نفعل في أموالنا مانشاء " يعني الصلاة والعبادة تمتد لتنظم الواقع الاجتماعي وراءها أو تحدد أنواع التجارة الحلال والحرام ودوران رأس المال يجب أن يكون حرا من قواعد الدين ، فالإسلام أوضح لنا من القدم مفهوم العلمانية والإسلام . رمضان هو انتصار لمعني تأكيد الإسلام الشامل الذي يضبط الحياة بكل ضروبها ومناشطها ودروبها وتلاوينها " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين " [email protected]