قالت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أنه على الرغم من الصور المروعة والنتائج المميتة التي أسفرت عنها الإحتجاجات أمام القنصلية الأمريكية في بنغازي، إلا أن الإدارة الأمريكية أكثر قلقاً حيال الوضع في مصر. وأضافت أنه على الرغم من أن أعمال العنف في القاهرة لم تسفر عن مقتل أي مسؤول أمريكي، إلا أن الرد "الفاتر" من قبل الحكومة المصرية على الإعتداء أعطى المسؤولين القلقين في واشنطن من إتجاه حكومة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، سبباً آخر للقلق. وأشارت إلى أن الرئيس أوباما أجرى مكالمات هاتفية مع الرئيس المصري محمد مرسي ورئيس الجمعية الوطنية في ليبيا، غير أن البيت الأبيض بدا وأنه يشعر بحالة من عدم الرضا تجاه الرد المصري على العكس من الرد الليبي. واعتبرت الصحيفة أن خير دليل على ذلك هي تصريحات البيت الأبيض التي قال فيها أن الرئيس أوباما "أعرب عن امتنانه" للتعاون من جانب الحكومة الليبية في التصدي للهجوم المشين، ولكنه لم يعرب عن أي امتنان للرئيس مرسي. بالإضافة إلى البيان الذي أصدره البيت الأبيض والذي قال فيه أن الرئيس أوباما "أكد على أهمية حفاظ مصر على إلتزاماتها بالتعاون مع الولاياتالمتحدة في تأمين المنشآت الدبلوماسية الأمريكية وموظفيها". ولفتت الصحيفة إلى أنه على عكس السلطات الليبية التي أصدرت على الفور بيانا تعرب فيه عن أسفها على إراقة الدماء في بنغازي، فإن الرئيس المصري محمد مرسي استغرق 24 ساعة قبل ان يصدر ما وصفته بأنه "توبيخ خفيف" لمثيري الشعب عبر صفحته على الفيسبوك. وأشارت إلى التصريحات التلفزيونية الأخيرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما والتي قال فيها أنه لا يعتبر مصر حليفاً للولايات المتحدة ولكنه لا يعتبرها أيضاً عدو، معتبرة أن تلك التصريحات تعكس تطوراً جديداً في العلاقات المصرية الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن السفير السابق للولايات المتحدة في إسرائيل، مارتن انديك، قوله أنه من الناحية السياسية فإن مصر تمثل مشكلة أكبر للولايات المتحدة من ليبيا. وأضاف "من ناحية، لم يتعرض أي أمريكي للقتل، ولكن هذه هي المرة الرابعة التي يتم فيها الإعتداء على سفارة في القاهرة ولم تفعل الشرطة المصرية سوى القليل حيال ذلك". من جانبه يرى روبرت مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، أنه على المدى الطويل، فإن مشكلة ليبيا تخص الليبيين، وذلك على عكس مصر، فإن ما يحدث في مصر بدءاً من الموقف الشعبي تجاه الولاياتالمتحدة، إلى الإقتصاد المحلي، والعلاقة بين الاخوان المسلمين والجيش، والعلاقة بين القاهرة وتل أبيب، والوضع في سيناء فإنها جميعها أمور تؤثر على المنطقة، وبالتالي توثر على وضع أمريكا في المنطقة. وقالت الصحيفة أن ما يجعل البيت الأبيض منزعجاً تجاه الاتجاه غير الواضح لمصر هو أن الرئيس أوباما وقف إلى جانب الشارع العربي في القاهرة أكثر من مرة وأكثر من أي زعيم أجنبي آخر، حتى عندما كلفه ذلك السير عكس رغبة الحلفاء التقليديين لأمريكا بما في ذلك الجيش المصري ودول الخليج وإسرائيل. واضافت أن إندلاع إحتجاجات مناهضة للولايات المتحدة في مصر بعد الدور الذي لعبته الإدارة الأمريكية في الضغط على الجيش المصري لتسليم السلطة للحكومة المدنية المنتخبة ممثلة في الرئيس مرسي قد يعكس إبتعاد أحد أقوى حلفاء الولاياتالمتحدة عنها. أشارت إلى أن الأمر لا يقتصر على أحداث السفارة فقط، وأن رد الرئيس مرسي المتأخر جاء بعد سلسلة من القرارات التي أزعجت المسؤولين الأمريكيين بدءا من قراره بحضور قمة عدم الإنحياز في طهران إلى قراره بجعل رحلته الخارجية الأولى إلى الصين. واعتبرت الصحيفة أن أحداث العنف في مصر وليبيا تؤكد حقيقة أن الثورات العربية هي حركات شعبية تحركها قوى محلية وأن الولاياتالمتحدة لا تملك سوى تأثيراً محدوداً عليها. بدوره يرى دينيس روس، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط سابقا، أن الشارع الليبي موالي للولايات المتحدة، وأنه سيكون هناك رد فعل عنيف ضد المسؤولين عن هجمات بنغازي. وذلك على عكس مصر التي يرى روس أن الرئيس مرسي وجماعة الاخوان المسلمين فيها يعيشون وفقاً لواقعهم الخاص، وأنهم "إذا كانوا يرغبون في جذب أي قدر من الدعم الاقتصادي والاستثمار من الخارج فسينبغي عليهم خلق بيئة من الأمن".